دان المجلس الوزاري لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في ختام اجتماع طارئ له، في أبو ظبي أمس، المناورات العسكرية الايرانية "الاستفزازية" التي تجريها ايران في الجزر الاماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، وطالبها "بالكف الفوري والسريع عن مثل هذه الاعمال الاستفزازية التي تهدد الأمن والاستقرار في الخليج العربي، وتشكل مصدر قلق بالغ ولا تساعد على بناء الثقة" راجع ص3. وأكد المجلس رفض دول مجلس التعاون استمرار احتلال ايران للجزر الثلاث، وسيادة دولة الامارات على جزرها هذه "باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من دولة الامارات". ودعا الحكومة الايرانية الى انهاء احتلالها لهذه الجزر. ولاحظ المجلس في بيان ختامي ان ايران قابلت الدعوات السلمية لدعوة الامارات بمزيد من تكريس الاحتلال وانتهاك صارخ للسيادة الاقليمية لدولة الامارات وتحويل الجزر الثلاث الى مناطق عسكرية وتكرارها اقامة المناورات العسكرية البحرية والجوية في المياه الاقليمية لدولة الامارات، الامر الذي يشكل مصدر قلق بالغ لدول المجلس وتناقضاً بين الاقوال والأفعال الايرانية. وقرر المجلس تكليف وزير خارجية الامارات رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري والأمين العام للمجلس اجراء اتصالات مع الدول الشقيقة والصديقة والتجمعات والمنظمات الاقليمية والدولية لشرح خطورة الوضع في المنطقة في ظل برامج التسليح الايراني. وقد رحب راشد عبدالله النعيمي وزير خارجية الامارات عن ارتياحه لصدور هذا البيان. وأكد الوزير النعيمي في مؤتمر صحافي عقب انتهاء الاجتماع الطارئ ان رؤية الامارات ودول مجلس التعاون للمناورات التي تجريها ايران انها "فوق احتياجات ايران الدفاعية، وتعتقد بالتالي ان هذه التحركات العسكرية لا تنبئ عن نيات طيبة كما هي متوفرة لدى مجلس التعاون". وبالنسبة الى الطلب من دول مجلس التعاون ابطاء انفتاحها على ايران وحكومة خاتمي، قال "اننا نعمل من اجل تغيير السياسات الايرانية وليس من اجل قطع هذا التعامل والعلاقات مع ايران، ونريد توظيف هذه العلاقات لخدمة الاستقرار في المنطقة والتعاون والمصالح المشتركة وحل المشاكل". وأضاف: "نريد من ايران ايضاً ان توظف هذه العلاقات لخدمة الاستقرار والأمن في الخليج، وليس من اجل الاستفزاز والتهديد وبناء القوة، واشعارنا بأننا واقعون دائماً تحت خطر وتهديد ايرانيين الأمر الذي يؤدي الى كثير من المخاطر في هذا الممر المائي المهم". وسألته "الحياة" اذا كانت اللجنة ستذهب الى طهران وإجراء اتصالات معها، فقال راشد عبدالله انه "لم يتم تشكيل مثل هذه اللجنة بعد"، وأكد ان الاتصالات مستمرة مع طهران. سياسة جديدة وأعرب النعيمي عن تقديره لموقف المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الاخرى في طلبها من ايران بأن تعيد النظر في موقفها وان تجد سياسة جديدة للتعامل مع هذه القضية. وقال: "هذا موقف نقدره كثيراً". وسئل هل اتخذت دول مجلس التعاون اجراءات احترازية لمواجهة المناورات والتهديدات الايرانية. فقال: "نحن نريد من ايران ان تعيد النظر في موقفها ولا نريد نحن أيضاً ان نتهم بالتصعيد وزيادة المخاطر ... ففي المنطقة قوة كبيرة وأساطيل كثيرة ونريد من ايران ان تعي وتفهم خطورة التصعيد الذي تقوم به". ودعا ايران الى "التفاوض مع الامارات او اللجوء الى محكمة العدل الدولية، والاقلاع عن المناورات الكبيرة والضخمة التي تفوق احتياجات ايران الدفاعية وتسبب قلقاً في المنطقة وعلى مستوى العالم". وأعرب عن ثقته بأن ولي عهد الكويت الشيخ سعد العبدالله الصباح سينقل هذه المخاوف الى الايرانيين خلال زيارته المقبلة لطهران. وأكد راشد عبدالله، رداً على سؤال لپ"الحياة"، انه سيثير هذه القضية امام مجلس الجامعة العربية الاسبوع المقبل، وقال ان قضية الجزر الثلاث بند دائم على جدول اعمال مجلس الجامعة. وأضاف ان الامارات لا تفكر في تقديم شكوى لمجلس الأمن الدولي "لأننا نريد ان نعالج الموضوع اقليمياً وفي الاطار الثنائي". واكد الأمين العام لمجلس التعاون لپ"الحياة" ان اللجنة التي تضمه ووزير خارجية الامارات "ستجري اتصالات مع الدول التي ترى ان لها دوراً في هذه القضية". وقال ان "من مصلحة الطرفين ان تخاطب الدول بما يجري في المنطقة". وكان رئيس دولة الامارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان التقى الوزراء فور وصولهم الى ابو ظبي، وبحث معهم الوضع في الخليج والعلاقات الاخوية بين دول المجلس. ثم انتقل الوزراء لعقد اجتماعهم في المطار الاميري في أبو ظبي، وهو اقتصر عليهم واثنين من مساعديهم، واستمر 3 ساعات ونصف الساعة تخللته مأدبة غداء. وأسفر الاجتماع عن اوضح وأقوى موقف خليجي تجاه ايران ومناوراتها العسكرية التي تجريها في المنطقة. وعقد اجتماع ثنائي جانبي بعد الجلسة الموسعة بين الأمير سعود الفيصل وراشد عبدالله النعيمي استمر نحو نصف ساعة. وقال السيد جميل الحجيلان الأمين العام لمجلس التعاون: "علينا الا نصف الوضع بأنه خطير جداً. سنجري اتصالات مع الدول التي نرى انها معنية بالأزمة الحالية في الخليج". طهران وفي طهران "الحياة"، بث التلفزيون الرسمي في شكل شبه حرفي البيان الخليجي، واشار الى ان "الإمارات حاولت ان تجعل المناورات البحرية ذريعة لحشد دول مجلس التعاون وجرها إلى تبني موقفها، وعلى دولة الإمارات أن تدرك أن سوء التفاهم القائم في شأن الجزر لا يشكل أي تهديد لحدودها". وتابع أن "القاعدة في رسم حدود المياه الاقليمية تنطلق من سيادة إيران على الجزر". وأضاف: "على بلدان مجلس التعاون ان تتعاطى مع التطورات بواقعية وبالمنطق". وحضها على تشجيع الإمارات على "حل الخلاف انطلاقاً من اتفاق عام 1971 بدلاً من مجاملة الموقف الإماراتي".