ظهرت مؤشرات دولية ومحلية على ترجيح اقدام حلف شمال الاطلسي توفير ملاذ آمن للنازحين الألبان بعدما اخفقت الضربات الجوية في ارغام السلطات الصربية على وقف العنف ضد الالبان واعادة السلام والاستقرار الى الاقليم. وجاء الكلام على هذا الخيار في وقت تواصل تدفق اللاجئين الى الدول المجاورة واعلان البانياومقدونيا عن عدم قدرتهما على ايواء هذا العدد الكبير من اللاجئين، اضافة الى خشية دول الاتحاد الأوروبي من موجة نزوح البانية الى اراضيها. وعلى رغم ان الفكرة تبدو انسانية في ايجاد مكان يؤوى اليه النازحون الألبان في اقليمهم الا ان المراقبين يعربون عن مخاوفهم من ان يترسخ الخط الذي يفصل الملاذ عن القوات الصربية وقد يصبح واقعاً تقسيمياً كما هي الحال في البوسنة، تحت ستار العمليات الانسانية. وكان الصرب لمحوا مراراً الى انهم لا يمانعون في تقسيم كوسوفو بنسبة 40 في المئة لهم وتشمل المناطق الشمالية والغربية و60 في المئة للألبان، وتتركز في المناطق الجنوبية الشرقية والغربية. ورد الألبان دائماً على افكار التقسيم بأنهم يرفضونها لأنها غير انسانية لما ستحدثه من فرز سكاني تقع اضراره الرئيسية على الألبان باعتبارهم القومية الأكبر وسيتعرضون لتطهير عرقي واسع. وحسب معلومات اوردتها وسائل الاعلام المقدونية امس فان توفير الملاذ ستقوم به قوات برية لحلف شمال الاطلسي بعد القضاء على مقاومة القوات الصربية القريبة منه، وسيتم تسليمه الى جيش تحرير كوسوفو وتقتصر مهمة الحلف على الوجود البري الرمزي والغطاء الجوي لمنطقة الملاذ. حكومة "البانية" ويرى مراقبون في البلقان ان حكومة البان الاقليم التي اعلن تشكيلها القيادي في جيش التحرير هاشم ثاتشي سيكون مقرها في الملاذ المقترح. والمعروف ان اختيار ثاتشي لتشكيل الحكومة كان تم في اجتماع لوفد التفاوض الألباني اثناء وجوده في رامبوييه بحضور وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت. وأعلن حلف شمال الاطلسي انه سيتم ارسال ستة آلاف جندي الى البانيا "بسبب تطور الاوضاع في البلقان وحمايتها من اعتداءات القوات اليوغوسلافية" ويسود الاعتقاد بأن هذه القوات ستتولى تنفيذ الملاذ، بعدما اكدت مقدونيا انها ترفض استخدام اراضيها في اي عمليات عسكرية دولية ضد صربيا وكوسوفو اضافة الى الاستياء المتزايد بين المقدونيين من وجود القوات الاطلسية في بلادهم. تحركات الأطلسي وشوهدت منذ اول من امس الجمعة تحركات كبيرة لقوات الحلف الاطلسي في مقدونيا مع دباباتها ومصفحاتها باتجاه الحدود مع كوسوفو وألبانيا، ويسود الاعتقاد لدى المراقبين بأن قسماً من القوات الاطلسية في مقدونيا البالغ عددها حوالى 17 الف جندي سينتقل الى البانيا للانضمام الى القوة التي وصلت اليها لتنفيذ خطة الملاذ. وكانت البانياومقدونيا اعلنتا حال الاستنفار العام بسبب العدد الكبير من ألبان كوسوفو الذين لجأوا إلى الدولتين. وتواصل النزوح الجماعي لألبان كوسوفو إلى الدول المجاورة بسبب استمرار العنف الصربي الذي بدا أنه يستهدف التطهير الكامل للمناطق الشمالية والغربية من الاقليم، ويعتبرها الصرب حقاً تاريخياً وجغرافياً لهم، وتقع فيها العاصمة بريشتينا والمدينة الغربية الرئيسية بيتش. اللاجئون وتتجلى إحدى صور المأساة التي شهدتها "الحياة" أمس في افتراش أكثر من سبعة آلاف شخص الأرض بعدما عبروا حدود كوسوفو إلى مقدونيا من دون ان يجدوا جهة دولية تساعدهم في محنتهم. وتقتصر المساعدة التي يتلقونها في الخبز والماء من منظمة الصليب الأحمر المقدونية وهيئتين خيريتين للألبان المقدونيين هما "الهلال" و"السنابل الخيّرة" وجميعها ذات امكانات محدودة جداً لا قدرة لها على الاضطلاع بهذه المهمة الكبيرة. وأكدت الحكومة المقدونية على استيائها من كل من النزوح الالباني إلى مقدونيا وموقف المجتمع الدولي "غير المبالي" وهددت باغلاق حدودها مع كوسوفو "ما لم يتم نقل القسم الأكبر من النازحين بصورة عاجلة خارج مقدونيا". أما المشاعر الشعبية العامة للسكان الذين ينتمون إلى العرقين المقدوني والصربي هي بشكل عام إلى جانب الصرب وإلى حد معارضة كل وجود لجنود الحلف الأطلسي في الأراضي المقدونية، ويشاهد في سكوبيا وغيرها من المدن تظاهرات يومية تطالب برحيل الجنود الاطلسيين عن مقدونيا. وأعربت نائبة رئيس الحكومة المقدونية رادميلا كيبريانوف في تصريح صحافي أمس في سكوبيا عن خيبة أملها "من موقف المجتمع الدولي من مأساة اللاجئين". وقالت: "إن على أوروبا ان تشعر بالخجل للمأساة التي تتعرض لها مقدونيا بسبب الألبان النازحين إليها". وأوضحت ان المساعدات الدولية التي وصلت لاغاثة النازحين في مقدونيا لا تسد سوى اليسير من حاجات اللاجئين "إذ وصل فقط 10 ملايين دولار من الولاياتالمتحدة ومليونا دولار من تايوان و400 ألف دولار من اليونان و20 ألف مارك من المانيا و4 شاحنات مواد اغاثة من تركيا".