ثمة امور في حاضرنا لا يمكن القيام بها بمعزل عن استخدام وسائل التقنية ومنتجاتها. فحياتنا المعاصرة باتت تئن تحت وطأة السرعة ما جعلنا نستسلم، قسراً، ونرتمي الى حدّ في احضان التقنية لقضاء شؤوننا الحياتية. فهل من غنى عن السيارة، الهاتف ثابته، ومتحركه، التلفاز، مكيّف الهواء، الحاسب وما الى ذلك من اختراعات تقنية بدأنا وكأننا لا نستطيع العيش من دونها، ولا نجافي الواقع في وصف حاضرنا بأنه زمن سطوة التقنية …. وليس من المبالغة القول ان التقنيات الحديثة تسعى الى الغاء عامل الزمن من حسابات المسافة بل ان علاقة الزمان بالمكان تكاد تنتفي مع تطور التقنية. وهكذا طغت حيال هذا الوضع اسئلة عن ماذا يحمله المستقبل من اسرار تقنية ربما لا نقوى آنذاك على تحمّل تبعاتها، خصوصاً بعد صرعات التقنية في التسعينات التي كان مطلعها احتفاء بالفضائيات واوسطها استقبالاً للهاتف الجوال وقبل انقضائها اكتشاف "صفعة" الانترنت، ويا لها من صفعة جميلة وحانية في آن واحد. لعلنا لم نستوعب بعد تحولات التسعينات، بل لم نستطع حتى اللحظة كشف اثر التقنية على انماط معيشتنا وسلوكياتنا. اذ يبدو اننا بحاجة الى سنوات عدة قبل هذا الاستيعاب والفهم. فرصد المتغيرات ذات الصلة بالبشر امر في غاية الصعوبة وان كان يبدو في ظاهره ممكناً و ميسراً. ولعلي لا اقع في دائرة الوهم حين اقول بأن علماء الاجتماع الذين تزخر بهم جامعاتنا قد شمّروا عن سواعد البحث العلمي الرصين في رصد اثر ظواهر التقنية الحديثة علينا كمجتمع؟ ففي تقديري ان عقداً من الزمن على الاقل سيكون كافياً لهذا الرصد. فلننتظر فان الغد لناظره ليس ببعيد. ألستم معي في ذلك؟ الرياض - علي بن سعيد الغامدي كلية الهندسة، جامعة الملك سعود