فيما يقوم رئيس الوزراء يفغيني بريماكوف بمهمته الصعبة في بلغراد، أكد الرئيس بوريس يلتسن ان روسيا "لن تنجر إلى صراع عسكري" هناك. ولكنه طالب بوقف الغارات على يوغوسلافيا وحذر من احتمال "أزمة طويلة" في العلاقات بين موسكو وواشنطن. واستهل الرئيس رسالته السنوية إلى البرلمان أمس الثلثاء بالحديث عن الموضوع البلقاني. ووصف الغارات بأنها عمل يجري "بالالتفاف على مجلس الأمن وميثاق الأممالمتحدة" ويهدد الركائز الأساسية للقانون الدولي. وأضاف ان حلف الأطلسي يريد أن يكون "بديلاً" من المنظمة الدولية الشرعية ويفرض حلوله بالقوة على أوروبا والعالم. واعتبر موقف القيادة الأميركية "خطأ فاجعاً"، لكنه دعا إلى العمل للحيلولة دون تحوله إلى أزمة طويلة في العلاقات. وفي إشارة إلى أن روسيا لن تعمد من جانبها إلى التصعيد، قال يلتسن "لن نسمح بجرنا إلى نزاع عسكري". لكنه وعد ببذل جهود لوقف العمليات الأطلسية. ومن جهة أخرى، شدد الرئيس الروسي على ضرورة العمل "لمنع انقسام العالم". وحذر من التعامل مع موسكو انطلاقاً من ضعفها الحالي. وأكد أن "كلمتنا تحسم أموراً كثيرة" في نزاع البلقان. وأوضح ان "كلمة" موسكو نقلها بريماكوف الذي قال عند وصوله بلغراد أمس إن مهمته تتمثل في "نقل العملية إلى المجرى السياسي ... والتوصل إلى حل مقبول"، لكنه طالب بوقف "القصف الهمجي". واحيطت المبادرة الروسية بتكتم شديد، إلا أن مصادر ديبلوماسية تحدثت إليها "الحياة" أشارت إلى أن أهم بند فيها هو التأكيد على ضرورة وقف الغارات كشرط للتفاوض. وذكر مصدر مقرب من وزارة الخارجية أن استئناف المفاوضات أصبح بالغ الصعوبة لأن الألبان الذين فاوضوا في رامبوييه "لم يعد لكثيرين منهم وجود"! وحسبما رشح عن الخطة الروسية، فإن بريماكوف يقترح أن تعتمد بلغراد "صيغة معدلة" من اتفاق رامبوييه شرط ألا تتضمن إشارة إلى استقلال كوسوفو. ولكن المصدر أوضح ان بلغراد قد توافق "حتى على انفصال الجزء الجنوبي من الاقليم" على ان تحتفظ بجزئه الشمالي وتلحق به العاصمة بريشتينا. وأكد خبير في الشؤون البلقانية ان بريماكوف سيجد صعوبة كبيرة في اقناع الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش بالموافقة على دخول قوات أجنبية. وذكر أن بلغراد ألمحت إلى أنها "قد ترفض حتى الوحدات الروسية والاوكرانية". وفي وقت لاحق، نقلت وكالة "ايتار - تاس" من بلغراد عن رئيس الوزراء الروسي، ان مفاوضاته مع ميلوشيفيتش "اعطت نتائج"، من دون الادلاء بمزيد من التفاصيل. وجاء تصريح رئيس الوزراء الروسي قبل ان يستقل الطائرة متوجها الى بون للقاء المستشار الالماني غيرهارد شرودر . واستغرقت المحادثات بين بريماكوف وميلوشيفيتش زهاء ست ساعات. وبعد بون يحتمل ان يتوجه بريماكوف الى بروكسيل للتفاوض بشأن احتمال وقف عمليات الاطلسي ضد يوغوسلافيا. وكان بريماكوف ندد لدى وصوله الى بلغراد باستمرار عمليات "القصف الوحشي" التي يشنها الاطلسي منذ الاربعاء الماضي على يوغوسلافيا.