أثار زعيم حزب العمل رئيس الوزراء الاسرائيلي المنتخب ايهود باراك باعلانه بأن اسرائيل ستحتفظ بالسيطرة على القدس ولن تعود الى حدود 4 حزيران يونيو 1967 وستضم اليها الكتل الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية، غضب فلسطينيي الضفة والقطاع وسخطاً وخيبة أمل في اوساط الناخبين العرب في اسرائيل الذين صوتوا له بنسبة 94.8 في المئة في الانتخابات. واتفقت شخصيات فلسطينية في الضفة الغربية وأخرى من الوسط العربي الفلسطيني في اسرائيل في احاديث مع "الحياة" امس على رفض موقف باراك، وإن اختلفت التفسيرات والتوقعات بشأن احتمال تراجعه عن هذا الموقف المتشدد الذي يتطابق تماماً مع موقف حكومة بنيامين نتانياهو التي اعاقت المسيرة السلمية منذ تسلمها السلطة. ورد الأمين العام للرئاسة الفلسطينية الطيب عبدالرحيم على تصريحات باراك، قائلاً إن الدولة وعاصمتها القدس ستعلن قبل نهاية العام الحالي. وأضاف خلال حفلة افتتاح مدرسة الأوقاف الشرعية للبنين والتي نظمتها في مدينة غزة وزارة الأوقاف الفلسطينية، ان الأيام المقبلة "ستشهد مزيداً من تحرير أرضنا وتحقيق حقوقنا وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس قبل نهاية العام الحالي". وعلى الرغم من النبرة المتفائلة في الكلمة التي ألقاها عبدالرحيم نيابة عن الرئيس ياسر عرفات الذي حضر الحفلة، إلا أنه طالب الشعب الفلسطيني بعدم الاغراق في التفاؤل أو التشاؤم، قائلاً: "لا نريد الذهاب بعيداً في التفاؤل، ولا نبعد في التشاؤم". وأوضح عبدالرحيم ان الرئيس بيل كلينتون أبلغ عرفات بتفاؤله بإمكان "دفع عملية السلام في المستقبل القريب"، مؤكداً أن معظم زعماء العالم عبر عن التفاؤل ازاء إعادة عملية السلام إلى مسارها بعد جمود دام ثلاث سنوات. وقال السيد فيصل الحسيني المكلّف ملف القدس في السلطة الوطنية الفلسطينية ل"الحياة" ان "باراك يعرف على رغم لاءاته ان الحكومة العمالية السابقة برئاسة اسحق رابين ثم شمعون بيريز التزمت اجراء مفاوضات حول القدس، الشرقية والغربية، وليس بامكانه ان ينكر ذلك الالتزام او يتجاهله". وشدد على ان الموقف الفلسطيني من قضية القدس وبقية الأراضي الفلسطينية التي احتلت في حرب حزيران يونيو 1967 "ثابت يستند الى قرار مجلس الأمن 242 بما يتضمنه من عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة. وسنعمل من اجل انسحاب اسرائيلي كامل من الأراضي الفلسطينية، وأي تعديلات في الحدود يجب ان تكون طفيفة". وكرر ان موقف باراك لا يستند الى أي امر شرعي او قانوني وانه ينطلق من "شريعة القوة وحدها". وقال وزير الدولة الفلسطيني المكلّف الشؤون البرلمانية السيد نبيل عمرو ل"الحياة" ان باراك "يحتاج الى تذكير بأن قضايا القدس، والسيادة واللاجئين والحدود والمياه كلها قضايا تخضع للمفاوضات على الحل الدائم، وهي ليست محسومة، وهذا متفق عليه في اعلان المبادئ اوسلو الذي اقرته الكنيست الاسرائيلية". وعن اعلان باراك ان أي اتفاق على الوضع النهائي مع الفلسطينيين سيعرض في استفتاء على الشعب الاسرائيلي قال: "لسنا معنيين بأي ابتكارات يأتي بها للتعامل مع الوضع الداخلي الاسرائيلي. اننا نتمسك بالاتفاقات وبالقرار 242 وبقية قرارات الشرعية الدولية، وما قاله باراك غير ملزم لنا". وكان الزعيم الروحي ل"حركة المقاومة الاسلامية" حماس الشيخ احمد ياسين اصدر بياناً قال فيه ان انتخاب باراك لن يغير شيئاً "وهو في الخارطة السياسية على يمين حزب العمل وأحد الصقور المتطرفين... وماضيه ملطخ بدماء شعبنا". اما في الوسط العربي الفلسطيني في اسرائيل فقال السيد عبدالمالك دهامشة الذي انتخب عضواً في الكنيست على رأس القائمة العربية الموحدة 5 مقاعد ل"الحياة" ان "شروط باراك مرفوضة جملة وتفصيلاً، وتشكل خيبة أمل اذا كانت نهائية. لقد صوّت له الناخبون الفلسطينيون في اسرائيل لأنه وعد بمواصلة مسيرة رابين وسيسير بعكس توجهات نتانياهو وسياساته". وأضاف: "اذا اردنا التفاؤل فاننا نعتبر ما قاله نقطة بداية في المفاوضات يعرض فيها اقل ما يمكن. والخيار امامه هو إما احقاق المساواة للأقلية العربية والمضي في عملية السلام وفق نهج رابين، واما اتباع طريق نتانياهو. ان الجمهور سيحكم عليه والانتخابات ليست بعيدة". وقال انه لا يعتقد بأن لاءات باراك نهائية "وقد اكد لنا انه سيعمل على تحقيق المساواة للأقلية العربية والسلام مع الدول المجاورة". وكان محمد بركة رئيس قائمة الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة مداش قال ل"الحياة" بعد اعلان باراك لاءاته ان الصوت العربي في اسرائيل "كان حاسم الأثر في اسقاط نتانياهو، وعلينا الآن ان نواجه باراك من اجل ضمان حصول تقدم حقيقي على جبهتي السلام مع الشعب الفلسطيني والدول المجاورة وتحقيق المساواة للجماهير الفلسطينية في اسرائيل".