أفادت مصادر ليبية ان ايطالياواسبانيا تقودان حملة واسعة في العواصم الغربية لإقناعها برفع العقوبات عن ليبيا والتي علقها مجلس الأمن في الخامس من الشهر الجاري بعد تسليم الليبيين المشتبه فيهما في قضية لوكربي عبدالباسط المقرحي والأمين فحيمة. وأوضحت المصادر التي رفضت كشف هويتها، ان الجهود الايطالية - الاسبانية ترمي الى تكريس اعادة ليبيا الى المجتمع الدولي وليس مجرد الاكتفاء بالرفع النهائي للعقوبات. وتركز روما ومدريد تحركاتهما على العواصم الأوروبية لإقناعها بتخصيص مقعد دائم لليبيا في مؤسسات مسار برشلونة الأوروبي - المتوسطي. وشكل حضور ليبيا، للمرة الأولى، الحوار الوزاري الأوروبي - المتوسطي في شتوتغارت الاسبوع الماضي خطوة أولى نحو دمجها رسمياً في مسار برشلونة الذي منع ممثلوها من حضور اجتماعه التأسيسي في تشرين الثاني نوفمبر 1995 في اسبانيا. وأضافت ان المساعي الايطالية - الاسبانية المشتركة تلقى تأييداً من البلدان العربية الثمانية الشريكة في مسار برشلونة، وكذلك من فرنسا التي لم تعد ترى مانعاً في اعادة ليبيا الى الحظيرة الدولية بعد تسليم المشتبه فيهما. وشكلت زيارة وزير الخارجية الايطالي لامبرتو ديني لطرابلس أخيراً خطوة اساسية في جعل الطريق سالكة لتكريس عودة ليبيا الى الساحة الدولية، كونها انضجت شروط التقريب بين مواقف العواصم الغربية التي كانت متشددة ازاء العودة خصوصاً واشنطن والموقف الليبي الراغب في استعادة موقعه في الساحة الدولية. وعلى رغم ان زارة الخارجية الاميركية أعلنت بعد تسليم المقرحي وفحيمة أن واشنطن لن ترفع العقوبات عن ليبيا "الى ان تتحقق شروط معينة"، فإن الايطاليين والاسبان يعملون لتليين الموقف الاميركي المتشدد بالاعتماد على رغبة الشركات الاميركية في إنهاء العقوبات. وفي هذا الاطار يلعب "المجلس القومي للتجارة الخارجية" المعروف بتأييده رفع العقوبات دوراً نشطاً في السعي الى فتح الباب أمام شركات النفط الاميركية للعودة الى ليبيا مما يعزز المساعي الايطالية - الاسبانية الرامية الى انهاء سياسة عزل ليبيا والتي انتهجتها الادارات الاميركية منذ أواسط الثمانينات خلال عهد الرئيس رونالد ريغان الذي أعطى أوامر بشن غارات جوية على العاصمة الليبية في نيسان ابريل 1986. وتقضي العقوبات الاميركية السارية منذ ذلك التاريخ بمنع البنوك من تمويل أو ترتيب معاملات تعود بالنفع على ليبيا. وشددت واشنطن العقوبات عام 1995 باعتماد تشريع يعاقب الشركات الاجنبية التي تتولى استثمارات تتجاوز 40 مليون دولار في السنة في قطاع النفط الليبي. لكن ارين شوغرمان المسؤولة في "المجلس القومي الاميركي للتجارة الخارجية" أكدت مطلع الشهر ان "هناك اتجاهاً في الكونغرس الى تخفيف العقوبات" المفروضة من جانب واحد. لكن مصادر مطلعة أكدت ان روما ومدريد تعطيان الأولوية لكسر الحواجز بين ليبيا وأوروبا في المرحلة الأولى، كون القطيعة القائمة منذ مطلع التسعينات لا تخضع لتشريعات محلية بل اندرجت في اطار التقيد بالعقوبات التي فرضتها الاممالمتحدة على ليبيا. ويرجح ان المصالح الايطالية والاسبانية الواسعة في ليبيا، والتي تجسدها شركتا "إيني" و"ربسول" النفطيتان، هي التي تقف وراء التحركات الديبلوماسية المشتركة لإعادة ليبيا الى المجتمع الدولي. وكان وزير النفط الليبي عبدالله سالم البدري أعلن بعد تعليق العقوبات الدولية ان ليبيا تأمل بعودة الشركات الاميركية قريباً للعمل فيها.