يتابع الكويتيون باهتمام كبير العمليات الجوية التي ينفذها حلف شمال الاطلسي الناتو ضد الصرب ويسودهم شعور بأن احداث الغزو العراقي للكويت تعيد نفسها في البلقان ويراود الكثير منهم أمل في أن تنتزع القوة العسكرية اقليم كوسوفو من الرئيس سلوبودان ميلوشيفيتش كما انتزعت من قبل دولة الكويت من قوات الرئيس صدام حسين. وشغلت احداث البلقان مساحات كبيرة في الصحف الكويتية التي كانت نادراً ما تهتم بالاحداث الأوروبية. وأبرزت الصحف في صفحاتها الأولى المعلومات الغربية عن التحالف بين صدام وميلوشيفيتش وتعاونهما العسكري. وعكست عناوين مقالات الزوايا اهتماماً بهذه الفكرة ووصفت ميلوشيفيتش بأنه "صدام أوروبا" وجاءت فيها عناوين مثل "الطيور على اشكالها تقع: صدام العراق وميلوشيفيتش يوغوسلافيا"، وكذلك "بغداد وبلغراد وجهان لعملة واحدة". ويرى الكاتب الكويتي فيصل الزامل ان التشابه بين الحدثين احتلال الكويت والتطهير العرقي في كوسوفو "أكبر وأقوى من ان يخطئه الذهن". ويقول ان الكويتيين "تذكروا خلال عطلة عيد الاضحى ظروف احتلال بلادهم من خلال البان كوسوفو فكل شيء يتكرر: عدوان فتهجير وتخريب ونهب ومسح للهوية، ثم عمل عسكري غربي يبشر بالفرج". ويلاحظ الزامل تطابقاً في ظروف المحنتين الكويتية والألبانية وتطورهما وطبيعة التدخل الدولي وردود الفعل العربية والعالمية "ففي البداية كانت هناك قوة احتلال ثم اعتقالات وقمع للمقاومين واستهداف للقادة الوطنيين ثم نهب وسلب وتحريق وتخريب، ثم نزوح كبير الى الدول المجاورة، ثم اجراءات مسح الهوية وإزالة المعالم الوطنية التي ينفذها الصرب الآن كما لو كانوا تعلموها من العراقيين". ويتابع "وكما فوجئنا نحن الكويتيين خلال المحنة بمن يبخس قضيتنا ويخلط بين قضية فلسطين واحتلال الكويت فإن الألبان يسمعون اصواتاً - بعضها عربي - تدافع عن صربيا بكونها بلد ذو سيادة وتعتبر الضربات العسكرية مؤامرة أميركية للهيمنة على البلقان وتتجاهل تهجير الصرب نصف مليون الباني قبل العمليات العسكرية الغربية. وكما صدمنا خلال الاحتلال العراقي بمواقف بعض المفكرين العرب ممن جعلوا القضية الفلسطينية مسوغاً للاحتلال فان الألبان يفاجؤون الآن بمواقف اطراف اسلامية ترفض عمليات الاطلسي ضد بلغراد بدعوى ان الحلف لا ينفذ عمليات شبيهة ضد تركيا لاضطهادها الأكراد او اسرائيل لاضطهادها الفلسطينيين". ويخشى الزامل من "ان يصاب الألبان بعقدة في انتمائهم الاسلامي كما اصيب الكويتيون بعقدة في انتمائهم العربي على رغم حتمية هذين الانتمائين". ويشير الى ان التغطية التلفزيونية للأزمة "تقدح في اذهان الكويتيين الذكريات فصورة ابراهيم روغوفا في التلفزيون جالساً بارتباك الى جانب ميلوشيفيتش مسلوب الارادة هي ذاتها صورة الضباط الأسرى الكويتيين الذين ظهروا في التلفزيون الى جانب صدام حسين بصفتهم قادة الثورة الكويتية المطالبين بالوحدة مع العراق، وطوابير السيارات والنازحين عند منافذ الحدود في مقدونيا وألبانيا هي نفسها الطوابير عند حدود السعودية والأردن. ثم تظاهرات الصرب وحلفائهم وإحراقهم الأعلام الاميركية ومظاهر الحشد العسكري والمؤتمرات الصحافية والتصريحات وتحليلات خبراء الحرب وكأن عاصفة الصحراء بعثت من جديد". وصور التشابه ليست لها حدود "فهناك من ينتقد الضربات الجوية ويدعو الى حل ديبلوماسي، ونحن نعلم ان مثل هذا الحل الديبلوماسي كان سيجعل الكويت تضيع الى الأبد. ورأينا في العام 1990 ديكتاتورية علمانية يسارية في بغداد ترفع لواء الاسلام ونرى الآن ديكتاتورية علمانية يسارية في بلغراد تستعطف وتستنصر بالمسيحية الارثوذكسية، وكما تطلعنا خلال الاحتلال الى ضربات على نظام بغداد تزيل عنا الظلم نرى الآن الألبان المطرودين والمرعوبين عند نقاط الحدود يقولون للصحافيين انهم مع استمرار القصف على يوغوسلافيا ومع قرار اطلسي بالغزو البري لكوسوفو، فليس من يده في النار كمن يده في الماء".