للعام الخامس على التوالي، احتل الزمالك المركز الثاني في الدوري المصري لكرة القدم، واصبح التصاقه بالمركز الثاني مثار حديث وسخرية الكثيرين من أنصار الاهلي تجاه منافسهم التقليدي. وضحك الجميع على احدث نكتة - والمصريون معروفون بولعهم للنكات - وفحواها ان فتاة قالت لخطيبها الزملكاوي أنه الرجل الاول في حياتها، واذا به يقول معترضاً: "كيف تقولين انني الاول وانا طول عمري الثاني". جمهور الزمالك العريض الذي يمثل اكثر من 30 في المئة من جمهور الكرة المصرية حزين جداً على عدم فوز فريقه ببطولة الدوري، ويرى ان ناديه يمتلك كل الامكانات التي تؤهله لاحراز اللقب بالتبادل مع الاهلي. جماهير الزمالك انقسمت بين فئات عدة... هناك فئة طاغية تلقي باللوم على مجلس ادارة النادي وحكام الكرة في مصر، وتؤكد ان عدم استقرار مجلس الادارة وخلافاته الداخلية هو السبب الرئيسي في الاهتزاز الذي ينعكس على نتائج الكرة، وهم ناقمة على حكام الدوري وترى انهم مسؤولون عن تحويل نتائج بعض المباريات ضد مصلحة فريقهم او لمصلحة الاهلي وتضرب امثالاً من اخطاء الحكم الدولي رضا البلتاجي بعدم احتساب ركلة جزاء واضحة لمحمد صبري في مباراة الاتحاد في الاسكندرية وكانت سبباً في تعادل الفريقين 1-1 بدلاً من فوز الزمالك، واخطاء الحكام ايهاب زكريا وحسين علي موسى واحمد الشناوي ومحمد ضياء الدين... وهناك فئة، صغيرة ترى ان اللاعبين هم السبب في المهزلة ولا يمتلكون الحماسة الكافية لتحقيق الفوز او الحفاظ عليه كما حدث في مباراة الاتحاد السكندري في القاهرة وتقدم خلالها الزمالك بهدف في الشوط الاول واهدر عشرات الفرص السهلة قبل ان يسجل مدافعه هدف التعادل للاتحاد. لكن التساؤل الاكبر في اوساط كرة القدم المصرية هو لماذا يخسر الزمالك باستمرار؟ الصحف المصرية أجابت عن هذا السؤال من خلال تحقيقات عدة، وقالت مجلة "الاهرام الرياضي" في عددها الاخير ان الاهلي فاز بالدوري ست مرات متتالية، وهو المرشح من الآن لبطولة الدوري عام 2000 لأن اخطاء الزمالك تتكرر من موسم لآخر، وابرزها انه اشترى 42 لاعباً في 9 مواسم، وهو عدد يزيد على ضعف اللاعبين الذين اشتراهم الاهلي في الفترة نفسها، وحافظ الاخير على الهيكل الاساسي لفريقه لسنوات طويلة بينما اعتمد الزمالك على فريق جديد في كل موسم. واشارت المجلة الى اخطاء فادحة في العقود المالية التي وقعها نادي الزمالك مع لاعبيه الجدد، ونشرت المجلة نماذج العقود الموقعة مع اللاعبين كريستوفر النيجيري واسامة عمار ومحمد السيد حيث اختلفت العقود الموجودة في النادي عن العقود في اتحاد الكرة. وتهكمت المجلة على الصفقات التي اجراها الزمالك مع عدد من اللاعبين الاجانب، وضربت مثالاً باللاعب الجزائري قاسي سعيد الذي اشتراه الزمالك لمدة موسمين مقابل 145 الف دولار، لكنه لم يسجل سوى هدفين في شباك فريق الدرجة الثانية المريخ وفريق جمهورية شبين، واللاعب النيجيري اكي الذي اشتراه الزمالك بأكثر من مئة الف دولار وهو يعتقد انه اشترى النجم الكبير نوانكو كانو، واكتشف المسؤولون الخطأ بعد دفع المبلغ. الحكام "الحياة" استطلعت اراء عدد كبير من خبراء كرة القدم في مصر عن اسباب عدم فوز الزمالك، واختارت كل قطاعات اللعبة لتأتي الاراء معبرة بصدق عن الموقف، لكن البداية بالعنصر الاكثر تعرضاً للاتهام وهو التحكيم. وجهنا السؤال مباشرة الى مصطفى البطران الحكم الدولي السابق والنائب السابق رئيس لجنة الحكام الذي تعرض لأكبر هجوم من الزمالك. قال البطران: "الزمالك يهاجم الحكام ليحصل على حقوق لا يستحقها، وهو اعتاد هذا الموضوع منذ زمن طويل جداً، وبكل أسف يسعى اداريوه احيانا لإخفاء خسائرهم واخطائهم تحت شماعة الحكام... واذا كان ما يتكلمون عنه الآن صحيحاً فلماذ إذن خسروا بطولة الدوري 11 سنة متتالية من بداية الدوري 1948 وحتى 1960وكان حكام الكرة في مصر في تلك الفترة ينتمون في معظمهم الى الزمالك مثل محمد حسن حلمي وجلال قريطم وحسين امام ومحمود امام؟ ولماذا خسروا بطولة الدوري كثيراً في الستينات في الفترة التي انهار فيها الاهلي؟ واضاف البطران: "وفي موسم 98-99 تعرضت شخصياً لهجوم حاد من ادارة الزمالك في الاسابيع الاولى للدوري بدعوى انني مجامل للاهلي، والعجيب انني كنت حكماً لمباريات كثيرة للاهلي او للزمالك، ولم يصدر هذا الاتهام عندما كنت حكماً واتحكم بنتائج المباريات التي أديرها. المهم ان الزمالك فاز في كل مبارياته الست عندما كنت موجودا في لجنة الحكام, وتعرضت بعدها للحرب والاقالة من لجنة الحكام وسط افراح لنادي الزمالك، واذا بالامور تنقلب ضده وتتوالى هزائمه وخسائره للنقاط وابتعد عن الصدارة، وبدأ مسلسل هجومه على الحكام، لكنه لم يجرؤ هذه المرة على الهجوم الشخصي ضدي". وختم البطران: "بنظرة موضوعية الى اداء الحكام في الموسم الحالي نجد ان الاخطاء موزعة بشكل متساو بين كل اندية الدوري. البلتاجي لم يحتسب ركلة جزاء للزمالك ضد الاتحاد، وسيد العربي لم يحتسب ركلة جزاء لبلدية المحلة ضد الزمالك. بصراحة التحكيم في مصر عنصر سيء جداً من عناصر اللعبة في الموسم الحالي لكنه لم يؤثر على الموقف في صدارة الدوري. وخسر الزمالك مباراته امام الاهلي في وجود حكم اجنبي، وهو خسر امامه في كل المباريات الثلاث الاخيرة بوجود حكام اجانب". وواجهنا الحكم الدولي القديم محمود عثمان بالاتهام الموجه من الزمالك للحكام في شأن خسائره المتتالية، فرد ورد عثمان باقتضاب: "الحكام في مصر افضل من الحكام في الخارج، والاخطاء واردة في كل مكان لكنها غير مقصودة وغير مؤثرة على ترتيب الأندية". وضحك ثم اضاف: "تذكروا ان الزمالك هزم الاهلي في الدوري في المباراة الوحيدة التي ادرتها بينهما في الثمانينات". الادارة حمادة إمام اشهر لاعبي الزمالك في الستينات ومدير الكرة في النادي وعضو ووكيل مجلس الادارة وجه الاتهامات مباشرة الى مجلس الادارة قائلاً: "بكل اسف الادارة في نادي الزمالك اخطأت كثيرا في العامين الاخيرين وهي المسؤولة دائما عن الهزائم التي تلحق باللاعبين والفريق... الادارة تخطئ احياناً بالتدخل السافر في عمل الفريق وبالتعاقد مع بعض اللاعبين الذين لا يحتاجهم الفريق، او بالدفع بسخاء لبعض وتخطىء احيانا وتفعل العكس باعطاء المدرب مثل الهولندي رود كرول اختصاصات زائدة وتترك له الحبل على الغارب... وفي النهاية يستفيد عدد من اللاعبين المنضمين الى الزمالك، والذين لا يستحقون شرف ارتداء الفانلة البيضاء الغالية، ولا يدفع الثمن سوى الجماهير العاشقة للنادي التي تذهب الى الملاعب وتدفع ثمن التذاكر وتتكبد حرارة الصيف وبرودة الشتاء، وفي ختام الموسم تخرج حزينة بلا ألقاب". اللاعبون وتحدث احد نجوم الزمالك الدوليين ل "الحياة" وطلب عدم ذكراسمه حتى لا يتعرض لعقوبات او اضطهاد في النادي. قال اللاعب: "الظروف داخل الزمالك لا تساعد مطلقاً على الفوز، والتفرقة في المعاملة بين اللاعبين تبدأ من ورقة التعاقد حتى غرفة الملابس واحاديث المدرب ورئيس النادي للصحافة. عند التعاقد يحددون اسعار اللاعبين اصحاب الصوت العالي والشعبية بمبالغ طائلة ولعدد من السنوات يحدده اللاعب، وتنخفض الاسعار وتطول المدة عندما يطالبوننا بالتعاقد. والنجوم لديهم حقوق زائدة في كل شيء، ويحصلون على مميزات سرية لا نعرفها الا بالصدفة، ويخرج المدرب ورئيس النادي في تصريحات صحافية ليؤكدون ان الزمالك ليس بحاجة لجهود بعض اللاعبين لانهم ليسوا من ناشئي النادي، ولن يطالبهم احد بالتجديد بينما تتمسك الادارة بالتجديد للاعبين لا يقدمون نصف ما نقدم". وختم اللاعب: "الزمالك يدور في حلقة مفرغة لان ادارته تبعد اللاعبين عن التفكير او التركيز على كرة القدم". الجمهور وننهي تحقيقنا بلقاء مع مشجع زملكاوي متحمس هو العميد فؤاد ضاحي أحد نجوم ألعاب القوى في النادي سابقاً. قال ضاحي: "لا بد من الاعتراف اولاً ان الاهلي ناد محظوظ وان الزمالك غير محظوظ، وثانياً ان للتحكيم دورا أحياناً في نتائج الناديين ضد الزمالك ولمصلحة الاهلي. لكن هذين العنصرين لا يؤثران على سير المسابقة بالشكل الذي نراه متكرراً على مدار ست سنوات. الزمالك يخسر الدوري لان مجلس ادارته لا يدير النادي بطريقة صحيحة، ولا يوفر الاستقرار للجهاز الفني او اللاعبين، ومدربو الزمالك جالسون دائماً فوق فوهة بركان متأجج. وفي المواسم الستة الاخيرة التي فاز فيها الاهلي بالدوري تولى تدريب الزمالك 11 مدربا - كما أتذكر - الاسكتلندي ماكاي والالماني فيرنر والنمساوي ريدل والهولندي كرول والمصريون محمود الجوهري ومحمود سعد و طه بصري وفاروق السيد وحسن شحاته وفاروق جعفر. الفارق الوحيد الذي اراه بين الاهلي والزمالك هو استقرار الادارة في الاول واهتزازها في الثاني. ولو توافرت ادارة الاهلي بقيادة صالح سليم في الزمالك لفاز الاخير بالدوري ست سنوات متتالية ايضاً"!