بدأت مواجهة جديدة في موريتانيا بين المعارضة والحكومة في شأن قانون اصلاح التعليم الذي تعتبره الحكومة ضرورياً لرفع مستوى الطلاب في المواد العلمية، فيما تقول المعارضة انه تهميش للغة العربية على حساب الفرنسية، ودفن للغات الوطنية الأخرى لغات الأفارقة السود. فيما بدأ الرئيس الموريتاني معاوية ولد سيد أحمد الطايع أمس جولته داخل البلاد بمدينة العيون المعقل التاريخي للقوميين العرب الموريتانيين، استبقت جبهة أحزاب المعارضة الجولة، التي يشرح فيها الرئيس سياسات الحكومة، ببيان حذرت فيه الموريتانيين من قانون "إصلاح التعليم" واعتبرته "مسخاً واستلاباً للشخصية الحضارية الموريتانية". ودعت المجتمع المدني الى اسقاط القانون الذي يعيد اللغة الفرنسية بقوة. وبدأ الطايع جولة في ولاية الحوض الغربي شرق موريتانيا استهلها بمدينة العيون عاصمة الاقليم، ويفترض ان يكون ألقى خطاباً الى الأمة من المدينة في وقت متأخر من مساء امس، ويتوقع ان يدافع خلال الجولة عن السياسة التربوية الجديدة التي تثير استياء واسعاً في موريتانيا لأنها تعيد الفرنسية الى النظام التربوي في شكل يشبه ما كان عليه الحال في الفترة ما قبل التعريب المنفذ منذ نحو عشرين عاماً. وتقول السلطات الأمر لا يتعلق بتراجع عن التعريب انما الهدف رفع مستوى الطلاب في المواد العلمية واللغات الاجنبية. لكن بياناً أصدرته جبهة أحزاب المعارضة التي يقودها احمد ولد داداه اعتبر "الإصلاح" تراجعاً وتهميشاً واضحاً للغة العربية ودفناً للغات الوطنية الاخرى لغات الأفارقة السود. وقال البيان الذي أريد له التزامن مع جولة الطايع، وحصلت "الحياة" على نسخة منه بالفاكس، ان المشروع يعد "مسخاً واستلاباً للشخصية الحضارية الموريتانية". واتهم السلطات بالاستمرار في "المساومة على السيادة الوطنية كلما واجه النظام أزمة اقتصادية". ورداً على حجج "الانفتاح" و"العولمة" أوضح البيان ان "العولمة ليست حجة للتخلي عن الهوية الحضارية". وجاء في دراسة أعدها حزب "التحالف الشعبي" الناصري ان التربية الاسلامية لم ترد ضمن جداول "التوقيت والضارب" الملحقة بمشروع "الإصلاح" بالنسبة الى التعليم الابتدائي، كما تم إلغاء مادة التربية الاسلامية في امتحانات الثانوية العامة في كل الشعب. وهذه أمور تثير حفيظة آباء التلاميذ الذين لن يستسيغوا ألا يحفظ أطفالهم سوراً من القرآن الكريم ومعلومات في السيرة النبوية في المرحلة الابتدائية. كما سيكون إلغاء مادة التربية الاسلامية في الامتحانات النهائية الثانوية مثار انتقاد لدى كثيرين. ويعتقد ان عدم ورود التربية الاسلامية في جداول الابتدائية ربما كان خطأ سيصحح، أو انها دمجت في مادة "التربية المدنية" الجديدة في المرحلة الأساسية والتي يعتقد ان تدريسها يعود الى أفكار لدى الطايع يكررها دائماً في خطبه وتدعو الى "العصرنة". وجاء في دراسة "التحالف" ان الفرنسية في المرحلة الابتدائية ستستحوذ على 50 في المئة من الوقت و"الضوارب" في السنة الخامسة والسادسة وتصل الى 60 في المئة في المرحلة الاعدادية وتصل في الشعب العلمية في الثانوية إلى 85 في المئة. واختار الطايع الحوض الغربي لجولته الحالية لأنه من جهة معقل لأنصاره تقليدياً ومن جهة ثانية يتعلق أهله بالعروبة والتعريب. فعاصمة الاقليم عرفت خلال العقود الأخيرة بتخريج أكبر كم من الناصريين. وخلال الثمانينات ظلت المدينة شبه واقعة سياسياً تحت سيطرة "التنظيم الوحدوي الناصري" السري السابق. وعلى رغم ان الأمور تغيرت الآن بعد أفول نجم الناصرية كتنظيم وانقسام الساحة بين تيارات سياسية مختلفة، للرئيس الطايع نصيب الأسد فيها، فإن هضم ما يسميه البعض "قانون الفرنسة" سيكون صعباً في تلك المنطقة.