} استغربت الإدارة الاميركية مطالبة الصين باعتذار رسمي على قصف سفارتها في بلغراد و"تقديم نتائج فورية" لتحقيق دقيق في الحادث، فيما تواصل الحصار الشعبي للسفارتين الاميركية والبريطانية في بكين ومدن اخرى. وقررت الحكومة الصينية خفض مستوى الزيارة التي سيقوم بها المستشار الالماني غيرهارد شرودر الى بكين، كما اعلنت تعليق المحادثات مع الاميركيين في مجال الحد من انتشار الاسلحة. وتوجه المبعوث الروسي فيكتور تشيرنوميردين الى بكين لتهدئة الازمة، في محاولة لاستعادة الدعم الصيني في مجلس الامن لحل ديبلوماسي بشأن كوسوفو. اعلن البيت الابيض امس الاثنين انه لا يفهم مطالبة الحكومة الصينية ب"اعتذارات رسمية" سبق وان صدرت و ب"تحقيق دقيق" هو حالياً قيد الاجراء حول قصف الاطلسي السفارة الصينية في بلغراد. وقال الناطق باسم مجلس الامن القومي الاميركي مايك هامر: "لا أعلم ماذا يعنون الصينيون باعتذارات رسمية، فالرئيس الاميركي بيل كلينتون والحلف الاطلسي، اعربا عن اسفهما وقدما تعازيهما لذوي الاشخاص الذين قتلوا". واضاف: "انهم يطالبون ايضا بتحقيق والحلف يدرس حاليا الحادث". وجاء ذلك في وقت طلب وزير الخارجية الصيني تانغ جياشوان من السفير الاميركي فى بكين جيمس ساسير "إعتذاراً صريحاً ورسمياً لحكومة الصين وشعبها ولاسر الضحايا" الذين قتلوا فى القصف. كما طلب انزال "عقاب شديد بالمسؤولين عن هذا الهجوم واجراء تحقيق كامل ودقيق تعلن نتائجه فوراً". وعكس الشارع الصيني مزاج حكومته، وتظاهر عشرات الالاف امام السفارة الاميركية المحاصرة في بكين لليوم الثالث على التوالي امس، فيما تم تعزيز انتشار قوات الشرطة تحسبا لحصول تجاوزات. وواصل المتظاهرون رشق السفارة بالحجارة ورددوا هتافات معادية للاطلسي واميركا وانتقدوا "الرياء في التعاطي مع قضايا حقوق الانسان". وبعد اجراءات أمنية مشددة صباحا، عمدت الشرطة بعد الظهر الى تخفيف القيود وسمحت بدخول عدد كبير من المتظاهرين الى محيط السفارة. زيارة شرودر وعلى صعيد آخر، افادت مصادر الحكومة الالمانية ان القمة الثانية للاتحاد الاوروبي والصين التي كان من المقرر عقدها في 13 الشهر الجاري في بكين، أرجئت الى موعد لاحق "نظراً الى الظروف". وقال مسؤولون ألمان ان المستشار غيرهارد شرودر سيقتصر مدة زيارته لبكين كما سيقتصر الموضوع الرئيسي للزيارة على أزمة كوسوفو. واشاروا الى تأجيل المحادثات الاقتصادية الواسعة. وأُبلغ المسؤولون الاقتصاديون ال33 الذين كان سيتشكل منهم الوفد المرافق للمستشار بالإرجاء. موسكو ويجري المبعوث الروسي فيكتور تشيرنوميردين محادثات في بكين اليوم محادثات تتناول مضاعفات ضرب السفارة الصينية في بلغراد وآفاق التسوية في البلقان، فيما تستعد موسكو لاستقبال الرئيس الفرنسي جاك شيراك ونائب وزيرة الخارجية الاميركية ستروب تالبوت. وتقرر تعديل جدول تحركات تشيرنوميردين الذي كان ينوي زيارة بلغراد ولندن وباريس بصورة مفاجئة بعد مكالمة هاتفية مطوّلة اجراها الرئيس الروسي بوريس يلتسن مع نظيره الصيني جيانغ زيمين. وذكر المكتب الصحافي للكرملين ان الزعيمين ناقشا "تفاقم الوضع بعد العمل الهمجي" الذي قام به حلف الاطلسي بقصفه السفارة الصينية . واكد ل"الحياة" مصدر قريب من وزارة الخارجية الروسية ان يلتسن اعرب عن رغبته في ان يكون وسيطاً يساهم في احتواء الازمة بين بكين وواشنطن، ولذا قرر ايفاد تشيرنوميردين الى العاصمة الصينية. وتابع المصدر ان في موسكو وجهتي نظر متناقضتين. فالكرملين يريد ان يثبت لواشنطن قدرته على "تهدئة" الصينيين، فيما يطمح جناح يقوده رئيس الوزراء يفغيني بريماكوف الى استغلال قصف السفارة لإحياء فكرة المحور الروسي - الصيني - الهندي. وبسبب مغادرته الى بكين ارجأ تشيرنوميردين زيارته الى بلغراد ولندن وباريس. وذكر انه تحدث هاتفياً الى الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش الذي "تفهّم بشكل صحيح" اسباب تأجيل الزيارة التي قال المبعوث الروسي انها ستتم "بعد ايام". وتخشى موسكو من ان يؤدي التوتر في العلاقات الصينية - الاميركية الى عرقلة اصدار قرار في مجلس الامن يعكف خبراء على اعداده في ضوء مبادئ وضعها وزراء خارجية الدول الصناعية السبع الكبرى وروسيا اثناء اجتماعهم في بون. فالصين التي لم تشارك في صوغ المبادئ المذكورة يمكن ان تستخدم الفيتو لإسقاط المشروع اذا لم تحصل على"ترضية" مقبولة عن حادث السفارة. وستكون مشكلة البلقان محوراً لمباحثات يجريها في موسكو اليوم ستروب تالبوت الذي ذكر انه سيصطحب فريقاً كبيراً من الخبراء للمشاركة في اعداد قرار مجلس الامن. وستتزامن زيارة تالبوت لموسكو مع تلك التي يقوم بها وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين الذي يتولى الاعداد لزيارة الرئيس جاك شيراك الى العاصمة الروسية غداً الاربعاء.