تحاول شركة "ألف أكيتان" النفطية الفرنسية تعزيز وجودها في دول الشرق الأوسط بعدما ركّزت جهودها سابقاً في افريقيا. وتنشط الشركة الآن مجدّدا في كل من ليبيا وسورية كما عادت الى ايرانوالجزائر ومصر وتنتظر "الإنفراج السياسي" لتعود الى العراق، وتحاول الدخول في مشاريع للغاز والكهرباء في السعودية وتبدي إهتمامها بالحصول على عقد إذا فتحت الكويت الباب امام الشركات الأجنبية للإستعانة بخدماتها لتطوير بعض حقول الشمال. وتتطلع "الف" الى زيادة إنتاج الحقل القطري النفطي في الخليج ليصل إنتاجه في مرحلة مقبلة الى نحو 80 ألف برميل في اليوم وتتمنّى إيجاد أسواق للغاز للدخول في مشروع إنتاج الغاز في حقل الشمال القطري. وتحدّث مدير الشرق الأوسط وبروناي في "الف" جان جيران ساسو بوردا الى "الحياة" عن مشاريع الشركة لتعزيز وجودها في الشرق الاوسط عبر تكثيف نشاطها في دول لها وجود فيها منذ زمن بعيد. وقال عن عمليات "الف" في ليبيا أنها بدأت عام 1967 وقامت في حينه بالتنقيب هناك لكنها تركت ما اكتشفته لمدة طويلة والآن تركّز نشاطها للعودة الى العمل فيها. وقال: "منذ ثلاثة اعوام استعادت الف هذه الاكتشافات عبر الحصول على عقد راجعنا اطاره مع السلطات الليبية ونعمل الآن في حقل رقمه 137 وهو حقل بحري قرب حقل البوري الذي تعمل فيه شركة أجيب الايطالية". وتابع: "لدينا اكتشافان في ليبيا بالمشاركة مع شركة ونترشل والشركة الليبية الوطنية للنفط"، وأوضح أن مشاركة الشركة الليبية تبلغ 50 في المئة في حين تتوزّع "الف" و"ونترشل" نسبة ال 50 في المئة الباقية، 75 في المئة للأولى و25 في المئة للثانية. وعمّا إذا كان تعليق العقوبات على ليبيا سيغيّر الأمور على صعيد قطاع النفط على رغم أن لا حظر نفطياً على ليبيا قال ساسو بوردا "أنه قد يساعد فقط في انتقال الأفراد من الشركة جوّا الى ليبيا بدلاً من البرّ وأن بعض المعدّات النفطية كانت ممنوعة مثل آلات الضخّ وغيرها للعمل في الحقول البحرية وكل ذلك سيصبح أسهل بعد رفع العقوبات". وقال: "بالنسبة لهذه المعدّات تحتاج الف اليها في نهاية السنة". وتوقّع ساسو بوردا أن تؤدي الاكتشافات الى إنتاج بمستوى 30 ألف برميل يومياً، في مرحلة أولى، من حقول صغيرة. وفي الحقل الأوّل احتياط بمستوى 100 مليون برميل لكن ستكون هناك كميات اضافية من الاكتشافات وبدأنا محادثات مع "الشركة الليبية للنفط" من أجل التنقيب في بعض الأماكن في ليبيا خصوصاً في حوض مرزوق. وعن كمية زيادة قدرات ليبيا الانتاجية عبر عمليات الشركات الأجنبية في حقولها، قال المسؤول: "إن ليبيا حالياً مقيّدة مثل كل دول أوبك بالحصص الإنتاجية لكنها تحتاج الى تطوير احتياطها النفطي بسرعة ويجري حالياً تطوير بعض الحقول بمستوى صغير لن يزيد القدرات الإنتاجية الاجمالية لليبيا لكنه يسمح للإنتاج الليبي الحالي أن يبقى بمستواه وألا ينخفض. وأضاف: "لا أعتقد أن الإحتياط الليبي سيزداد بشكل ملموس في المستقبل القريب لأن هذا يتطلّب استثمارات كبرى ويتوقّف على القدرة الإنتاجية التي يريد الليبيون التوصّل اليها، ونحن نرغب في البقاء في ليبيا على المدى الطويل والاستثمار فيها لأن لديها إمكانات". وكانت "الف" قرّرت التوقف عن العمل في الجزائر منذ الاستقلال. وحتى وقت قريب كان كبار التنفيذيين في الشركة الفرنسية يعارضون العودة الى الجزائر، إلا أن رئيس الشركة فيليب جافري قرّر منذ تسلّمه منصبه تغيير هذا التوجّه ... والآن عادت "الف" الى الاهتمام بالنشاط في الجزائر. وعن هذا النشاط قال ساسو بوردا: "نحن الآن قيد العودة الى الجزائر على أصعدة متعدّدة في التنقيب والإنتاج عن طريق المشاركة في مناقصات تطرحها سوناطراك الشركة الجزائرية الوطنية للنفط لتطوير حقول. وشاركنا في نحو ثلاث أو أربع مناقصات اخيراً وقدمنا عروضنا لتطوير حقول جزائرية كانت أُستغلت سابقاً ونحاول القيام بنشاطات لتحسين انتاج هذه الحقول الذي يتجّه الى الإنخفاض". وأضاف: "ونحاول العودة أيضا الى الجزائر عبر المشاركة مع شركات اميركية وبريطانية التي قد تتنازل عن القليل من حصصها في المشاركة للدخول في تطوير وإنتاج حقول لإدخالنا معها ونحن الآن في مجال التفاوض مع هذه الشركات الأجنبية الأميركية لكن لا يمكنني الكشف عن هوية هذه الشركات ما دام لم يتم بعد الاتفاق معها لكنها تعمل في تطوير حقول نفط وحقول غاز". وحتى الآن "لم نتمكن من إيجاد السبل الملائمة للدخول في عمليات التنقيب وهو قطاع يشهد نوعاً من الإنهاك، ونحن نتمنى الدخول في مشاركات في حقول نفط وحقول غاز لأننا نعتبر أن قوتنا هي في إيجاد أسواق أوروبية اضافية للغاز الجزائري إذ أن الجزائر تواجه أحيانا بعض القرارات الاوروبية التي تحد من استيراد الغاز الجزائري، فاسبانيا مثلا تضع سقفاً لاستيراد الغاز من الجزائر يقدّر بنحو 60 في المئة من وارداتها من أجل تنويع المصادر، وبإمكان "الف" ان تلعب دوراً لأنها موزّع للغاز في فرنسا ولديها نشاط على صعيد الغاز في أوروبا. وتابع "فنتفاوض الآن للدخول والعودة الى الجزائر لكن وجودنا حاليا هناك، يقتصر عبر احدى الشركات الاسبانية "سبسا" Sepsa التي تملك فيها "الف" 47 في المئة، وهي تدير مشروع تطوير حقل كبير هو حقل كوبا الذي يتضمّن احتياطاً يُقدّر ببليون برميل". وذكر أن "كوبا حقل نفطي سينتج نحو 250 ألف برميل في اليوم ابتداء من سنة 2001، وتطوير الحقل، وهو موجود في جنوب شرقي الجزائر، ولا يبعد كثيرا عن المنطقة الليبية". وعن عودة الشركة الى مصر قال ساسو بوردا: "غادرنا مصر منذ ثلاثة اعوام لأننا لم ننجح. لكن عدنا واهتمينا بفتح تطوير المناطق البحرية المصرية العميقة. وشاركنا في المناقصة التي طرحها الجانب المصري منذ سنة وفتحت كل المنطقة البحرية العميقة لدلتا النيل ودخلنا بمشاركة بنسبة50 في المئة مع اموكو الاميركية التي تدير المشروع وحصلنا على جزء كبير من المنطقة البحرية العميقة مطلع السنة لكننا لم نوقّع العقد وسنوقّعه في الأيام المقبلة. وهو مهم بالنسبة لنا مستقبلا، فإنتاج المناطق البحرية العيمقة معقّد ومرتفع الكلفة لكنه واعد". وأوضح أن "الف" تنشط في إنتاج المناطق البحرية العميقة في افريقيا "ولدينا خبرة ايجابية في غينيا وانغولا ونحن نريد الاستمرار في هذه الخبرة التي تتطلّب معدات مختصة للمياه العميقة التي يراوح عمقها بين ألف وثلاث الاف متر. وأضاف: "في مصر نهدف الى ايجاد احتياط في المنطقةالبحرية العميقة يقدر بأكثر من بليون برميل، ولدينا فكرة عمّا يوجد في هذه المنطقة نتيجة بعض الاعمال الزلزالية الاولية لكنها لا تزال غير واضحة، ويجب القيام بالمزيد منها للتأكد من مستوى الاحتياط قبل الحفر". وذكر: "كوننا دخلنا المشروع يؤكد قناعتنا فيه. ويبدو لنا أن مصر بلد نفطي وهو بلد قريب من اوروبا ولدى مصر ايضا كميات غاز كبيرة ولا بدّ أن يتطوّر سوق الغاز في مصر ولذا نهتم بالعودة اليها". وعن نشاط الشركة في سورية قال ساسو بوردا أن "الف" لها وجود ونشاط مستمرين في سورية منذ طورّت منطقة دير الزور عام 1988 حيث تنتج في مجموعة حقول، تقع قرب الحدود السورية -العراقية، نحو 60 ألف برميل يومياً على أن ينخفض الانتاج تدريجا علماً بأنه بلغ الآن مستواه الأقصى. وأضاف "نتمنى تطوير وجودنا في سورية قدر الإمكان، فسورية ليست دولة نفطية كبرى لكن يوجد فيها بعض الإمكانات المؤكدّة في قطاع الغاز. ونتشارك مع كونوكو الاميركية في مشروع غاز مهم لخصوصيته إذ أنه مشروع استرداد الغازات المصاحبة للنفط من الحقول الخمسة التي كانت تُحرق حتى الآن ويقترن مشروع استرداد هذه الغازات بتطوير حقل طابيي حيث نعيد ضخّ بعض الغاز من أجل الحصول على إنتاج مكثفّات منه مما يجعل المشروع اقتصادياً". وذكر أن المشروع سيبدأ الإنتاج سنة 2001. وبدأنا العمل فيه ومجمل إنتاج المشروع سيكون لإسترداد 5 ملايين متر مكعّب يوميا من الغاز، وتقدر تكاليفه بنحو 450 مليون دولار وتموّله "كونوكو" و"الف" وهو عقد خدمات بحتة. وشدد ساسو بوردا على أن "الف" ترغب بالمشاركة في اعادة تطوير الآبار النفطية القديمة في سورية ومساعدة الشركة السورية الوطنية للنفط في تطوير هذه الحقول، ومنها حقل السويدا وقدّمنا عرضاً للسلطات السورية لتطويره في شباط فبراير وهو حقل يقع في شمال شرقي سورية قرب الحدود مع العراق. وأوضح أن المشروع يقضي بتطوير الانتاج النفطي للحقل ليصل الى نحو 150 ألف او200 ألف برميل يومياً. وهو حقل ضخم يحتوي على 700 بئر وينتج منذ أكثر من 30 عاماً لكن يجب تطويره وتحسينه ليرفع انتاجه. وقدّر المسؤول إنتاج سورية من النفط حاليا بأنه في مستوى 600 ألف برميل في اليوم . وقال: "نحن نقوم بالتنقيب في منطقة تشرين شمال دير الزور. ونرغب بالمشاركة في مشاريع تطوير للغاز السوري إن كانت للإستخدام الداخلي او للتصدير الى لبنان وقدّمنا عروضاً إلى السلطات السورية في هذا الشأن. وعن العمل "الف" في العراق لتطوير حقل مجنون، قال ساسو بوردا "إن لدى الشركة اهتماماً كبيراً بتطوير حقل مجنون، وان العراق بلد واعد لديه إمكانات ضخمة في قطاعي النفط والغاز، ويوما ما سيحتاج الى تطوير هذه الثروات ونحن نرغب في القيام بدور هناك، لكن تركيزنا حالياً على حقل مجنون ونحن جاهزون للتوقيع لكن الوضع السياسي الدولي حالياً يمنع ذلك". وعن ايران قال: "كنّا أوّل شركة وقّعت مع كل من العراقوايران عام 1966 عقود خدمات ومنذ اعوام قليلة رغبنا في العودة الى الدولتين. وفي إيران لدينا مشاريع كبيرة خصوصاً حقل دورود الذي سيبدأ إنتاجه قبل نهاية السنة الفين على أن يرتفع مستوى انتاجه الى 220 ألف برميل يومياً وفقاً للمشروع الذي يقضي بزيادة الإنتاج وإبقائه عند مستوى 220 ألف برميل يومياً وهو عقد خدمات نستعيد تكاليفنا وأرباحنا في إطاره بواسطة كميات محدّدة من النفط". وقال "بعد إنتهاء العقد وإنهاء عملنا في المشروع يتوجّب علينا بموجب العقد التحقّق من بقاء الإنتاج بمستوى 220 ألف برميل في اليوم بعد سنة من إنتهاء مدّة عقدنا تجاوباً مع رغبة الجانب الإيراني الذي كان يطالب بضمان مستوى إنتاجي لمدّة عشر سنوات وهو ما تعذّر علينا قبوله فاتفقنا على سنة إضافية بعد إنتهاء مدّة العقد". وأضاف "لدينا مشروع بلال وهو مشروع مختلف عن دورود لأن بلال حقل أصغر وهو لم ينتج بعد، فيما دورود كان ينتج ومسؤوليتنا تقضي بتحقيق إنتاج في هذا الحقل الصغير سيكون بحوالي 40 ألف برميل في اليوم ويبدأ الإنتاج في كانون الثاني يناير 2001. وفي بلال نحن في مشاركة مع الكنديين "بوفلي" ونحن ندير المشروع". ويرى ساسو بوردا أن كل ما تقوم به ايران من نشاطات حالياً لتطوير حقولها هو للمحافظة على قدراتها الانتاجية النفطية وليس لزيادتها على رغم ان بإمكانها العمل لزيادة طاقتها الإنتاجية، لكن إذا أرادت ذلك يجب أن تزيد الاستثمارات. ولدى ايران احتياط ضخم وبإمكانها تطويره وهدف ايران اليوم هو الحفاظ على مستوى قدرتها الانتاجية لأنها اذا لم تقم بمشاريع التطوير القائمة ستنخفض قدرة حقولها الانتاجية بسرعة. وهناك مفاوضات جارية بين كل من "الف" و"اجيب" وايران تتناول عقداً آخر لتطوير "دوركين" وهو حقل برّي يقع مقابل حقل مجنون في العراق في غرب الأهواز وستكون "أجيب" مدير المشروع وحصتها فيه 55 في المئة وتكون حصتنا مساوية لحصة "اجيب" في دورود، وهو حقل كبير لكنه صعب تقنياً. وقال إن "الف مرشحة ايضا لعدد من مشاريع تطوير حقول بحرية وبرية في ايران. ومن المتوقّع ان تعطي ايران سنة 1999 نحو ثلاثة أو أربعة عقود جديدة لتطوير حقول بحرية وبرية ونتمنى أن نكون من بين الشركات التي ستفوز بها. وعن قطر قال "لقد طوّرنا حقل الخليج وهو معقّد لكن الإنتاج فيه بلغ 30 ألف برميل في اليوم إلا أننا الآن عدنا وقومنا احتياط الحقل الذي نعتقد أنه بمستوى 300 و400 مليون برميل ونتصوّر أن بإمكانه إنتاج 80 ألف برميل يومياً. ونريد الانتقال الى مرحلة ثانية للعمل على زيادة انتاجه من 30 ألف برميل الى 80 ألف برميل يومياً لكن نظراً لحصص "أوبك" وتقيّد قطر بها سنرى كيف سنتعامل مع الموضوع مع مؤسسة قطر للبترول". وتابع "نحن نبحث أيضاً مع قطر الدخول في مشاريع الغاز عبر إيجاد أسواق للغاز القطري. فبالإضافة الى مشروع تصدير الغاز القطري الى لبنان إذا وجدنا أسواقاً اضافية للغاز القطري يمكننا الدخول في قطاع انتاج الغاز في قطر". وعن السعودية والكويت قال "قمنا مع رئيس الشركة فيليب جافري بزيارة ولدينا مشاريع سنطرحها على المسؤولين في مجالي انتاج الغاز والكهرباء في السعودية ولعقود خدمات لتطوير حقول في الكويت في حال قدّمت الدولة المشاريع".