يعاني أنصار الزمالك من عقدة "اضطهاد" حقيقية في ملاعب كرة القدم المصرية، ويؤكد معظمهم أن فريقهم يعاني من ظلم مقصود من الحكام وأن ناديهم يتعرض لغبن متكرر من اتحاد اللعبة، ويرى ان هذين العاملين هما وراء انتصارات الاهلي المتكررة في الدوري. ولا مجال لمناقشة أي مشجع زملكاوي في قناعاته، واللافت أن هذه ايضاً قناعات كبار المسؤولين في الزمالك. وفي الجهة المقابلة، يؤكد انصار الاهلي ان ناديهم هو الاكثر تعرضاً لظلم الحكام وأخطاء اتحاد الكرة، لكن براعة لاعبيهم واستقرار ادارتهم هما السبب في حفاظ الاهلي على بطولة الدوري لستة مواسم متصلة... ويتهم انصار الاهلي مسؤولين في الزمالك باطلاق اكاذيب حول تعرض ناديهم لظلم الحكام الى ان صدقها جمهورهم وصارت عقدة "الاضطهاد" وكأنها واقع. من جانبهم يؤكد مراقبون محايدون ان تجربة الاضطهاد التي يعيشها الزمالك وجمهوره حالياً هي الثانية من نوعها في تاريخ كرة القدم المصرية، وسبق للاهلي وجمهوره ان عاشها في الستينات عندما تردت نتائج الفريق وساءت عروضه وضاعت منه البطولات، وعاش النادي وجمهوره احساساً بالظلم من الحكومة واتحاد الكرة عندما كان المشير عبدالحكيم عامر نائباً للرئيس جمال عبدالناصر باعتبار ان رئيس الزمالك كان المهندس حسن عامر شقيق المشير. وتسببت تلك العقدة في حوادث شغب عدة من جماهير الاهلي ضد الحكام ووصلت في ذروتها الى افساد مباراتيه ضد الزمالك عامي 66 و1971. "الحياة" فتحت ملف "الاضطهاد" الذي يعاني منه الزمالك، وحاورت رئيس النادي واللاعبين وعدداً من نجوم ورؤساء النادي السابقين، ولم يخرج عن قاعدة الاحساس بالاضطهاد سوى المهندس حسن عامر. وسألت ايضاً الجماهير والخبراء خارج الزمالك وانتهت بمواجهة طبيب نفسي متخصص بحثاً عن الحقيقة. قال الدكتور كمال درويش رئيس نادي الزمالك: "لا توجد أي عقدة اضطهاد لدى ادارة النادي، لكننا نشعر بالظلم المتكرر، ولدينا الدليل. التاريخ يذكر ان الزمالك تعرض للظلم في مباريات الاهلي على ايدي حكام مصريين امثال احمد بلال ومحمد حسام وعبدالرؤوف عبدالعظيم ومحمد فتحي وقدري عبدالعظيم، وعلى ايدي حكام اجانب ايضاً كالاسباني الذي احتسب ركلتي جزاء للاهلي واخيراً الفرنسي مارك باتا... وخلال الموسم الحالي كان الزمالك افضل جداً من الاهلي في البداية وعندما تدخل الحكام بشكل سيء لايقاف مسيرة الفريق تعددت التعادلات والهزائم وهبط اداء الفريق واحرز الاهلي البطولة. وتكفي الاشارة الى ان اتحاد الكرة اوقف ثلاثة حكام هم احمد الشناوي ورضا البلتاجي ومحمد ضياء لأخطائهم التي أفقدت الزمالك 7 نقاط". ويتفق محمد صبري نجم الزمالك الموقوف مع رئيس النادي في الرأي لكن بصورة اعنف وقال: "في اتحاد الكرة يريدون ان يفوز الاهلي بالبطولات ويسخرون كل قوانينهم ولوائحهم وحكامهم لتحقيق هذا الهدف، وتكفي توجيهاتهم المتكررة لجميع الحكام الاجانب الذين يحضرون الى مصر لادارة مباراة القمة، وهو ما وضح من مجاملة الحكم الاسباني ثم الحكم الفرنسي". نور الدالي رئيس النادي السابق، وهو لاعب دولي في الزمالك والمنتخب في الخمسينات، قال: "يتعرض الزمالك للظلم باستمرار ومن غير المقبول ان يختار النادي الاهلي الحكام لمبارياته ومباريات الزمالك، وسبق لاتحاد الكرة اسناد مباراة القمة عام 1996 للحكم الاهلاوي قدري عبدالعظيم وشهدت انسحاب الزمالك احتجاجاً على الظلم". وقال المستشار جلال ابراهيم رئيس النادي الاسبق: "الزمالك تعرض للظلم مرات كثيرة، اقول هذا الكلام وانا رجل قانون واعرف معنى كلماتي، والغريب ان الظلم لا يأتي من اتحاد الكرة والحكام فقط وانما ايضاً من الصحف، وهي تخطط دائماً لإسقاط الزمالك او إحداث ازمات وانقسامات داخلية... فوز الاهلي بالبطولات لا يدل على مستواه الحقيقي لانه ليس الافضل، لكن اتحاد الكرة يمهد له كل شيء ليفوز بالالقاب، وهذا الاتحاد فاشل تماماً ونتائج المنتخبات المصرية للناشئين دليل على ذلك". وقال حمادة امام ابرز نجوم الفريق في الستينات: "الزمالك مظلوم فعلاً، لكنه يظلم نفسه اكثر واكثر، وواقعة الانسحاب الاخيرة تركت صورة سيئة عن النادي في كل البلاد العربية التي يعشق جمهورها الزمالك، والمشاكل داخل النادي هي التي ادت الى الانهيار الفني والاخلاقي. واذا كان الحكام ظلموا الزمالك هذا الموسم في اربع نقاط كان يمكن ان تسمح للفريق بالاستمرار في المنافسة، فان الظلم الاكبر هذا الموسم كان عن طريق ابناء النادي". الرأي الآخر المهندس حسن عامر كان صاحب الصوت الوحيد المناهض ل "الاضطهاد" في الزمالك، حيث قال: "لا يوجد شيء اسمه الاضطهاد في قاموس نادي الزمالك، وانصار الاهلي هم الذين ابتدعوا تلك العقدة في الستينات عندما كان التفوق كاملاً للزمالك واتهموا المشير عبدالحكيم عامر بالميل للزمالك وتسهيل انتصاراته والتأثير على الحكام، وهو امر غير حقيقي لان مواقف المشير مع الاهلي كانت مشرفة وانقذه مرة من الهبوط الى الدرجة الثانية. وفي الستينات تفوق الزمالك لانه درس اسباب نجاح الاهلي في الخمسينات واصبح الزمالك الاحسن في كل شيء... غير ان السنوات الاخيرة شهدت تردياً شديداً في النادي حيث انعدم الرأي الواحد داخله، ولو كنت موجوداً لما سمحت مطلقاً بالانسحاب امام الاهلي، والاعتراض على الحكم امر غير مفيد ولا بد من احترام الحكام والشرعية. من الممكن ان يظلم الحكام الزمالك مرة او مرتين، لكن الظلم لا يستمر، واذا الغى الحكم هدفاً يمكن للفريق ان يسجل هدفين. باختصار، الزمالك يفتقد الرغبة الحقيقية والجادة في تأكيد واثبات جدارته واحتلال مكانته، والمسؤولون في النادي هم المسؤولون". رأي الطب النفساني الدكتور عادل المدني استاذ الطب النفسي في جامعة الازهر تحدث عن عقدة "الاضطهاد" التي يعاني منها نادي الزمالك وانصاره، وقال: "شكوى الزمالك المستمرة تمثل دفاعاً عن الذات في مواجهة الفشل، لان الانسان لا يتهم نفسه ابداً بالفشل ويبحث عن المبررات عند الآخرين. إنها مجرد اكذوبة او حيلة للهروب من الحقيقة. والشعور الحقيقي بالاضطهاد يتولد من عناصر عدة ابرزها اربعة: اولاً، ان يكون المضطهدون اقلية جداً في مواجهة غالبية ساحقة، وهو امر غير وارد لان جمهور الزمالك يمثل المرتبة الثانية بين مشجعي الكرة في مصر. ثانياً، ان يكون لدى الزمالك كل عناصر النجاح من دون ان يستثمرها لان جهات اخرى تتدخل وبوضوح لايقاف هذا النجاح كعدم توفير المناخ المناسب له او وضعه في اختبارات اصعب من منافسيه، وهذا امر غير صحيح لان الزمالك يلعب في المسابقة نفسها مع الاهلي وعلى الملعب نفسه وفي ظروف مماثلة ويدير الحكام انفسهم مبارياتهما. والزمالك اساساً ليست لديه عناصر النجاح بدليل خلافات مجلس الادارة وعدم وجود عدد كبير من اللاعبين الدوليين في صفوفه وتغيير الجهاز الفني للفريق مرات عدة خلال المواسم الاخيرة. وثالثاً: ان يكون المجتمع مؤيداً لنمو فئات اخرى على حساب الفئة المضطهدة، وهو امر غير وارد لان الزمالك لديه قاعدة جماهيرية اكبر من انصار كل الاندية الاخرى مجتمعة باستثناء الاهلي، رغم ان شعبية الفريق هبطت نسبياً في السنوات الاخيرة. رابعاً، ان تكون الفئة التي تشكو الاضطهاد معرضة للانقراض او الفناء وهو امر غير وارد على الاطلاق بالنسبة الى الزمالك". وانهى عادل المدني حديثه قائلاً: "والاهم من ذلك كله ان الاضطهاد يرتبط اساساً بالعقائد والديانات والافكار والسلالات، وكرة القدم لا تمثل اي جانب من الجوانب السابقة... لذلك لا ينطبق عليها مطلقاً شعور الاضطهاد".