تراجع الطلب على الريال السعودي بعد ارتفاع اسعار النفط اثر اتفاق منظمة "اوبك" ودول منتجة اخرى على خفض الانتاج ما سيؤدي الى تحسن ايرادات المملكة العربية السعودية وانخفاض العجز المتوقع في موازنة السنة المالية الجارية. وذكرت دوائر اقتصادية ومالية ان متوسط اسعار النفط سيتجاوز 14 دولاراً للبرميل سنة 1999 بزيادة تصل الى اكثر من 15 في المئة مقابل نسبة خفض في انتاج السعودية تقدر بنحو 10 في المئة. وقال كبير الاقتصاديين في "مجموعة الشرق الاوسط للاستثمار" هنري عزام ان اتفاق "اوبك" الشهر الماضي سيؤدي الى تحسن الوضع المالي العام للسعودية على رغم قرارها خفض الانتاج باكثر من 500 الف برميل يوميا. واشار في اتصال مع "الحياة" الى ان الحكومة السعودية افترضت اسعار نفط منخفضة في موازنة السنة الجارية ما دفعها الى تقليص النفقات المتوقعة باكثر من 12 في المئة مقارنة مع انفاق العام الماضي. وقال: "يبدو ان الاسواق بدأت تدرك اخيراً التحسن المتوقع في الاوضاع المالية للمملكة بعد اتفاق اوبك ما ادى الى تخفيف الطلب على الريال بعد ان تعرض لحملات من المضاربين في الفترة الاخيرة". واضاف عزام "هناك توقعات بأن ترتفع عائدات السعودية بشكل طفيف السنة الجارية...وبما ان الحكومة لن تكون قادرة على تقليص النفقات المعلنة بنسبة 12.7 في المئة من مستواها العام الماضي، سينخفض العجز قليلاً عما هو مفترض". وتوقع ان يتراجع العجز الفعلي الى نحو 35 بليون ريال سعودي 9.3 بليون دولار من 44 بليون ريال 11.7 بليون دولار المتوقعة في نهاية السنة. واعتبر بان هذا المستوى مرتفع بالمقاييس الدولية اذ انه يشكل نحو 7.5 في المئة من اجمالي الناتج المحلي للمملكة. وقال: "اعتقد ان تمويل العجز لن يكون مشكلة اذ سيتم من خلال الاقتراض الداخلي...لكن سيكون مشكلة في حال استمرار العجز المرتفع لفترة طويلة لانه سيؤدي الى تراكم الديون". وبموجب اتفاق "اوبك" في فيينا، وافقت السعودية وهي القوة النفطية الرئيسية في العالم على خفض 585 الف برميل يوميا ليصل متوسط انتاجها المتوقع السنة الجارية الى نحو 7.6 مليون برميل يومياً من 8.4 مليون برميل يوميا عام 1998. وقال مهدي فارزي من دار الوساطة "درسدنر كلينوورت بنسون" في لندن: "ان نسبة ارتفاع اسعار النفط السنة الجارية ستكون اعلى من نسبة الخفض في انتاج السعودية ما يعني ان دخلها النفطي سيتحسن قليلا من مستواه العام الماضي". واضاف: "اتوقع ان تكون استفادة السعودية اكبر السنة المقبلة لان الاسعار قد ترتفع اكثر في حال حافظت اوبك على تعهدها باحترام الاتفاق". ووصل دخل السعودية الى نحو 26 بليون دولار عام 1998 وهو من ادنى المستويات منذ انتهاء الفورة النفطية بداية الثمانينات ما ادى الى ارتفاع العجز في الموازنة الى نحو 12.8 بليون دولار مقابل عجز مفترض عند 4.8 بليون دولار. وتوقع عزام ان يتراجع اجمالي الناتج المحلي الاسمي للسعودية من 487 بليون ريال 129.8 بليون دولار عام 1998 الى 465 بليون ريال 124 بليون دولار السنة الجارية لكنه تكهن بحدوث نمو حقيقي في قطاعات عدة غير نفطية. وشدد على "ضرورة تكثيف الحكومة السعودية لبرامج التصحيح الاقتصادي في الفترة المقبلة لان اسعار النفط لن تعود الى مستويات عامي 1996 و1997 في الوقت الذي ترتفع فيه حاجات التنمية في المملكة".