سجل الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش امس انتصارين سياسيين في الحرب التي تضع جيشه في مواجهة حلف شمال الاطلسي. الانتصار الأول هو نجاح قواته في اسر ثلاثة جنود اميركيين من العاملين في اطار الحلف في مقدونيا وعرض صور لهم عبر تلفزيون بلغراد قبل إحالتهم على المحكمة العسكرية واعتراف واشنطن بفقدهم. والانتصار الثاني، والأهم، هو استقبال احد قادة البان كوسوفو ابراهيم روغوفا. فهذا الاخير، وهو يمثل تياراً معتدلاً يختلف عن الخط المتشدد لپ"جيش تحرير كوسوفو"، شارك في مفاوضات رامبوييه وكان داعية مبكراً الى التوقيع عليها. راجع ص6 و7 ويعتبر اللقاء بين ميلوشيفيتش وروغوفا ضربة سياسية للأطلسي خصوصاً ان الحلف كان اعلن ان الزعيم الألباني انتقل الى العمل السري واختفى بعد احراق بيته. وبما ان روغوفا دعا الى وقف عمليات القصف الجوي وتجديد البحث عن حل سياسي، فإنه وضع الأمين العام للحلف خافيير سولانا في موقع حرج دفعه الى التصريح بأنه يعتبره "محتجزاً". أما البانيا فذهبت أبعد من ذلك معتبرة ان "خطوة روغوفا غير مسؤولة". وقال مسؤول اميركي لپ"الحياة": "اننا بصراحة لا نعرف شيئاً". وكان يوم امس شبيهاً بما سبقه. طائرات الحلف تزيد من هجماتها وتوسع نطاق عملياتها ضد الجيش اليوغوسلافي وهو يوالي حملة التطهير الاثني"، دافعاً بمزيد من الألبان الى اللجوء نحو البلدان المجاورة وتهديد توازناتها وهو الأمر الذي حذر منه قادة اطلسيون وان قللوا من احتمال وروده. وفي حين يستمر سباق القصف والتهجير أكد سولانا ان الحملة ألحقت دماراً كبيراً بپ"آلة جريمة الحرب" وانها ستتواصل "من اجل وقف الكارثة الانسانية". ويستمر كذلك الجدل بشأن حدود هذه الحملة وضرورة تطويرها الى تدخل بري. ومع ان اصواتاً ارتفعت تطالب بذلك أو، على الأقل، تدعو الى عدم استبعاده، فإن الرئيس الاميركي بيل كلينتون جدّد رفضه لذلك مصرّحاً بأنه لن يرسل قوات برية لأنه "خائف من عدم القدرة على اخراجها". وتبعه وزير الدفاع الأميركي وليام كوهين وقائد القوات الاطلسية في أوروبا الجنرال ويسلي كلارك الذي رفض تأكيد الافتراضات حول تدخل بري محدود يؤدي الى اقامة "ملاذ آمن" للاجئين الألبان فوق أرض كوسوفو. سياسياً، دعا الرئيس الروسي بوريس يلتسن، متسلحاً بخطوات عسكرية سابقة، الى اجتماع عاجل لوزراء خارجية الدول الثماني. وهذا في وقت كانت المانيا تستضيف، برعاية "الترويكا الأوروبية"، مؤتمراً انسانياً لم يتم تنسيقه مع بقية الحلفاء. ولوحظ ان وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين اعتبر امس امام مجلس الشيوخ ان "البحث عن حل سياسي مشروط بوقف القمع في كوسوفو وسحب معظم القوات"، وهذا يعني، عملياً، العودة الى "اتفاق اكتوبر" الذي وضعه الموفد الاميركي ريتشارد هولبروك مع ميلوشيفيتش. وفي واشنطن أكد مسؤولون في ادارة كلينتون ان أسر ثلاثة جنود اميركيين اثناء قيامهم بأعمال دورية في مقدونيا على ايدي القوات الصربية، لن يؤدي الاّ الى تصليب موقف واشنطن وعزيمتها في النزاع مع يوغوسلافيا، وطالبوا بإعادة الجنود سالمين فوراً. ويتوقع ان يشدد مسؤولون كبار في واشنطن، بالاضافة الى الرئيس كلينتون، على ان الجنود الثلاثة ليسوا أسرى حرب لانهم اختُطفوا داخل مقدونيا. وقال مسؤول في الادارة "لقد اختُطفوا، انهم ليسوا أسرى حرب. وينبغي اعادتهم سالمين فوراً من دون اي تأخير". كما عبّر هذا المسؤول، الذي يشارك في المداولات السياسية في شأن البلقان، عن دهشته لرؤية زعيم البان كوسوفو ابراهيم روغوفا في بلغراد مع الرئىس الصربي سلوبودان ميلوشيفيتش. وقال انه يفترض ان روغوفا اعتقل من قبل اجهزة الامن الصربية ويُستخدم حالياً كبيدق لغايات سياسية. وعلمت "الحياة" في بلغراد ان ميلوشيفيتش وروغوفا اتفقا على "عودة كل النازحين الألبان الذين لا يزالون داخل الاقليم الى ديارهم فور توقف عمليات الاطلسي". اما بالنسبة للموجودين خارج الاقليم فإن عودتهم "تتم بالتعاون مع مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة". ووجه البابا يوحنا بولس الثاني رسائل الى الرئيس اليوغوسلافي والرئيس الاميركي والأمين العام لحلف الاطلسي طالباً منهم التزام هدنة في عيد الفصح. وجاء ذلك في وقت زار بلغراد "وزير خارجية" الفاتيكان المونسنيور جان لوي توران حاملاً رسالة الى قادتها في اطار مساعي التهدئة.