«الصناعة»: رصد تحديات النمو والتوسّع في 1000 مصنع    هل تعود أحداث الحجْر والهلع من جديد.. بسبب فايروس صيني ؟    اعرف صحتك من لون لسانك    «سلمان للإغاثة».. يواصل دعمه للاجئين السوريين في عرسال    «الدفاع المدني»: أنصبوا الخيام بعيداً عن الأودية والمستنقعات    رسوم وحروفيات شعرية تزيّن صخور تهامة المخواة    «البيئة»: منى تسجّل أعلى كمية أمطار ب 89 مليمتراً    نائب أمير منطقة تبوك يزور مهرجان شتاء تبوك    8 ملاعب تحتضن مباريات كأس آسيا 2027    الجنف.. عدو العمود الفقري    عشاق الزيتون    الذهب يرتفع وسط انخفاض الدولار.. والأسهم إيجابية    مترو الرياض الأول عالمياً    سلمان بن سلطان: زراعة أشجار العود والصندل تعزيز للاستدامة البيئية    انحراف المدرج .. تحديات وحلول    سعود بن طلال يشيد بدعم القيادة للقطاعات العسكرية    الذكاء الاصطناعي ليس عبقرياً    الخارجية الفلسطينية تدين التصريحات التحريضية الإسرائيلية    واشنطن: موسكو تمول طرفي حرب السودان    القوات الروسية تتقدم في أوكرانيا    شاحن لتشغيل 5 أجهزة حاسوب في وقت واحد    أكل النقانق «خيانة» في كوريا الشمالية    عوائق العلاقات الطبيعية بين لبنان وسورية    دعم القطاع الخاص للبحوث والدراسات العلمية    الاتحاد يُقصي الهلال بركلات الترجيح ويتأهل لنصف نهائي كأس الملك    في انطلاق كأس السوبر الإسباني بالجوهرة.. برشلونة في اختبار أتلتيك بيلباو    خيسوس مدرب الهلال : الفريق الأفضل لم يفز الليلة والنتيجة لم تعكس واقع المباراة    إقامة بطولة أساطير الخليج.. فبراير المقبل    فارياوا يحسم المرحلة الثالثة برالي داكار السعودية.. والراجحي يتراجع    العدالة والمنافسة على الصعود    اعتزلت الملاعب    الشرع يفتخر بما فعلته السعودية لمستقبل سوريا    أمير نجران يكرّم قائد الأفواج الأمنية بالمنطقة سابقاً    مجلس الوزراء: الموافقة على نظام المواد البترولية والبتروكيماوية وتعديل نظام المرور    أمر ملكي بتعيين 81 "مُلازم تحقيق" بالنيابة العامة    حرس الحدود بجازان يقدم المساعدة لمواطن تعرض لأزمة صحية في عرض البحر    نجاح.. شهرة.. ثقافة    شراكة أمانة الرياض والقطاع الخاص    أمر ملكي بتعيين (81) عضوًا بمرتبة مُلازم تحقيق على سلك أعضاء النيابة العامة القضائي    «حياكة السدو» تستوقف زوّار «حرفة»    جازان تستضيف النسخة الأولى من معرض الكتاب 2025    جائزة الملك فيصل تعلن الفائزين للعام الحالي    أساس الألقاب في المجتمع السعودي    احسبها صح .. بعيداً عن الفوضى    محتوى الإعلام الدولي.. ومؤتمر سوق العمل !    الأفلام والدخل الوطني    لماذا بطولة بولو العالمية في صحراء العلا ؟    هيئة الأوقاف تعرّف بخدماتها في تبوك    سعود بن نايف يطلع على جهود «أصدقاء السعودية»    أمير الشمالية يتفقّد مبنى إدارة الأدلة الجنائية الجديد    أمير حائل يدشن مهرجان العسل    «تخصصي المدينة المنورة» يحصل على «الآيزو» في إدارة المرافق    «HMPV».. فيروس صيني جديد يثير هلعاً عالمياً    نائب وزير الداخلية يستقبل السفير المصري لدى المملكة    سفير فلسطين: شكراً حكومة المملكة لتقديمها خدمات لجميع مسلمي العالم    بلسان الجمل    العداوة الداعمة    حماية البذرة..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خريطة الاحزاب، التوقعات، السيناريوهات ، "الصوت الكردي" ، "الصوت العلوي" . النتيجة المؤكدة للانتخابات التركية اليوم : عدم الاستقرار
نشر في الحياة يوم 18 - 04 - 1999

يتوجه عشرات ملايين الاتراك اليوم الى صناديق الاقتراع لانتخاب مجلس نيابي يتوقع له ان يكون شديد التشرذم وأن يقود البلاد نحو ائتلافات صعبة وحكم غير مستقر. الاحزاب المتنافسة كثيرة ولكن الصراع يدور حول الموقع الأول بين "حزب الفضيلة" الاسلامي، وريث "حزب الرفاه"، وبين "حزب اليسار الديموقراطي" بزعامة رئيس الوزراء الحالي بولند أجاويد. وتتجه الانظار الى الصوت الكردي لمعرفة ما اذا كان سينجح في التعبير عن نفسه في ظل التفاعلات التي اطلقها اعتقال عبدالله اوجلان. كما ان الاحزاب العلمانية تتصارع على "الصوت العلوي" الذي كان ميالاً إليها باستمرار وان كان يأخذ على بعضها عدداً من الممارسات.
"الفضيلة آتٍ"، "انه زمن حزب اليسار الديموقراطي"، "انتخابات صعبة"، "لماذا هذه الانتخابات؟".
هذه بعض العناوين المتناقضة للانتخابات النيابية والبلدية في تركيا اليوم. من اسطنبول، الى انقرة، الى ازمير الى الجنوب الشرقي، تتسارع عجلات الحافلات الضخمة التي تقلّ قادة الاحزاب الذين يتخذون منها منابر لالقاء خطبهم امام الناس في الساحات العامة، قاطعين آلاف الكيلومترات، ومع كل مهرجان كانت نبرة الاصوات تتراجع من "كثرة الكلام". وكم كان لافتاً مشهد تانسو تشيللر، زعيمة حزب الطريق القويم، وهي تخاطب حشوداً حملوا جميعاً المظلات لاتقاء المطر، فيما فضلت الكلام من دون مظلة والمطر يبلل شعرها ووجهها.
تذهب تركيا اليوم الى استحقاق مزدوج، وهي تعرف سلفاً ان الخريطة الجديدة للبرلمان، بغض النظر عن الحزب الفائز وبغض النظر عمن سيسقط، لن تجلب الاستقرار، في بلد طبعه قلق الهوية وصراع الخيارات بطابعه، عبر السنوات ال75 للجمهورية.
الشعور العام لدى المواطنين، هو اللامبالاة بما يجري. الحماسة قليلة، والحياة العملية في اسواق انقرة، وفي شوارعها روتينية، وعادية جداً، ومقاهي الأرصفة ممتلئة، على صمت وسكون، كأن لا انتخابات.
ويقارن بعضهم، في اشارة طريفة، الى الفارق بين سلوكين مختلفين للناخبين، واحد للاسلاميين وآخر للعلمانيين: يستيقظ الناخب "الاسلامي" باكراً مع آذان الفجر فيتوضأ ويؤدي الصلاة، وبعدما يشرب فنجاناً من الشاي على وجه السرعة، ينطلق مع افراد عائلته الراشدين الى صندوق الاقتراع، فيصله حتى قبل ان تفتح الأبواب، وفي مدة قصيرة يكون آلاف الناخبين "الاسلاميين" شكلوا طابوراً طويلاً جداً، فيما يكون الناخب "العلماني"، بالكاد قد استيقظ بحدود الساعة العاشرة، وبعد ممارسة بعض الرياضة يذهب ليستحم، ثم يحلق ذقنه على وقع الموسيقى، ويهيئ على مهل كوب "النيسكافيه" مع الحليب الذي يستغرق ارتشافه وقتاً. بعد ذلك يرتدي هذا الناخب ثيابه ويذهب الى صندوق الاقتراع وما ان يصل حتى "يفاجأ" بطوابير الناخبين الاسلاميين للتذكير فيقرر عدم الوقوف في الطابور لساعات ليقضي بقية يومه في "البيكنيك" على ساحل البحر او الجبل... الخ. وبهذه الطريقة يكسب الاسلاميون ويخسر العلمانيون.
وخارج اطار المبالغة الوارد في هذه "الواقعة" التي تتضمن مع ذلك كثيراً من الواقع، فإن في ذلك انعكاساً للتعارض القائم داخل المجتمع التركي، بين الانتماءات الايديولوجية والعرقية والمذهبية. ولهذا تأثيره الأكيد في سير العملية الانتخابات.
صعود أجاويد
قياساً الى انتخابات 1995، تفتقد الحملة الانتخابية الحالية، برامج التغيير الجذرية، ولا يُظهر اي حزب اي مشروع جدي ومتكامل حول النظام السياسي او الاقتصاد او التعليم او السياسة الخارجية. انها معركة على المواقع وتأكيد الوجود من غير زاوية.
السمة الطاغية على انتخابات اليوم هي الصعود المفاجئ، وفي مدة قصيرة لا تتجاوز الشهرين لرئيس حزب اليسار الديموقراطي بولند اجاويد، ولعل احد اهم اسباب هذه "الفورة" اعتقال زعيم حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان اثناء حكم الحكومة الحالية التي يترأسها اجاويد. لذا يركز اجاويد على دور حزبه في مكافحة الارهاب واعادة الثقة بالدولة التي اهتزت بعد ظهور تورط مسؤولين امنيين مع عصابات المافيا. وينعكس الشعور بالقوة عند اجاويد من خلال رفع شعار مثلث: "اقتصاد قوي، سياسة خارجية قوية، وتركيا قوية". وحتى لا تفوت هذه الفرصة التي لن تتكرر لاحقاً معه، وهو في اواخر حياته السياسية، يركز اجاويد حملته لانتزاع اصوات منافسه في جبهة اليسار دينيز بايكال، زعيم "حزب الشعب الجمهوري"، داعياً الى "عدم تقسيم الاصوات، وعدم تخريب الوحدة" ويقصد بذلك اصوات اليسار ووحدة اليسار، والانخراط في صفوف اليسار الديموقراطي لأن الزمن "الآن زمن حزب اليسار الديموقراطي". هذه الحملة على حزب الشعب الجمهوري، واتهام زعيمه بايكال بأنه "خارج العصر"، دفعت بالأخير لاتهام اجاويد بأنه لم يعد ذلك "الاجاويد" القديم.
ولا يفوّت اجاويد فرصة ايضاً للهجوم على زعيمة حزب الطريق المستقيم ويستشيط غضباً من اتهام تشيللر له بأنه معادٍ للدين، فيما يتهمها اجاويد بأنها حوّلت الدين اداة للسياسة حينما قالت في مهرجان في قونية بأنها "كفيلة المؤمنين، والعنوان الوحيد لهم"، وقال بأنها "سوف تدفع الثمن" في انتخابات اليوم.
هم "الفضيلة"
وتختلف دوافع الحملة الانتخابية عند حزب الفضيلة عنها لدى الاحزاب الاخرى. فبعدما وضع السلطة هدفاً كبيراً امام عينيه للتغيير عام 1995، يبدو جلّ همّ حزب الفضيلة المحافظة على موقعه السابق ان لجهة الاصوات التي سيحصل عليها او لجهة بقائه الحزب الاكبر في البرلمان. وقد ارسل زعيمه، رجائي قوتان، اشارات "تطمين" قبل ايام حين قال بأنه لا يتطلع ابداً الى رئاسة الحكومة، وفي ذلك ايضاً اشارة الى انه لا مكان لحزب الفضيلة في الحكومات التي ستنشأ عن البرلمان الذي سينتخب اليوم. لكن الحزب، الذي يركز على قضايا الحريات وحقوق الانسان والديموقراطية ويتخذ من اجاويد ويلماظ هدفاً لحملاته الانتخابية، واثق من نتائج انتخابات اليوم وتصدره للنتائج نسبة اصوات وعدد مقاعد.
"الوطن الأم"
"صوت الاكثرية الصامتة"، و"المشكلات كثيرة، والحل واحد: حزب الوطن الأم"، هو شعار حزب "الوطن الأم" في انتخابات اليوم. ولكن الجميع يتوقعون تراجع اصواته، في اثر افتضاح ارتباط بعض مسؤوليه بأوساط المافيا من جهة، وخسارته لجانب من قاعدته الاسلامية التي تشكلت في عهد مؤسسه الرئيس الراحل تورغوت اوزال، بعدما اغلقت المرحلة المتوسطة من معاهد إمام - خطيب ومُنعت المحجبات من دخول الجامعات في عهد الحكومة التي كان يترأسها.
"الطريق القويم"
ولا تختلف ايضاً التوقعات حول تراجع حزب الطريق القويم بزعامة تانسو تشيللر التي تحاول كسب اكبر كتلة ممكنة من اصوات الاسلاميين الذين لن يقترعوا لصالح حزب الفضيلة. لذا تتخلل حملتها الانتخابية عناصر دينية كثيرة، حتى لتخال نفسك حسب قول زعيم حزب الفضيلة، امام إمام جامع.
لكن من خلال تجاوز تشيللر، بصورة مذهلة، ل"قطوعات" سابقة، فلن يكون مفاجئاً ان حققت نتائج تخالف التوقعات وتحفظ على الأقل مواقعها الحالية. وقد لمّحت تشيللر الى انها لن تعارض إقامة ائتلاف حكومي بعد الانتخابات مع حزب الفضيلة. وترفع تشيللر شعار "كفى، الحق للأمة"، وفي ذلك تذكير بأنها امتداد للحزب الديموقراطي الذي اعدم رئيسه، عدنان مندرسي، عام 1961، بعد انقلاب 27 ايار مايو 1960 والذي كان شعاره "كفى، الكلمة للأمة".
"الشعب الجمهوري"
اما حزب الشعب الجمهوري، فإنه الاكثر قلقاً على مصيره، وهو الذي بالكاد استطاع عام 1995 الحصول على نسبة العشرة في المئة لدخول البرلمان. وتتوقع معظم الاستطلاعات حصول الحزب على هذه النسبة، ويراهن زعيمه دينيز بايكال على المقترعين الجدد من الشبان للتعويض عن الاصوات التي قد يفقدها لصالح حزب اجاويد، ويركز معظم انتقاداته للأخير قائلاً: "اين هو ذلك الاجاويد القديم".
واستطاع حزب الحركة القومية، اليميني المتشدد ان يلملم صفوفه بعد الخلافات التي عصفت به اثر وفاة رئيسه التاريخي آلب ارسلان توركيش. ويقود الحزب الآن دولت باغجلي، الذي يؤكد انه سيتجاوز بسهولة حاجز العشرة في المئة، بعدما فشل في ذلك في انتخابات 1995 إذ نال حينها 9 في المئة من الأصوات.
الى هذه الاحزاب الأساسية يخوض الانتخابات النيابية عدد كبير من الاحزاب "المتوسطة" و"الصغيرة" التي ستتراوح نسبة ما ستحصل عليه بين الصفر والخمسة في المئة، فضلاً عن آلاف المرشحين المستقلين.
الصوت الكردي
من هذه الاحزاب "المتوسطة" يبرز حزب الديموقراطية الشعبي HADEP الذي يعكس تطلعات الغالبية الكردية في تركيا. وقد استطاع هذا الحزب تجاوز محاولات منعه من خوض الانتخابات، وآخرها يوم الخميس الفائت. ويُنظر اليه على انه الزراع السياسية لحزب العمال الكردستاني، لذا اعتقل الآلاف من اعضائه، بعد اعتقال اوجلان، ومنهم رئيسه مراد بوزلاف الذي ما زال حتى الآن في السجن. وقد نظم الحزب، بنجاح، مهرجاناً في انقرة، اول من امس الجمعة، في ظل اجراءات امنية شديدة، بعدما منعت القوى الامنية مهرجاناً له قبل ذلك بيومين، في ديار بكر.
يخوض حزب الديموقراطية الشعبي انتخابات اليوم في ظل عامل جديد ومؤثر وهو اعتقال عبدالله اوجلان وقبل ايام من بدء محاكمته في 30 نيسان ابريل الجاري. وفي ظل الغضب الكردي من اعتقال اوجلان يتوقع ان ترتفع "العصبية الكردية" في الالتفاف حول المتنفس الاخير لهم والتصويت بكثافة لحزب الديموقراطية الشعبي، تأكيداً بأن القضية الكردية لم تمت، ما يفاقم من حدة الاحتقان التركي - الكردي. ويحذر مسؤولو الحزب بأنه اذا لم يتمثل في البرلمان الجديد فإن أحداث الجنوب الشرقي سوف تتواصل وتزداد.
وإذ ينفي مسؤولو الحزب اية صلة لهم بحزب العمال الكردستاني، فانهم بدأوا يظهرون انفتاحاً على الاسلاميين من اجل توسيع قاعدة التأييد لهم.
ويشير مسؤولو الحزب الى انهم يريدون حلاً للمسألة الكردية تحمي وحدة تركيا، وان دخولهم البرلمان هو "فرصة لتركيا". كما يشدد احد مسؤولي الحزب على مسألة الهوية حين سُئل: "ما هي بالنسبة لكم المسألة الكردية؟" فأجاب قائلاً: "ان استطيع القول بأني كردي". لذا فإن ارتفاع نسبة التأييد لحزب الديموقراطية الشعبي في انتخابات اليوم عما كانت عليه عام 1995 4.7 في المئة سيكون مؤشر خطر على تفاقم الشرخ العرقي في تركيا، وعدم استطاعة الاحزاب التركية الاخرى تقديم مشروع يطمئن سكان الجنوب الشرقي ويجسد تطلعات الهوية لدى الغالبية الكردية.
الصوت العلوي
فيما يقدّر العلويون عددهم في تركيا ب25 مليوناً، تشير تقديرات "محايدة" الى انهم يقاربون ال18 - 20 مليوناً. وفي جميع الحالات يشكل العلويون كتلة ناخبة في غاية التأثير. ومع انه لا يمكن القول بوجود "صوت" علوي واحد، الا ان الاتجاه العام لهذا الصوت كان خلال الثلاثين عاماً الماضية يميل لصالح احزاب اليسار العلماني ولا سيما حزب الشعب الجمهوري. ونظراً للظروف الاضطهادية التي مرّ بها علويو تركيا في العهد العثماني ولا سيما منذ القرن السادس عشر، فقد وجد هؤلاء في اعلان الجمهورية عام 1923 وإقامة نظام علماني متنفساً ل"العودة الى النور". لكن الحكومات المتعاقبة منذ عهد اتاتورك وحتى اليوم لم تستجب للتطلعات البلدية ولانصافهم في الدوائر الرسمية والمؤسسات الدينية. يقول رئيس وقف "جيم" العلوي، وأحد أبرز القادة العلويين البروفسور عزالدين دوغان ان اي حزب "لم يظهر الرغبة في ردم هوة التمييز بين السنة والعلويين وإحداث تغييرات قانونية ولا سيما في رئاسة الشؤون الدينية التي يقتصر التمثيل فيها على السنة". ويطالب العلويون الآن بتمثيلهم في هذه المؤسسة واعادة بنائها من جديد، او احداث مجلس رسمي خاص بهم، ويرون ان من حقهم التمثّل في رئاسة الشؤون الدينية ما داموا يدفعون ثلث ميزانيتها.
كما يطالب العلويون بالغاء تدريس الدين في المدارس او اضافة تدريس المذهب العلوي الى هذه المادة. وقد بدأت اتجاهات العلويين السياسية تتبدل منذ عشر سنوات. ولم يعودوا "خزّان اصوات" مضموناً لحزب الشعب الجمهوري.
استطلاعات الرأي
تجهد معظم وسائل الاعلام التركية المكتوبة والمرئية في ممارسة "رياضة ذهنية" في غاية التعقيد تتمحور حول كافة إحتمالات الفوز او السقوط لهذا الحزب او ذاك. وفي حين تشيع اوساط اجاويد انه قد يحصل على ثلاثين في المئة من الاصوات، تبقى اوساط حزب الفضيلة "أقل تواضعاً" حين تعطي للفضيلة 24 في المئة و18 في المئة لحزب اليسار الديموقراطي. ولكن المؤكد هو ان حزب اليسار الديموقراطي سيحقق نتائج مهمة قياساً على ما ناله عام 1995 وهو 14.6 في المئة. والراجح ان حزب الفضيلة قد يحتفظ بالمركز الأول نسبة اصوات ومقاعد نيابية، يليه حزب اليسار الديموقراطي. لكن بعض الدوائر لا تستبعد ان ينال حزب اليسار الديموقراطي نسبة اصوات اكثر من حزب الفضيلة ولكن، ونظراً للنظام الانتخابي التركي، سيحصد الفضيلة العدد الاكبر من النواب.
سيناريوهات ما بعد الانتخابات
ويتوقف على نجاح او فشل حزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية جانب كبير من عناصر المشهد السياسي في تركيا صباح الاثنين 19 نيسان ابريل. اذ ترتبط بهذا العامل ملامح المرحلة المقبلة وفقاً للسيناريوهات التالية:
1 - السيناريو الأول: في حال نجاح الاحزاب الستة في دخول البرلمان، فإن تشكيل حكومة جديدة يتطلب بالتأكيد ائتلافاً من ثلاثة احزاب على الأقل. ولما كان، مبدئياً، من المستبعد مشاركة حزب الشعب الجمهوري في حكومة واحدة مع اجاويد او حزب الفضيلة فإن تشكيل حكومة جديدة يفترض واحداً من احتمالين: الأول حكومة تضم حزب اليسار الديموقراطي اجاويد وحزب الوطن الأم يلماظ وحزب الحركة القومية. والثاني حكومة تضم حزب الفضيلة وحزب الطريق المستقيم وحزب الحركة القومية. وهنا يظهر الدور الحاسم الذي سيلعبه حزب الحركة القومية، الذي يجمع بين الميول القومية والاسلامية، في تحديد اي خيار ستكون عليه الحكومة التركية المقبلة.
2 - السيناريو الثاني: في حال نجاح خمسة احزاب وسقوط حزب الشعب الجمهوري، فان المستفيد الأكبر سيكون حزبا الفضيلة وحزب الوطن الأم، ولكن من جديد لا يمكن لحزبين ان يشكلا اكثرية مطلقة لتشكيل حكومة جديدة طبعاً في ظل استبعاد خيار التحالف بين الاسلاميين وأجاويد وسيكون على أية حكومة جديدة ان تتشكل من ثلاثة احزاب، وهنا سيكون دور حزب الحركة القومية حاسماً، اذا افترضنا ان حزب الطريق القويم تشيللر لن ينضم لائتلاف اجاويد - يلماظ، او ان يلماظ لن ينضم الى ائتلاف الفضيلة - تشيللر.
3 - السيناريو الثالث: في حال نجاح خمسة احزاب وسقوط حزب الحركة القومية فإن المستفيد الأكبر سيكون حزبا الفضيلة واليسار الديموقراطي. وفي ظل استبعاد مشاركة حزب الشعب الجمهوري في حكومة واحدة مع اجاويد او الفضيلة فإن خيار حزب الطريق القويم سيكون حاسماً فيما اذا كان سينضم الى ائتلاف اجاويد - يلماظ.
4 - السيناريو الرابع: في حال نجاح اربعة احزاب وسقوط حزبي الحركة القومية والشعب الجمهوري، فإن اللوحة ستتغير بالكامل اذ سيكون المستفيد الأكبر من ذلك هو فقط حزب الفضيلة. وستكون البلاد امام خيارات صعبة: إما ائتلاف يضم الفضيلة وتشيللر، وهذا يعيد الأوضاع الى ما كانت عليه ايام حكومة اربكان - تشيللر، مع ما في ذلك من ارباكات وتوترات، وإما حكومة تضم اجاويد ويلماظ وتشيللر، وفي الحالتين ستكون تانسو تشيللر مفتاح تشكيل أية حكومة اذا افترضنا ان الائتلاف "مستحيل" بين الفضيلة وأجاويد، وانه "مستبعد" بين الفضيلة والوطن الأم. وفي جميع هذه السيناريوهات الافتراضية، فإن شيئاً واحداً مجمعاً عليه، وهو ان مشهد التشرذم السياسي الحالي سيستمر وربما بصورة اكبر، مع ما يعنيه ذلك من مضاعفات سلبية على الاستقرار السياسي والاقتصادي في بلد يغلي في الداخل وفي محيطه الاقليمي.
الانتخابات التركية بالأرقام
عدد سكان تركيا: 574.865.62
عدد الناخبين: 000.612.37
عدد صناديق الاقتراع: 596.208
عدد النواب الذين سينتخبون: 550 نائباً
عدد رؤساء البلديات الكبرى: 15
عدد رؤساء البلديات الباقية: 200.3
عدد أعضاء المجالس البلدية: 823.33
عدد أعضاء المجلس العام للمحافظة: 126.3
عدد الدوائر الانتخابية: 84 دائرة
كيفية اجراء الانتخابات النيابية
تجرى الانتخابات النيابية على قاعدة التمثيل النسبي على مستوى المحافظة التي تشكل في معظم الحالات دائرة انتخابية واحدة، فيما قُسمت اسطنبول إلى 3 دوائر وأنقرة إلى دائرتين وأزمير إلى دائرتين انتخابيتين. ويشترط في الأحزاب الفائزة على مستوى المحافظة أن تنال، على مستوى تركيا ككل، نسبة عشرة في المئة، لكي تتمثل في البرلمان، وإلا فإن أصوات الأحزاب الفائزة في المحافظة والفاشلة على مستوى تركيا، تُجيّر إلى الحزب الثاني ومن يليه من الأحزاب الفائزة في المحافظة وعلى مستوى تركيا. أي أن العديد من الأحزاب ينال مقاعد نيابية إضافية خارج العدد الذي يستحقه في الواقع. وقد ينال حزب ما نسبة مئوية أقل من الأصوات عن حزب آخر، لكنه يحصل على مقاعد نيابية أكثر.
الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات
يبلغ عدد الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات التركية اليوم عشرين حزباً، بينهم ستة أحزاب "كبيرة"، أي تقارب نسبة ما ستحصل عليه من أصوات بحدود العشرة في المئة وما فوق، إضافة إلى حزب الديموقراطية الشعبي الكردي الذي يتوقع حصوله على 5 في المئة من الأصوات.
وتحدد هذه الأحزاب قوائمها الانتخابية وفقاً لنظام المراتب، بحيث تُعرف مسبقاً الأسماء الفائزة وفقاً لعدد المقاعد التي سيربحها الحزب في الدائرة، فعلى سبيل المثال، إذا كان عدد نواب دائرة معينة عشرة نواب، يضع الحزب قائمة بأسماء مرشحيه ولكل منهم رقم من واحد إلى عشرة. بحيث يكون المرشح في المرتبة الأولى الأوفر حظاً ثم المرشح في المرتبة الثانية... وهكذا بحيث تقل فرص نجاح المرشح في المراتب الأخيرة، إلا إذا فاز الحزب بجميع مقاعد الدائرة، وهذا نادر جداً. وعلى الناخب ان يؤشر بعلامة x على الدائرة الفارغة الموجودة تحت اسم الحزب الذي يختاره، والموجود على بطاقة تضم اسماء جميع الأحزاب المتنافسة مع شعارها ورئيسها ودائرة فارغة تحتها.
أما الأحزاب المشاركة في الانتخابات التي تجرء اليوم، فهي مع اسماء زعمائها، كما يلي، ووفقاً لترتيب ورودها في البطاقة الانتخابية:
1- حزب الحرية والتضامن ODP: محمد أفق أوراس.
2- حزب العمال IP: دوغو بيرنيشيك في السجن.
3- حزب الديموقراطية والسلام DBP: رفيق قره قوتش.
4- حزب تركيا المتغيّرة DEPAR: فوكهان تشاب أوغلو.
5- حزب الوطن الأم ANAP: مسعود يلماز.
6- حزب العمل EMEP: عبدالله ليفينت توزيل.
7- حزب تركيا الديموقراطية DTP: أحمد حسام الدين جيندوروك.
8- حزب الولادة من جديد YDP: حسن جلال غوزيل.
9- حزب الوحدة الكبير BBP: محسن يازجي أوغلو.
10- الحزب الديموقراطي DP: تورغوت أوزال.
11- حزب اليسار الديموقراطي DSP: بولنت أجاويد.
12- حزب الفضيلة FP: محمد رجائي قوتان.
13- حزب الشعب الجمهوري CHP: دينيز بايكال.
14- الحزب الديموقراطي الليبرالي LDP: بيسيم تيبوك.
15- حزب السلام BP: علي حيدر وزير أوغلو.
16- حزب الأمة MP: آيغوت اديبالي.
17- حزب الطريق القويم DYP: تانسو تشيللر.
18- حزب السلطة الاشتراكي SIP: ايديمير غولير.
19- حزب ديموقراطية الشعب HADEP: مراد بوزلاق في السجن.
20- حزب الحركة القومية MHP: دولت باغجلي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.