قالت مصادر ديبلوماسية غربية في تونس أمس ان رئيس الوزراء الايطالي ماسيمو داليما وجه رسائل الى نظرائه في الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي، لشرح نتائج زيارته الأخيرة الى ليبيا حملت تقويماً ايجابياً لآفاق العلاقات المستقبلية مع ليبيا ودعت الى تسريع التطبيع معها. وأوضحت المصادر ان داليما، وهو أول رئيس حكومة غربي يجتمع مع القذافي منذ 15 عاماً، وجهة الرسائل من موقع عضوية بلاده في الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي، وأضافت ان الرسائل ركزت على الموقف الذي سمعه داليما من القذافي الخميس الماضي والذي عكسه جزئياً البيان المشترك الايطالي - الليبي الصادر في أعقاب الزيارة. وفي هذا الاطار أبرز داليما جانبين رئيسيين أولهما تعهد الليبيين عدم تقديم المساعدة للجماعات الارهابية وكذلك عدم حماية أفرادها وتوفير ملجأ آمن لهم. وثانيهما الاستعداد لمزيد من التعاون الدولي في مكافحة الارهاب، خصوصاً أن ليبيا وقعت على "الاتفاق العربي لمكافحة الارهاب" الذي توصل اليه وزراء العدل والداخلية العرب العام الماضي. وأفادت مصادر مطلعة ان ايطاليا ستركز جهودها بعد نجاح زيارة داليما الى ليبيا على محاولة إقناع شركائها في الاتحاد الأوروبي بضرورة منح مقعد عضو كامل لليبيين في المؤتمر الوزاري الأوروبي - المتوسطي المقبل، خصوصاً أن هناك إجماعاً عربياً على هذا الطلب. وكانت ايطاليا أقنعت شركاءها الأوروبيين بضم ليبيا الى المؤتمر الأخير الذي استضافته مدينة شتوتغارت الألمانية في نيسان ابريل الماضي، والذي حضره وفد ليبي قاده مسؤول أوروبا في وزارة الخارجية الليبي وزير الخارجية الأسبق السيد عبدالعاطي العبيدي. إلا أن عواصم أوروبية عدة ما زالت تربط منح صفة العفو الكامل لليبيا، التي لم تشارك في الاجتماع التأسيسي لمسار برشلونة العام 1995، برفع مجلس الأمن نهائياً العقوبات التي كان قررها العام 1992. وأوضحت المصادر ان ايطاليا عبرت لشركائها الغربيين عن الأمل بأن تكون زيارة داليما فاتحة لزيارات مماثلة يقوم بها نظراؤه الأوروبيون لتشجيع "ليبيا على مزيد من الاعتدال" وتسريع خطوات اندماجها في المجتمع الدولي بواسطة تكثيف التشاور السياسي المباشر وتطوير علاقات التعاون الاقتصادي. ونقلت عن داليما قوله انه شعر بأن الموقف الليبي من الارهاب والاستعداد لتطوير علاقات شراكة مع الغرب لا يعكسان مجرد اجراء تكتيكي متصل بمحاكمة الليبيين المشتبه بضلوعهما في قضية "لوكربي" عبدالباسط المقرحي والأمين فحيمة، وانما يشكلان "خياراً ناضجاً" لدى الحكم الليبي. ويمثل غداً كل من المقرحي وفحيمة أمام محكمة اسكتلندية في قاعدة زيست الهولندية للنظر في اجراءات تتعلق بطريقة بدء محاكمتهما التي يتوقع أن تنطلق في شباط فبراير المقبل. ويتطابق تحليل داليما مع الاستنتاجات التي استخلصها وزير الخارجية لامبرتو ديني في أعقاب زيارته ليبيا بعد يوم واحد من قرار مجلس الأمن تعليق العقوبات الدولية في حقها في نيسان ابريل الماضي، وكان أول وزير خارجية غربي يزورها منذ تقرير العقوبات. لكن المصادر الايطالية لا تتوقع ان يزور القذافي ايطاليا في الأمد المنظور، خلافاً للتكهنات التي راجت أخيراً، لكنها أكدت أن روما ستكون أول عاصمة غربية يزورها الزعيم الليبي بعد الرفع الكامل للعقوبات الدولية عن بلده واخراجه من العزلة. وشددت على أهمية التطور المرتقب في العلاقات الاقتصادية بين ايطاليا وليبيا التي كانت أخضعت للاحتلال الايطالي بين 1911 و1943. وأشارت الى أن المحادثات التي أجراها داليما مع كل من أمين اللجنة الشعبية العامة رئيس الوزراء محمد أحمد المنقوش وأمين وزير الاقتصاد والتجارة عبدالحفيظ الزليطني اضافة لوزير الخارجية عمر المنتصر تركزت على آفاق تطوير التعاون الثنائي في قطاعي النفط والتجارة، اضافة الى التفكير في تكثيف الاستثمارات المشتركة. وتدير مجموعة "إيني" النفطية الايطالية مشاريع واسعة في ليبيا وهي لم تتأثر بالحظر الذي فرضته الولاياتالمتحدة على تطوير مشاريع في ليبيا، وربما كانت على العكس المستفيد الأول من انسحاب الشركات النفطية والصناعية الأميركية من البلد بعد تأزم العلاقات السياسية الأميركية - الليبية. لكن مصادر مطلعة أكدت ان روما لا تسعى الى تعميق الهوة بين الليبيين والأميركيين وانما هي تعمل على ترطيب الأجواء بينهما.