يتوقع ان يؤدي اتفاق منظمة الدول المصدرة للنفط اوبك الاخير لخفض الانتاج لدعم الاسعار الى تخفيف الضغوط المالية على المملكة العربية السعودية السنة الجارية، على عكس التوقعات الغربية بارتفاع العجز في الموازنة واللجوء الى مزيد من الاقتراض. وعلى رغم خفض السعودية لانتاجها باكثر من 1.3 مليون برميل يوميا منذ العام الماضي، ضمن جهودها لاعادة التوازن الى سوق النفط، فان عوائد صادراتها النفطية قد تكون مماثلة للدخل المحقق العام الماضي، ما يعني ان العجز في الموازنة السنة الجارية سيقل عن العجز المفترض عند مستوى 11.7 بليون دولار. وقال الاقتصادي العربي احسان ابو حليقة في اتصال مع "الحياة" ان "المملكة افترضت سعر نفط على اساس 10-12 دولاراً للبرميل في حين يتوقع ان تزيد الاسعار على هذا المستوى بعد اتفاق اوبك". واضاف: "بطبيعة الحال سيؤدي ذلك الى تقليص العجز المفترض اذ ان الحكومة السعودية جادة في ترشيد الانفاق ومن المستبعد حدوث تجاوز كبير...وهذا بالتالي يعني ان معدل الاقتراض من السوق المحلية سيكون اقل هذه المرة". واتفق الخبير الاقتصادي هنري عزام مع هذا الرأي بقوله ان السعودية افترضت عجزاً كبيراً في الموازنة السنة الجارية نظراً لظروف سوق النفط الصعبة في الربع الاخير من العام الماضي والربع الاول من السنة الجارية. وقال: "يبدو ان الظروف بدات تتغير الى الافضل بعد اتفاق اوبك ومن المتوقع ان تواصل اسعار النفط ارتفاعها مع الوقت عندما تدرك السوق جدية الدول المنتجة وخصوصاً دول الخليج في خفض الانتاج لازالة الفائض من السوق". وكانت مؤسسة تمويل النفط بتروليوم فاينناس كوربوريشن في واشنطن رسمت صورة قاتمة لما ستكون عليه الظروف المالية والاقتصادية في السعودية السنة الجارية بعد ان هوت اسعار النفط الى ادنى مستوى لها بالقيمة الحقيقية منذ 20 عاماً. وقالت في تقرير ان العجز المفترض في الموازنة السعودية للسنة المالية 1999 سيرتفع بما يتراوح بين ثلاثة بلايين واربعة بلايين دولار بدعوى ان الحكومة السعودية لن تكون قادرة على التزام معدلات خفض الانفاق التي اعلنتها. وتوقعت ان ينكمش اجمالي الناتج المحلي الحقيقي للمملكة بنسبة 3.5 في المئة ويواصل تراجعه في السنة 2000 بسبب ظروف سوق النفط. كما تكهنت بحدوث عجز كبير في الحساب الجاري يصل الى 15 بليون دولار بعدما سُجل فائض خلال عامي 1997 و1996 بلغ متوسطه نحو 250 مليون دولار. الا ان الخبراء شددوا على ان السعودية ستكون احد المستفيدين الرئيسيين من اتفاق خفض الانتاج في السنة 2000 على اساس ان الاسعار ستصل الى معدلات مقبولة بعد ان يكون الفائض في السوق ازيل كليا. وحسب مركز دراسات الطاقة العالمية في لندن، فان اسعار النفط مرشحة للارتفاع باكثر من 30 في المئة في السنة 2000 وهي نسبة كافية لتعويض الانخفاض في انتاج السعودية التي تسيطر على اكثر من ربع احتياط النفط العالمي. وتوقع المركز ان يبلغ متوسط انتاج السعودية نحو 7.4 مليون برميل يوميا السنة الجارية مقابل 8.3 مليون برميل يوميا عام 1998 وهو مستوى يقل بكثير عن طاقتها الانتاجة البالغة نحو 10.5 مليون برميل يوميا. وكانت السعودية قادت حملة لاعادة التوازن الى سوق النفط عن طريق خفض الانتاج ونجم عن هذه الحملة اتفاق جديد الاسبوع الماضي لخفض اكثر من 2.1 مليون برميل يوميا تحملت "اوبك" منها نحو 1.7 مليون برميل يوميا. وفي تقرير خاص عن الاقتصاد السعودي الاسبوع الجاي، اشارت مجلة "ميد" الى ان المملكة لا تزال تتمتع بوضع مالي قوي نسبياً على رغم الانخفاض الحاد في دخلها النفطي الذي وصل الى 21 بليون دولار عام 1998 مقابل اكثر من 40 بليون دولار عام 1997 و80 بليون دولار عام 1980. وقالت "ميد" ان "مؤسسة النقد العربي السعودي" المصرف المركزي لديها احتياط من العملات الصعبة يزيد على 50 بليون دولار، ما يمكنها من الدفاع عن الريال السعودي ضد اي مضاربات. ونسبت الى مصرفي سعودي قوله ان "المملكة قادرة على الدفاع عن الريال بسهولة ومن الواضح انها ليست بصدد تخفيض العملة لاي سبب كان". واضاف: "كما ان الحكومة لا تعاني من ديون كبيرة ما يتيح لها ان تقترض لتمويل العجز في الموازنة واي مشاريع ضرورية...واعتقد ان هناك نية لاقتراض نحو اربعة بلايين دولار السنة الجارية لتمويل العجز". يشار الى ان السعودية درجت على الاقتراض من المصارف الوطنية لتغطية العجز في الموازنة السنوية بعد ان سددت جميع ديونها الخارجية عام 1995. ووصل معدل الاقتراض الى مستويات ضئيلة عامي 1996 و1997 بعد ان انخفض العجز بشكل حاد نتيجة ارتفاع اسعار النفط الى ما بين 18 و20 دولاراً للبرميل. وتوقع خبراء ان يحقق الاقتصاد السعودي نمواً ايجابياً حقيقياً السنة الجارية نتيجة التوسع في القطاعات الاخرى وخصوصا القطاع الخاص والجهاز المصرفي الذي استفاد بشكل كبير من الاقتراض الحكومي. وقال عزام: "هناك احتمال بحدوث نمو في اجمالي الناتج السعودي وان كان بمستوى منخفض بسبب خفض انتاج النفط... وسيتوقف مستوى النمو على تطور اسعار النفط والانفاق الحكومي واستثمارات القطاع الخاص".