خصص الرئيس الايراني محمد خاتمي معظم ساعات اليوم الثاني من زيارته الى دمشق لعقد لقاءات منفردة وجماعية مع قادة المعارضة الفلسطينية التي تتخذ دمشق مقراً لها، قبل ان يستأنف مع الرئيس حافظ الاسد البحث في المسائل الاقليمية والدولية والعلاقات الثنائىة. وقال الناطق الرئاسي السوري السيد جبران كورية ان الاسد وخاتمي بحثا في "التحركات المعادية للعرب والمسلمين والاخطار المتأتية عنها" وأشكال "التعاون المشترك الكفيل بالتصدي الناجح" لها. ونقلت مصادر ديبلوماسية مطلعة عن خاتمي قوله ان "سورية وايران تتعرضان لحصار وهما مستهدفتان من التحركات الاقليمية"، مشيرة الى "التحالف التركي - الاسرائىلي والتحركات الاميركية في شأن العراق". وزاد الرئيس الايراني ان "الزمن ليس لمصلحتهم" في اشارة الى "المشروع الاميركي في المنطقة"، داعياً "القوى الفلسطينية الى توحيد صفوفها ضد الكيان الصهيوني مسترشدة بنا عندما وحدنا صفوفنا ضد شاه ايران عدونا الاول قبل قيام الثورة الاسلامية". واعربت واشنطن عن قلقها من اجتماعات خاتمي مع قادة "منظمات ارهابية". ونسب الى الرئيس الايراني دعوته "الذين اختاروا طريق المفاوضات" مع اسرائيل الى "استخلاص العبر والنتائج"، في انتقاد ضمني للرئيس ياسر عرفات. وأعرب عن اعتقاده ان "المستقبل سيكون في مصلحة شعب فلسطين والمقاومة الفلسطينية ومعارضي السلطة"، الذين جدد مساندتهم. وأبلغت مصادر ايرانية موثوق بها "الحياة" ان الوفد الايراني الذي يضم محافظ البنك المركزي محسن نوربخش طرح خلال المحادثات مع الجانب السوري ملف الديون السورية المستحقة لطهران، والتي تقدر بمئات الملايين من الدولارات، لكن خاتمي اغلق الملف مشدداً على ان هذا الموضوع "ثانوي يمكن بحثه بتروٍ في المستقبل". وفي لفتة الى "خصوصية العلاقة" بين ايران وبعض فصائل المعارضة الفلسطينية، بدأ الرئيس خاتمي يومه امس بلقاء منفرد مع وفد من "حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين" بزعامة الدكتور رمضان عبدالله شلّح، تلاه لقاءٌ آخر مع وفد من "حركة المقاومة الاسلامية" حماس ضم رئيس المكتب السياسي لحركة خالد مشعل وسلفه الدكتور موسى ابو مرزوق، وعضو المكتب المهندس عماد العلمي وممثل "حماس" في بيروت اسامة ابو حمدان، وعقد لقاء ثالث مع الأمين العام ل"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة" احمد جبريل، قبل ان يعقد الرئيس الايراني اجتماعاً موسعاً ضم قادة المنظمات الممثلة في اللجنة العليا للمتابعة، باستثناء الأمين العام ل"الجبهة الديمقراطية" نايف حواتمة. وقالت مصادر ايرانية ل"الحياة" ان حواتمة "لم يُدعَ لأنه فُصل من لجنة المتابعة بعد مصافحته الرئيس الاسرائيلي عازر وايزمان" في شباط فبراير الماضي. واوضحت مصادر المجتمعين ل"الحياة" ان خاتمي "سأل قادة المعارضة عن تصوراتهم لتطورات الوضع الفلسطيني بعد الانتخابات الاسرائىلية، واحتمالات فوز زعيم حزب العمل ايهود باراك، واثر ذلك في مستقبل التسوية في الشرق الاوسط". وذكرت ان بعض المجتمعين "حذر من نتائج فوز باراك واحتمال قيامه بفصل المسارين السوري واللبناني". وكان متوقعاً ان يبحث الرئيس الايراني في "احتمال انسحاب اسرائىل من الجنوباللبناني بعد الانتخابات، بصرف النظر عن نتيجتها" وذلك خلال استقباله وفداً من "حزب الله" برئاسة الأمين العام السيد حسن نصرالله، ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وشخصيات لبنانية دينية. "تحالف عربي اسلامي" وعن لقائه قادة المعارضة الفلسطينية في حضور رئيس "جبهة الانقاذ الوطني الفلسطيني" السيد خالد الفاهوم، قال الدكتور ماهر الطاهر الناطق باسم "الجبهة الشعبية" بزعامة جورج حبش، ان خاتمي "وجه الدعوة الى الامناء العامين لزيارة طهران وعقد اجتماعات فيها" بعدما "نوه بالكفاح الفلسطيني البطولي" و"جدد دعم ايران" المعارضة الفلسطينية، داعياً "الذين اختاروا طريق المفاوضات الى استخلاص العبر والنتائج" في اشارة الى الرئيس ياسر عرفات. وصرح شلّح الى "الحياة" بأنه دعا خلال لقائه خاتمي الى "اقامة تحالف اسلامي - عربي في مواجهة الحلف التركي - الاسرائىلي"، قائلاً: "كما لا حرب من دون مصر ولا سلام من دون سورية، لا صمود من دون ايران". ورأى ان "الرهان على اي تغيير في السياسة الصهيونية بناء على التطورات السياسية في ضوء نتائج الانتخابات رهان خاسر". ولفت شلّح الى قول الرئيس الايراني: "نرفض اي تسوية لاتعيد الى الشعب الفلسطيني كامل حقوقه في وطنه فلسطين". وأبلغت مصادر ديبلوماسية ايرانية "الحياة" ان خاتمي "جدد تأكيد مواقف ايران المبدئية واقتناعها بأن اسرائىل لا تريد السلام بعدما صار كل العالم متأكداً من ذلك". الى ذلك قال وزير الخارجية الايراني كمال خرازي ان "المقاومة الاسلامية في لبنان هي الخيار الوحيد ضد الاحتلال الصهيوني، وهي مبعث فخر جميع العرب والمسلمين". ورداً على سؤال ل"الحياة" عما اذا كان لقاء وفد "حماس" خاتمي تناول تنسيقاً ثلاثياً بين ايران والحركة و"حزب الله"، قال خالد مشعل: "هذه النقطة لم تطرح، لكن ثمة تناغماً كاملاً بين حالتي المقاومة في فلسطين وفي جنوبلبنان، والتنسيق في هذه الحالة وارد، وهذا قاسم مشترك في وجهات النظر". واشنطن في واشنطن اعلن مساعد وزيرة الخارجية الاميركية مارتن انديك ان ادارة الرئيس بيل كلينتون قلقة من الاجتماعات التي عقدها خاتمي في دمشق مع المنظمات الفلسطينية المعارضة. وقال في مؤتمر صحافي ان هذه الاجتماعات "تشكل مصدر قلق لنا" خصوصاً انها "تتناقض مع تصريحاته السابقة القوية ضد الارهاب بما في ذلك الارهاب الموجه ضد اسرائيل". وزاد انديك ان واشنطن ترى ان اجتماعات خاتمي ترسل اشارة "تسبب لنا مصدر قلق شديد" خصوصاً انها جرت مع "منظمات ارهابية" مثل "الجهاد الاسلامي" المسؤولة عن التفجير الكبير في اسرائيل بعد التوقيع على اتفاق واي ريفر. وتساءل ما هو المطلوب ان تفهمه واشنطن من اجتماعات خاتمي، وهل المطلوب ان يُفهم ان ايران تعارض بشدة عملية السلام. وأوضح ان واشنطن لا تزال تنتظر رداً ايرانياً على مبادرتها الخاصة بانفتاح على طهران.