أعلن رئيس الاتحاد العمالي العام الياس ابو رزق بعد يومين من سحب الثقة منه كرئيس لمجلس ادارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وانتخاب الدكتور موريس ابو ناضر خلفاً له، انه ينوي الاستقالة من رئاسة الاتحاد "احتجاجاً على التدخلات السياسية". موقف ابو رزق هذا جاء في خطاب ألقاه امس في مدينة صور في المهرجان العمالي الذي أقيم لمناسبة الذكرى الثالثة لمجزرة قانا التي ارتكبتها اسرائيل. وتأتي الاستقالة قبل ثلاثة ايام من موعد انطلاق التظاهرة المقررة عصر بعد غد الاربعاء، بدعوة من الاتحاد من أمام ساحة مستشفى البربير الى شارع المستشفى العسكري في منطقة المتحف حيث المقر الخاص لمجلس الوزراء الذي يلتئم في جلسة عادية، احتجاجاً على فرض مزيد من الضرائب والرسوم ومطالبة بتصحيح الأجور. وفي معلومات "الحياة" ان الاسباب التي أملت على ابو رزق تقديم استقالته من الاتحاد الى المجلس التنفيذي الذي سينعقد بناء على طلبه، تعود الى رفضه التدخلات السياسية التي أقصته عن رئاسة صندوق الضمان، لتعذّر تأمين النصاب الذي يتيح له توجيه الدعوة الى عقد أول اجتماع له، خصوصاً ان الذين أيّدوه لهذا المنصب عادوا وتراجعوا عن دعمه ما أفسح في المجال أمام اعادة انتخاب منافسه الدكتور ابو ناضر. واستناداً الى المعلومات، يوجّه أبو رزق اللّوم في الدرجة الأولى الى عدد من الحلفاء الذين كانوا وراء اعادة انتخابه في 30 تموز يوليو الماضي رئيساً للاتحاد العمالي خلفاً لرئيسه المستقيل غنيم الزغبي الذي لم يتمكن من متابعة ولايته، وعادوا الى الانقلاب عليه لمصلحة أبو ناضر في انتخابات الضمان. والمعلوم ان أبو رزق غاب عن جلسة انتخاب أبو ناضر وتضامن معه النقابي الشيوعي جهاد المعلم في وقت انحاز الشيوعيون الآخرون الى جانب الرئيس الجديد، اضافة الى تضامن سليمان حمدان، وهو ينتمي الى الحزب التقدمي الاشتراكي، وكان خالف موقف قيادة حزبه المناوىء لرئيس الاتحاد العمالي. وغاب عن الجلسة ولأسباب صحية النقابي جورج علم وهو مقرّب من تيار "القوات اللبنانية" المحظورة، في مقابل مبادرة النقابيين المحسوبين على حركة "أمل" والحزبين السوري القومي الاجتماعي والكتائب بسحب تأييدهم لأبو رزق الى جانب عدد من ممثلي أرباب العمل في صندوق الضمان. وأدى كل ذلك الى مقاطعة أبو رزق جلسة الانتخاب، بعدما شعر ان لدى معظم ممثلي الحركة النقابية قراراً ضمنياً بسحب الغطاء السياسي عنه، على رغم انه ترشّح الى رئاسة صندوق الضمان بملء ارادته ولم يطلب منه الذين دعموه الامتناع عن خوض المعركة في وجه المرشح أبو ناضر المدعوم من الحكومة، وكان استقال من التدريس في الجامعة اللبنانية. وفي هذا السياق، قال مصدر نقابي ل"الحياة" ان فوز أبو رزق ولّد حالاً من الإرباك داخل الحكومة والقوى النقابية الداعمة لها التي حاولت اقناعه بالحسنى بضرورة إخلاء الساحة لمصلحة أبو ناضر، لكنه رفض الانصياع لرغبتهم، وأصرّ على موقفه الى حين تقرّر استبعاده". وأضاف "كان يصعب على أبو رزق التراجع، أي الإستقالة، ليفسح في المجال أمام إعادة إنتخاب أبو ناضر في دورة ثانية، شعوراً منه انه هو الحلّ، متّهماً عدداًمن الحلفاء بأنهم طعنوه في الظهر وانقلبوا عليه لاعتبارات سياسية". وأشار النقابي الى "ان أبو رزق ربما لم يُحسن القراءة السياسية للوضع المحدث داخل الاتحاد العمالي". ولفت الى ان مصير الدعوة الى التظاهر "بات قيد البحث"، مؤكداً ان "التباين القائم داخل الاتحاد العمالي قد يفرض على بعض مؤيدي أبو رزق ولارتباطات سياسية إعادة النظر في موقفهم المؤيّد للتظاهر". وقال "ان أبو رزق وُضع أمام خيارين: إما ان يستمر في الدعوة الى التظاهر حتى لو كانت المشاركة رمزية، وإما ان يصرف النظر ويحمل القوى النقابية الاخرى مسؤولية مباشرة حيال التراجع، من خلال تجميد المجلس التنفيذي الدعوة الى التظاهر احتجاجاً على زيادة رسوم وضرائب أقرّها مجلس الوزراء من خلال إعداد مشروع قانون الموازنة للعام 1999". يُذكر ان أبو رزق أعلن، في مهرجان صور، تقديم استقالته، رافضاً ما وصفه بالتدخلات السياسية الحاصلة في الاتحاد، ومشيراً الى انه سيتشاور مع القيادة العمالية من اجل التحضير لانتخاب قيادة جديدة، ومؤكداً ان "والده علّمه الكرامة وان كرامته لا تسمح له بالاستمرار".