6 توصيات لتعزيز الهوية الثقافية ودعم الاستثمار في تعليم اللغة العربية محلياً و دولياً    ترامب: على إسرائيل ضرب المنشآت النووية الإيرانية    إسرائيل تقصف الضاحية.. مصير خليفة نصر الله غامض    هل أوقف الاتحاد الدولي المُلاكمة الجزائرية إيمان خليف وجردها من ألقابها ؟    الفتح يختتم تحضيراته لمواجهة التعاون    في مباراة الفريق أمام الرياض .. القادسية يحتفي بوزير الإعلام "الدوسري"    عبدالعزيز بن سلمان يشارك في اجتماعات مجموعة العمل الخاصة بالتحولات في مجال الطاقة    الهيئة السعودية للسياحة تطلق تقويم فعاليات «شتاء السعودية»    محافظ الطائف يعزي أسرة الحميدي في فقيدهم    جمعية الأدب تعتمد 80 سفيراً في 30 مدينة    الخليج يعبر الخلود بهدف في دوري روشن السعودي للمحترفين    ميندي يوجه رسالة لجماهير الأهلي    مدرب القادسية يُفسر الخسارة أمام الرياض    الشباب يتعرض للخسارة أمام ضمك    مسؤولون وأعيان يواسون أسرتي القاضي وآغا في فقيدتهم    الجيش الأميركي يعلن قصف 15 هدفا للحوثيين في اليمن    تعليم مكة : 1485 مدرسة تحتفي بأكثر من 30 ألف معلم ومعلمة في يوم المعلم    الأمير محمد بن سلمان.. وفن تحديد الأهداف    لوحة «ص ق ر 2024» لمركبة «المرور» تلفت أنظار زوار «الداخلية» في معرض الصقور والصيد    القبض على (4) يمنيين في جازان لتهريبهم (120) كجم "قات"    الجيش الإسرائيلي يستعد لتوسيع عملياته البرية في جنوب لبنان    رصد طائر «سمنة الصخور الزرقاء» في الحدود الشمالية    انطلاق حملة الحي يحييك للاحياء السكنية بالمنطقة الشرقية    تعرف على غيابات الأهلي عن الكلاسيكو أمام الهلال    ب 3 مناطق.. مركز «911» يتلقى 98 ألف مكالمة خلال 24 ساعة    تجمع الرياض الصحي الأول يكرم 14 استشارياً    إمام المسجد النبوي: آية ((إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ )) تحمل في طياتها معاني عميقة    القوات الجوية الملكية السعودية تشارك في تمرين «درع السِند 2024» في باكستان    وفاة 866 شخصًا بمرض جدري القردة في أفريقيا    "الصحة العالمية"تستعدّ للقيام بالجولة الثانية لتلقيح أطفال غزة ضدّ شلل الأطفال    أثر الشخصية واللغة والأمكنة في رواية «الصريم» لأحمد السماري    لماذا تحترق الأسواق؟    أحلام على قارعة الطريق!    «زلزال الضاحية».. ومصير حزب الله    غريبٌ.. كأنّي أنا..!    ذكورية النقد وأنثوية الحكاية.. جدل قديم يتجدّد    إنجاز في ملف «البطالة»    الشاهي للنساء!    درجات أم دركات معرفية؟    معالي وزير العدل    كتب الأندية الأدبية تفتقر إلى الرواج لضعف التسويق    محافظ الطائف يلتقي مدير جمعية الثقافة والفنون    اختتام مشاركة الهلال الأحمر في المعرض التفاعلي الأول للتصلب    مدير تعليم الطائف يطلق مبادرة غراس لتعزيز السلوك الصحي    90 مبادرة لأمانة الطائف تعزز الوعي البيئي وتدعم الاستدامة الخضراء    أمانة الطائف توقع عقد إنشاء مشروع (قبة الفراشات) بمساحة ٣٣ ألف م٢    الأمير سعود بن نهار يعزي أسرة الحميدي    الجدعان يترأس وفد المملكة في الاجتماع ال122 للجنة التعاون المالي والاقتصادي    2238 مصابا بالناعور في 2023    تعيين عدد من الأئمة في الحرمين الشريفين    أول فريق نسائي من مفتشي البيئة في المملكة يتمم الدورية رقم 5 آلاف في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    بدء الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين لبحث التحرك العربي للتضامن مع لبنان    نيابة عن ولي العهد.. وزير الخارجية يشارك في القمة الثالثة لحوار التعاون الآسيوي    خادم الحرمين يهنئ رئيس غينيا بذكرى الاستقلال ويعزي رئيس نيبال في ضحايا الفيضانات    تثمين المواقع    مملكة العز والإباء في عامها الرابع والتسعين    وزير الداخلية يعزي ذوي شهيد الواجب أكرم الجهني    مفتي عام المملكة يستقبل مفوّض الإفتاء بمنطقة جازان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكد في حديث شامل الى "الحياة" تأييده تأجيل إعلان الدولة وأمل في قيادات إسرائيلية تعمل على دفع السلام الملك عبدالله : الإصلاح الإقتصادي والديموقراطي أبرز التحديات أمن الخليج من أمن الأردن ... وفي سورية رؤية تحديثية عصرية
نشر في الحياة يوم 12 - 05 - 1999

شدد الملك عبدالله بن الحسين على أن "عملية الإصلاح الإقتصادي والديموقراطي هي أبرز التحديات في المرحلة القادمة"، وأن الحكومة "بصدد اتخاذ خطوات في اتجاه تعديلات على قانوني الانتخاب والمطبوعات بهدف تعزيز المسيرة الديموقراطية"، إلى جانب مواصلة برنامج إعادة هيكلة الإقتصاد الوطني.
وأعلن في حديث شامل مع "الحياة"، أن "أمن الأشقاء في الخليج هو من أمن الأردن والعكس بالعكس". وأعرب عن اعتقاده "بأننا فتحنا صفحة جديدة في العلاقات" مع سورية و"هناك رؤية مشتركة لسبل إعادة هيكلة العلاقات الثنائية من خلال نظرة جديدة متجددة للأوضاع في المنطقة". وقال إنه شعر بتغيير كبير في سورية مسجلاً رغبتها "الأكيدة في استئناف المفاوضات طالما أن المرجعية التي تحكم ذلك هي قرارات الشرعية الدولية". وأكد أعجابه بالدكتور بشار الأسد مشيراً إلى "رؤية تحديثية عصرية تتطلع إلى المستقبل".
وأيد العاهل الأردني الذي يزور لندن هذه الأيام، قرار القيادة الفلسطينية تأجيل إعلان الدولة. وأوضح أن ليس للأردن "تصور مسبق لصيغة أو إطار محدد للعلاقة المستقبلية" مع الفلسطينيين، مشيراً إلى "أن الكونفدرالية هي إحدى الصيغ المقترحة ضمن أفكار أخرى". وأعرب عن أمله في "أن تفرز الانتخابات الإسرائيلية قيادات تعمل على دفع عملية السلام في كل مساراتها". وتناول الوضع في العراق، نافياً وجود أي دور سياسي أو عسكري لبلاده في إحداث تغيير في العراق، لكنه قال: "نريد ان نرى نهاية لمعاناة الشعب العراقي من منطلق انساني وقومي". وهنا نص الحوار:
هل كنتم مستعدين فعلاً لخلافة والدكم المغفور له الملك حسين، ام انكم فوجئتم باختياره اياكم ولياً للعهد قبل أيام من غيابه؟ وما صحة التكهنات انكم تمثلون مرحلة انتقالية قد لا تتعدى بضع سنوات؟
- قرار والدي جلالة الملك، رحمه الله، اختياري خليفة له جاء بعد فترة طويلة من المراجعة للمسيرة الوطنية التي بدأها في العام 1992، عندما اكتشف للمرة الأولى انه مصاب بمرض السرطان. لم يكن اي منا يعرف ما في قرارة نفس جلالته طوال الفترة التي سبقت القرار الى ان حسم الامر قبل فترة قصيرة من انتقاله الى رحمته. الا اننا جميعاً كنا نعرف ان مسألة الخلافة كانت دائماً مرهونة باختيار من هو الأفضل والأنسب لمستقبل المملكة شعباً وكياناً. اذ كان جلالته اعطى اشارات في السنوات الاخيرة الى انه يعيد النظر في مسألة الخلافة لاعتبارات عدة كان من بينها ما اوضحه في الرسالة التي اعلن فيها قراره. وعندما اتخذ الخطوة التي جاءت منسجمة مع الأصل الدستوري الذي ينص على ان يخلف الملك اكبر ابنائه، كان واضحاً انه يضع مصلحة الشعب والوطن ومستقبلهما امام كل الاعتبارات الاخرى، فضلاً عن ان القرار جاء منسجماً مع الدستور. وإن كان صحيحاً ان وفاة والدي فاجأتنا جميعاً كونها جاءت قبل اوانها، الا اننا في العائلة كنا دوماً مستعدين لتحمل اية مسؤوليات تلقى على عاتقنا تحت كل الظروف والاحوال.
اما التكهنات بأننا نمثل مرحلة انتقالية، فهو كلام صحيح من حيث ان كل حكم في العالم هو انتقالي بطبيعته، ولا بد لنا من ان نسلم الراية عندما تحين الساعة. والاعمار بيد الله. اما التكهن بوجود فترة زمنية محددة بسنوات زادت او نقصت فهو امر لا يعلمه الا الله. كل ما نستطيع ان نؤكده اليوم هو انني ملك المملكة الأردنية الهاشمية، وان شقيقي سمو الأمير حمزة بن الحسين هو ولي العهد. والحكم الهاشمي الذي يستند الى شرعية تاريخية ودستورية وشعبية لم يكن ولن يكون في يوم من الأيام حقل تجارب، كما انه ليس شركة تجارية تخضع لحسابات من هذا النوع.
هل تنوون احياء مجلس العائلة لتسترشدوا به في قراراتكم، ام ان الوقت غير ملائم بسبب ما رافق تنحية عمكم الأمير الحسن من ولاية العهد؟ وهل يبقى الدستور المرجع الوحيد في مسألة الخلافة على العرش ام هل هناك تحديات لشرعيتكم الدستورية؟
- مجلس العائلة قائم ونحن نسترشد به دائماً في القرارات التي تخص العائلة. وقد لا نعلن انعقاد المجلس بصورة رسمية، الا ان المجلس دائم الانعقاد على صعيد المشاورات المتواصلة بين افراد العائلة. اما الدستور، فكان دوماً وسيظل المرجعية الأولى في كل ما يخص شؤون الدولة، ولا يوجد خلاف على ذلك. اما التحديات، فنحن مستعدون للتعامل معها اينما وجدت. والتحديات هي من طبيعة الامور وجزء لا يتجزأ من مسيرة أي حكم.
تردد ان والدكم - رحمه الله - ترك لكم وصية مكتوبة حدد فيها خطواتكم الأولى في الحكم. ما مدى صحة ذلك؟
- كان جلالته رجلاً عظيماً ترك لي اكثر بكثير من مجرد وصايا مكتوبة. فأنا اعتبر كل ما تعلمته من والدي وكل ما وجهني فيه واليه بمثابة وصايا اصرّ على تنفيذها بأفضل صورة وعلى أحسن وجه ممكن.
ما هو تصوركم لدور ولي العهد الأمير حمزة في شؤون الحكم؟ وهل ستسند مسؤوليات تنفيذية رسمية الى بقية أفراد العائلة في المستقبل؟
- ولي العهد هو الاحتياط للعرش واليد اليمنى للملك، وهو من يهيأ اليوم ليقوم بمسؤوليات ستلقى على عاتقه في المستقبل. اما اشقائي وأبناء عمومتي الأمراء والاميرات، فانهم السند لنا جميعاً في كل ما نقوم به في خدمة هذا الوطن. وليس هناك فرد في العائلة لا يقوم من موقعه بدور في خدمة الوطن والمواطن، وهو الهدف الأول والأخير للحكم الهاشمي.
الحكومة والديوان
ما هي المعايير التي حكمت اختيار جلالتكم لرئيس أول حكومة في عهدكم ولرئيس ديوانكم؟ وما هي الظروف التي املت هذا الاختيار؟ وهل يمكن تسمية هذه المرحلة انتقالية في بداية حكمكم؟
- اختيارنا للشخصيات القيادية في الدولة املته متطلبات المرحلة والظروف الموضوعية التي سادت قبل اعتلائنا العرش وبعده. وقد تكون معرفتنا الشخصية بقدرات وامكانات كل من رئيس الوزراء ورئيس الديوان على صعيد خدمة الوطن مسألة لعبت دوراً اساسياً في اختيارهما، كما هي الحال بالنسبة الى أي حكم يتلمس مصلحة الوطن والمواطن. اما في ما يخص مسألة الانتقالية، فكل مرحلة يمكن اعتبارها انتقالية، لأنه لا مكان للجمود في هذا العالم. لكننا لا نؤمن بالتغيير من اجل التغيير، بل نعتبر ان التغيير يجب ان يخدم الاهداف الاستراتيجية للحكم التي تستهدف اولاً وأخيراً خدمة هذا الوطن العزيز على قلوبنا جميعاً.
هل انتم مرتاحون الى أداء حكومتكم بعد شهرين من تأليفها؟ وما هي الخطوات التي تتوقعون منها انجازها؟
- نحن متفائلون بقدرة الحكومة على اداء واجباتها على احسن وجه ممكن، وهي تتمتع بثقتنا ودعمنا. اما الارتياح فهو ما نأمل ان تحققه هذه الحكومة للمواطن الذي يعاني الكثير بسبب الضائقة الاقتصادية التي نعيشها اليوم وما يترتب عليها من ظروف صعبة وتداعيات اجتماعية وإنسانية نسعى الى التخفيف من حدتها تمهيداً لخلق ظروف افضل في المستقبل. فالحكومة مسؤولة في الدرجة الأولى عن تنفيذ ما هو مطلوب ومتوقع منها على صعيد الاصلاحات الاقتصادية سواء ما يخص منها معالجة التشوهات الادارية ورفع الكفاءة ومكافحة الفساد والاسراع في برنامج الخصخصة ومواجهة تحديات تزايد نسبة البطالة، او على صعيد الاصلاحات الديموقراطية التي تشعر المواطن بأنه شريك وليس متفرجاً على عملية البناء والنهوض بالمجتمع الى وضع أفضل.
هل تشعرون بأن المملكة الرابعة ثبتت اقدامها - بعد مئة يوم على قيامها - في ضوء ما اتخذتم من خطوات على مستوى العائلة والحكومة، وفي ضوء جولتكم العربية؟
- استقرار المملكة الرابعة هو من استقرار المملكة الثالثة. وعندما تحملنا مسؤولياتنا لم تكن المملكة في حال عدم استقرار حتى نقول بأننا استعدنا الاستقرار. فالمؤسسات التي بناها جلالته، رحمه الله، كانت وستظل اقوى بكثير مما يعتقد بعض الناس. وان كانت هناك مخاوف لدى بعض الناس ان تستغل جهات معينة مرحلة انتقال السلطة لخلق بلبلة في حينه، فإن المخاوف تبددت سريعاً بتماسك مؤسسات الدولة وتماسك الأردنيين من شتى المنابت والأصول ومن مختلف المشارب السياسية. ويستطيع كل اردني ان يفخر بما تم انجازه، ولعله يكون دافعاً الى مزيد من البناء على أسس صلبة ومتينة.
أما الأشقاء العرب، سواء من تسنى لي زيارتهم أو من سأزورهم قريباً، فإن ما قدموه من دعم وتضامن يعبر حقيقة عن اجمل ما في شخصية العربي من شهامة ونخوة وكرم لن أنساه ما حييت. وإن كان الاشقاء سنداً لنا في المحن، فإننا سنكون سنداً لهم في كل الظروف والأوقات.
الإصلاح أبرز التحديات
ما هي، في رأيكم، أبرز التحديات التي لا تزال تواجهكم على المستوى الداخلي، سياسياً، واقتصادياً؟
- عملية الاصلاح الاقتصادي والديموقراطي هي ابرز التحديات في المرحلة القادمة، وهو ما عبرنا عنه في كتاب التكليف للحكومة، وما تعهدت الحكومة تنفيذه. وليس لدينا أية اوهام بأن هذه التحديات ستكون سهلة او ان علاجها سيكون سريعاً، ولكن لا بد لنا من ان نواجهها بحزم وحكمة وطول نفس.
وعدتم بمزيد من الديموقراطية وباصلاح هياكل الدولة. ما هو برنامجكم في هذا المجال؟ وهل هناك خطوات قريبة تطمئن بعض الاصوات التي طالبت بمزيد من المشاركة في القرارات السياسية والاقتصادية المصيرية؟
- الحكومة بصدد اتخاذ خطوات في اتجاه ادخال تعديلات على قانوني الانتخاب والمطبوعات بهدف تعزيز المسيرة الديموقراطية. وعلى الصعيد الاقتصادي، فإن الحكومة مكلفة تنفيذ كل ما تتطلبه عملية الاصلاح من اجراءات الى جانب مواصلة برنامج اعادة هيكلة الاقتصاد الوطني. اما تفاصيل البرنامج، فأقترح عليكم الاتصال بالحكومة لتزويدكم إياها. لكنني استطيع ان اطمئن الجميع الى اننا لن نحيد عن طريق الاصلاح والتصحيح رغم وعورة الطريق وكثرة المطبات.
هل انتم مرتاحون الى الوضع الداخلي في بلدكم؟
- إن شاء الله ستسير الامور نحو الافضل، ولا بد ان نعطي الحكومة بعض الوقت لنرى ما يمكنها ان تحققه على صعيد البدء بالاصلاحات المطلوبة. فالحكومة تشكلت منذ شهرين ولا بد من مرور بضعة اشهر قبل ان نبدأ تلمس نتائج عملها. لكنني اشعر بأن هناك نوعاً من الشللية التي بدأت تبرز على الساحة وهو امر مزعج بالنسبة إليَّ خاصة وانني اعتبر الشعب كله هو شلتي. ارجو ان يفكر الجميع في المصلحة العامة وفي المستقبل.
أمن الخليج أمن الأردن
في ضوء جولتكم الخليجية، تحدثتم عن ضرورة رسم اطار استراتيجية للعلاقة الأردنية - الخليجية. هل هناك رغبة اردنية في الانضمام الى مجلس التعاون؟ او ما هي صيغة وحدود العلاقة التي تودون بناءها مع دول مجلس التعاون؟
- نحن نعتبر ان دول مجلس التعاون الخليجي تمثل عمقاً استراتيجياً وطبيعياً للأردن، مع ما يعنيه ذلك في الابعاد الامنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية. ولهذا، فإننا نرى ان أمن الاشقاء في الخليج هو من أمن الأردن، والعكس بالعكس. وعندما نتحدث عن الأمن، فإننا ننظر الى مختلف جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والانسانية، وليس الى الجانب العسكري الملموس فقط. فقد ثبت على مدى العقدين الماضيين ان هناك ضرورة للتنسيق المؤسسي المتواصل بيننا على مختلف المستويات في خدمة المصالح المشتركة ولمواجهة التحديات الاقليمية التي تفرض نفسها على المنطقة. وفي هذا السياق، فاننا لسنا معنيين بالتسميات او الصيغ التي يمكن ان تطرح، بقدر ما نحن معنيون بمضمون العلاقة وأهدافها الاستراتيجية التنفيذية.
العلاقات مع سورية
كان التوتر هو الصفة الملازمة للعلاقات السورية - الأردنية... الا ما ندر. اي ان الخلاف والقطيعة كانا الثابت الدائم تاريخياً في هذه العلاقات. هل تعتقدون في ضوء زيارتكم الاخيرة لدمشق، ان صفحة جديدة ستخرج على هذا التاريخ برمته؟ وماذا عن علاقتكم مع تركيا وعلاقات سورية بإيران؟ وماذا عن التضارب في الموقفين الأردني والسوري من عملية السلام والتطبيع؟
- نعم اعتقد بأننا فتحنا صفحة جديدة في العلاقات لأننا قررنا النظر الى امام بدلاً من الخلف. صحيح اننا نتفق على بعض المسائل ونختلف على مسائل اخرى، وهو امر طبيعي. لكننا لا نرى من المفيد تحويل الاختلاف الى خلاف. بل نرى ان علينا تعظيم نقاط الاتفاق وتقليص نقاط الاختلاف الى اقصى درجة ممكنة في خدمة شعبينا ومصالحنا المشتركة. ولمست من خلال لقاء الاشقاء في سورية، وعلى رأسهم الرئيس حافظ الأسد، ان هناك رؤية مشتركة لسبل اعادة هيكلة العلاقات الثنائية من خلال نظرة جديدة متجددة على الاوضاع في المنطقة ومتطلبات المرحلة القادمة. اذ ان الوضع لم يعد يحتمل التخندق والانغلاق في ضوء ما نواجه من تحديات ستفرض استحقاقات تتطلب تحقيق اكبر قدر ممكن من التضامن.
ولعله اصبح اكثر وضوحاً اليوم ان القطيعة ساهمت في السابق في تعميق خلافات كان يمكن تقليصها من خلال الحوار البناء الذي يستهدف التوصل الى ارضية مشتركة. وربما يمكننا القول اليوم ان كثيراً من الفرص ضاعت في ما مضى بسبب الشكوك المتبادلة وانعدام التواصل. لكننا لا نريد التطلع الى الوراء لأن المستقبل امامنا. اما ما يخص علاقاتنا مع تركيا وعلاقات سورية بإيران فلا يفترض فيها ان تكون على حساب مصالحنا المشتركة بل قد تساهم في خدمة توجهاتنا المشتركة لو نجحنا في توظيفها على الشكل الأمثل.
هل لمستم تغييراً كبيراً في موقف القيادة السورية؟
- شعرت بتغير كبير، واعتقد بأن هذا التغيير يسير نحو الافضل بالنسبة الى سورية في المرحلة القادمة. كانت هناك استجابة حقيقية للقضايا التي اثرناها سواء ما يخص منها المسائل الثنائية او الاقليمية، ونحن نقدر الموقف السوري من هذه القضايا. وعلى صعيد عملية السلام، نحن نعتقد بأن سورية معنية بتحقيق أهداف السلام ولديها الرغبة الأكيدة في استئناف المفاوضات طالما ان المرجعية التي تحكم ذلك هي قرارات الشرعية الدولية. هناك رؤية تحديثية عصرية تتطلع الى المستقبل وتنعكس على التوجهات العامة للسياسة السورية، ونحن ندعم هذا التوجه.
ما هو تقويمكم لنجل الرئيس السوري الدكتور بشار؟
- اعجبني الدكتور بشار، وهو يمثل الجيل الجديد في سورية ولديه الكثير ليعطيه لبلده. وانا اعتقد ان هناك تغييراً حقيقياً ايجابياً للتوجه السياسي في سورية، والكل متحمس الى التحرك الى امام.
هل تتوقع ان تتحرك عملية السلام على المسار السوري قبل المسار الفلسطيني في المرحلة القادمة؟
- نحن نرى أن من الضروري احراز تقدم على المسارين السوري واللبناني، ولكن يجب الا يكون ذلك على حساب المسار الفلسطيني. نحن على اطلاع على الموقف السوري وسيقوم الرئيس اللبناني بزيارة لعمان في التاسع والعشرين من الشهر الجاري، وسنناقش الموضوع.
أين علاقة الأردن اليوم مع تركيا وإيران؟
- تركيا وإيران دولتان مهمتان في المنطقة ونحن نتعامل معهما على هذا الأساس. لدينا علاقات ممتازة مع تركيا ونسعى الى بناء علاقات مماثلة مع ايران. نتفق مع ايران على بعض القضايا، ونختلف معها على قضايا اخرى، ونحن مستعدون دائما لتفهم مصالحها بالقدر الذي تتفهم هي مصالحنا ايضاً. ولا نرى سبباً لعدم تطور العلاقات الى سوية افضل في المرحلة القادمة.
العلاقة مع الفلسطينيين
الرئيس ياسر عرفات طرح مجدداً فكرة الاتحاد الكونفيدرالي مع الأردن. هل هناك تصور مشترك لمستقبل العلاقات بين الشعبين؟ وما هو تصوركم للوضع الامثل لهذه العلاقة مستقبلاً؟
- ليس لدينا تصور مسبق لصيغة او اطار محدد للعلاقة المستقبلية، لكننا نؤمن بأن العلاقات المميزة والتاريخية بين الشعبين لا بد ان تترجم نفسها على أرض الواقع بشكل او بآخر في المستقبل. نحن اليوم نتطلع الى احياء عملية السلام التي نتوقع ان تكون نتيجتها المنطقية استعادة الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية كاملة وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، وعاصمتها القدس الشرقية. وما يطرحه اخي الرئيس الفلسطيني هو دليل اكيد على سعي القيادة الفلسطينية الى تأطير علاقة خاصة ومميزة وقائمة بين الشعبين، ونحن نقدر هذا التوجه ونقابله بالمثل. اما فكرة الاتحاد الكونفيدرالي فهي احدى الصيغ المقترحة ضمن افكار اخرى. وما يهمنا الآن هو وصول عملية السلام الى نتيجتها المنطقية على الأرض، ثم بعد ذلك يمكن النظر في سبل تأطير هذه العلاقة الخاصة والمميزة والقائمة التي تنسجم مع ارادة الشعبين.
ما هو موقفكم من تأجيل اعلان الدولة الفلسطينية؟
- نؤيد قرار القيادة الفلسطينية تأجيل اعلان الدولة الى مرحلة لاحقة ونعتبر انه يخدم الاهداف الوطنية الفلسطينية.
كيف تتصورون دور الأردن في المفاوضات الخاصة بالمرحلة النهائية؟
- دورنا هو دور المساند والداعم للاشقاء الفلسطينيين من خلال التنسيق المكثف بين القيادتين في كل القضايا الواردة في جدول اعمال مفاوضات المرحلة النهائية. اعتقد بأن هناك تفاهماً مبدئياً بيننا على تلك القضايا.
اسرائيل والانتخابات
صدرت عن بعض الاوساط الاسرائيلية اشارات اظهرت نوعاً من عدم الارتياح الى اختياركم لخلافة والدكم. كيف قرأتم تلك الاشارات؟ وكيف تقومون قرار الحكومة الاسرائيلية خفض حصة الأردن من المياه هذا العام بنسبة 60 في المئة؟
- لا نعرف ما اذا كان هناك عدم ارتياح في بعض الاوساط الاسرائيلية، ولكن ان وجد مثل تلك المشاعر فإننا لسنا معنيين بها. وما يهمنا هو ارتياح الأردنيين والعمل باتجاه الحفاظ على مصالحهم. ولهذا فإننا نرفض فكرة خفض حصتنا من المياه، ونعتبر مثل تلك الخطوة خرقاً لمعاهدة السلام بيننا. نحن من جانبنا نلتزم ما نتعاقد عليه، ونتوقع من اسرائيل ان تلتزم من جانبها. لقد استثمر الأردن كثيراً في السلام مع اسرائيل، ولن نتراجع عن هذا الاستثمار الذي حقق الكثير للشعبين والمنطقة حتى الآن. لكننا لا نستطيع ان نسعى من جانب واحد، ونأمل ان نرى خطوات اكثر ايجابية من الجانب الاسرائيلي في المرحلة القادمة.
استقبلتم وزير الدفاع الاسرائيلي السابق اسحق موردخاي، مرشح حزب الوسط، كما استقبلتم زعيم حزب العمل ايهود باراك، وهو المنافس الأول لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الذي رفضتم استقباله. كيف تفسرون هذا الموقف الأردني؟
- لا نرى في هذه المرحلة بالذات ان من المناسب التعليق على الموضوع لئلا يعتبر ذلك محاولة للتأثير في نتائج الانتخابات الاسرائيلية. كما ان الزيارات لم تكن رسمية اصلاً.
هل هناك اعادة نظر شاملة في علاقة الأردن باسرائيل قد يرى بعض الدول العربية انها ضرورية ليستعيد بلدكم موقعه العربي الفاعل في اطار الاجماع العربي؟
- لا نستطيع القول ان هناك اعادة نظر شاملة. هناك اوضاع وظروف وحسابات فرضت نفسها وتعاملنا معها على هذا الأساس. وحيث ان التزامنا دعم عملية السلام، فإن هذا التزام لا تراجع عنه. وفي هذه المرحلة بالذات، نأمل ان تفرز الانتخابات الاسرائيلية قيادات تعمل على دفع عملية السلام في كل مساراتها. ولا نعتقد بأن الأردن ترك موقعه العربي الفاعل في المرحلة الماضية.
العراق همّ كبير
شهدت العلاقات بين الأردن والعراق في العقدين الماضيين تقلبات بين مد وجزر. اين تقف هذه العلاقات اليوم؟ وكيف تتصورون مستقبل العراق ومصير نظامه؟
- عملنا ونعمل على ان تكون لدينا علاقات متوازنة مع كل الدول تستند الى الاحترام المتبادل ومبدأ عدم تدخل اي من الطرفين في الشؤون الداخلية للطرف الآخر. لكننا، وفي الوقت نفسه نريد ان نرى نهاية لمعاناة الشعب العراقي من منطلق انساني وقومي. ونحن نعمل على المحافظة على مصالحنا الاستراتيجية اينما كانت في سياق تعاملنا مع دول المنطقة ومن بينها العراق. وأستطيع القول ان الوضع القائم في العراق بابعاده الانسانية والسياسية يشكل همّا كبيراً لكل دول المنطقة بما فيها الأردن، ونحن لم نقصر يوماً في نصرة شعب العراق والوقوف الى جانبه.
تتردد احاديث عن دور سياسي وعسكري للأردن في التغيير المحتمل للنظام في العراق. ما مدى صحة ذلك؟ وهل ينحصر التنسيق الأردني مع واشنطن، ام ان ثمة تنسيقاً مع دول الخليج ومع سورية خصوصاً في شأن مستقبل العراق؟
- لا صحة لوجود دور سياسي او عسكري اردني في احداث تغيير في العراق. لكننا نتطلع الى تغيير ينقذ الشعب العراقي من محنته الحالية. اذ لا يعقل بعد ثماني سنوات من انتهاء الحرب ان يستمر الوضع الحالي. ونحن من جانبنا نواصل التشاور مع الاشقاء العرب والدول الصديقة المعنية في سبيل المساهمة في انقاذ الشعب العراقي من الكارثة التي يعيشها من جهة وتدعيم الأمن والاستقرار لدول المنطقة من جهة اخرى.
تتوجهون الى واشنطن، في أول زيارة لكم للقاء الرئيس كلينتون، ما هي اولوياتكم في جدول المحادثات؟
- التعاون الاقتصادي يأتي على رأس الاولويات على المستوى الثنائي. ومستقبل عملية السلام والوضع في العراق يحتلان الأولوية على صعيد القضايا الاقليمية. نحن نعتبر ان الولايات المتحدة - كدولة صديقة - لعبت ولا تزال قادرة على ان تلعب دوراً ايجابياً على صعيد تعزيز الاستقرار في المنطقة والتعاون والتنسيق مع دولها في خدمة تحقيق هذا الهدف. ونحن نقدر الدعم الذي قدمته واشنطن الى الأردن في المرحلة الماضية ونتطلع الى مزيد من الدعم الذي يعزز دور الأردن في المنطقة.
كوسوفو والحسم
في إطار جولتكم الحالية، اجريتم حتى الآن محادثات في المانيا وهنا في لندن. ما هي اهم النقاط التي اثيرت في المحادثات؟
- التركيز كان على الوضع في كوسوفو ثم عملية السلام في الشرق الاوسط. ومن الواضح ان كوسوفو تستحوذ على تفكير الاوروبيين في هذه المرحلة. وعلى الصعيد الثنائي، تحدثنا عن حاجة الاردن الى خفض قيمة ديونه الخارجية، وطلبنا من الدول المعنية في مجموعة الدول الصناعية ان تؤيد خفض ديوننا الخارجية بنسبة تساعدنا على النهوض بالاقتصاد الوطني. ونأمل بأن نحصل على دعم في هذا الاتجاه لدى انعقاد قمة الدول الصناعية السبع الشهر المقبل. واستطيع القول إننا نتمتع الى حد كبير بدعم الماني وبريطاني واميركي على هذا الصعيد.
كيف تقومون الوضع في كوسوفو؟
- كان موقفنا واضحاً من البداية وهو استنكار عمليات التهجير للالبان ودعمنا لدول حلف الاطلسي. ومن جانبنا قدمنا مساعدات انسانية واشتركنا مع دولة الامارات العربية في فتح مستشفى لمعالجة اللاجئين المهجرين، ووصل عدد من الاطباء الاردنيين اليوم للعمل في المستشفى.
كيف تتوقعون ان تكون نهاية الازمة؟
- نحن نرى أن نجاح او فشل حلف الاطلسي ستكون له انعكاسات بعيدة المدى على العالم. فالفشل سيشكل انتصارا للانظمة والقوى المتطرفة التي تتمرد على الشرعية الدولية وتخرق حقوق الانسان، والنجاح سيشكل درساً لمن كانوا يعتقدون ان بإمكانهم ارتكاب جرائم من هذا النوع من دون عقاب.
بصفتكم رجلاً عسكرياً، هل ترون ان في الامكان تحقيق نصر عسكري بالقصف الجوي وحده؟
- بالتأكيد لا. واعتقد ان حسم الوضع العسكري على الارض حسماً تاماً قد يتطلب عاماً كاملا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.