} حجب الثقة عن رئيس الدولة وإقالة الحكومة وحل البرلمان، ثلاثة براكين غدت جاهزة للانفجار في روسيا هذا الاسبوع، بعدما حدد مجلس الدوما غداً الخميس، موعداً لبدء النظر في لائحة الاتهامات الموجهة الى الرئيس بوريس يلتسن. قرر المجلس النيابي الدوما الروسي أمس الثلثاء عقد ثلاث جلسات تستمر كل واحدة منها عشر ساعات اعتباراً من غد الخميس وعلى مدى ثلاثة أيام لمناقشة الاتهامات الموجهة الى الرئيس بوريس يلتسن، على ان يجرى يوم السبت المقبل اقتراع على قرار حجب الثقة عنه. وسيتحدث في مجلس الدوما اعضاء اللجنة الخاصة التي أعدت لائحة الاتهام وخبراء وشهود من الجانبين، إلا ان ممثل رئيس الدولة في البرلمان الكسندر كوتنكوف أكد ان يلتسن لن يحضر شخصياً الجلسات التي سيطلب النواب نقلها مباشرة عبر أقنية التلفزيون الرسمي. ووجهت الى الرئيس خمسة اتهامات هي: 1- هدم الاتحاد السوفياتي. 2- تعطيل الدستور وقصف البرلمان عام 1993. 3- اشعال الحرب الشيشانية. 4- اضعاف الجيش والقدرة الدفاعية. 5- الإبادة الجماعية للشعب باتباع تغييرات أدت الى انهيار الاقتصاد ونهب ثروات الدولة. ويقتضي صدور القرار ان يصوت لمصحلته ثلثا أعضاء المجلس أي 300 من أصل 450 نائباً. وللكتل اليسارية الثلاث: الشيوعيون والزراعيون و"سلطة الشعب" 211 صوتاً وانضم 45 نائباً من المستقلين واعضاء كتلة "الأقاليم" الى المطالبين بحجب الثقة. ولذا سيكون لكتلة "يابلوكو" الإصلاحية المعتدلة التي تملك 45 صوتاً رأي حاسم. وأعلن زعيمها غريغوري يافلينسكي أنها ستصوت لمصلحة بند واحد من لائحة الاتهام وتعتبر يلتسن مذنباً في اشعال الحرب الشيشانية. ومن الناحية الدستورية، يعد اقتراع 300 نائب على أي من البنود كافياً لإصدار قرار حجب الثقة الذي لا يكتسب الشرعية الا بعد عرضه على المحكمتين العليا والدستورية وحصوله على تأييد أكثر من ثلثي اعضاء مجلس الفيديرالية الهيئة العليا للبرلمان. ويجمع المحللون على ان القرار سوف "يتعطل" في واحدة من المراحل الثلاث، إلا ان صدوره عن مجلس الدوما يشكل ضربة سياسية كبرى ليلتسن. ولذا يرى غالبية الساسة ان رئيس الدولة يمكن ان يقوم ب"ضربة احترازية" تتمثل في اقالة حكومة يفغيني بريماكوف أو احراج رئيسها بإعفاء نائبه الأول يوري ماسليوكوف شيوعي أو نائب رئيس الوزراء غينادي كوليك الحزب الزراعي. وكان بريماكوف هدد بالاستقالة في حال إقصاء أي من الرجلين اللذين يؤمنان له دعم البرلمان. وفي المقابل، هدد الزعيم الشيوعي غينادي زيوغانوف بتحريك الشارع في حال قرر الكرملين إقالة الوزارة الحالية. وإذا قرر الكرملين ابعاد بريماكوف فإن رئاسة الحكومة يمكن ان تسند الى نائبه الأول وزير الداخلية سيرغي ستيباشين الذي يعد "رجل المهمات الصعبة" وكان أحد قادة العمليات اثناء الحرب الشيشانية. وبثت وكالات الانباء الروسية امس ان يلتسن قد يعين لرئاسة الحكومة وزير المواصلات الحالي نيكولاي اكسيوتينكو وهو من المقربين الى الثري اليهودي بوريس بيريزوفسكي الذي عاد الى لعب دور مهم من وراء الكواليس رغم انه يواجه اتهامات بالتورط في فضائح مالية كبرى. ولم يستبعد ترشيح فيكتور تشيرنوميردين الذي كان تعيينه مبعوثاً خاصاً لشؤون البلقان يعني اسقاط أهم ملفات السياسة الخارجية من يد رئيس الحكومة. إلا أن أياً من هذه الأسماء لن يحظى بموافقة مجلس الدوما. وفي حال رفض المجلس ثلاث مرات المصادقة على تعيين رئيس الوزراء فإن رئيس الدولة يصدر، بموجب الدستور، قراراً بحله. ولكن بنداً دستورياً آخر يمنع يلتسن من حل البرلمان لمدة ثلاثة اشهر تبدأ من لحظة اقتراع 300 نائب لمصلحة حجب الثقة عن الرئىس. وتوقع نائب رئيس الوزراء السابق الكسندر شوفين ان يتجاوز يلتسن هذه الاشكالية الدستورية بإصداره قراراً ب"تجميد" البرلمان أو إغلاق مقره موقتاً تحت أي ذريعة. وتحسباً لمثل هذا الاحتمال أعلن رئيس الدوما غينادي سيليزنيوف ان حراسة مشددة ستفرض على مقر البرلمان. وذكر ان اعضاءه لن يغادروا المبنى حتى اذا أعلن ان في داخله "قنبلة" وطلب اخلاؤه للتفتيش عنها. ومن المؤكد ان القنبلة السياسية جاهزة للانفجار في روسيا التي لم تعد تولي اهتماماً كبيراً للقنابل الحقيقية المتفجرة في البلقان.