وجه الرئيس الفرنسي جاك شيراك أمس كلمة إلى الفرنسيين شرح فيها الوضع القائم على صعيد العمليات الأطلسية في يوغوسلافيا والتي دخلت يومها السادس في غياب أي مؤشر على تراجع في موقف بلغراد. وأكد شيراك أن اللجوء إلى الضربات فرض نفسه خياراً وحيداً بعد التصلب الذي أبداه الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش في رفضه اتفاق رامبوييه حول السلام في اقليم كوسوفو وإصراره على المضي في تهديد الاستقرار في أوروبا. وتأتي كلمة شيراك هذه، التي سبقها اجتماع عقد في قصر الاليزيه حضره وزيرا الخارجية هوبير فيدرين والدفاع آلان ريشار لتوضح دوافع تصعيد الأطلسي عملياته العسكرية في يوغوسلافيا وانتقاله إلى المرحلة الثانية من هذه العمليات. وأكد مصدر فرنسي مطلع ل "الحياة" ان فرنسا عازمة على المضي في العمليات العسكرية إلى أن تصدر عن ميلوشيفيتش إشارة واضحة إلى قبوله اتفاق رامبوييه، بعدما فقدت الخيارات الديبلوماسية جدواها. وأوضح ان شيراك، الذي أجرى اتصالاً هاتفياً مساء السبت الماضي مع رئيس الوزراء الروسي يفغيني بريماكوف، طلب من الأخير أن تمارس روسيا ما لديها من نفوذ لدى ميلوشيفيتش لاقناعه بتعديل موقفه والعودة إلى مائدة المفاوضات. وأشار المصدر إلى أن فرنسا طالما ارادت أن تستعيد روسيا قوتها وقدرتها على العمل من أجل السلام. ورأى أن أمام الأخيرة الآن فرصة لتحقيق ذلك عبر حملها ميلوشيفيتش على العودة عن تصلبه، خصوصاً أنها في الموقع الأفضل للتوصل إلى ذلك. وأكد أنه في الوقت الحالي، وطالما لم يطرأ أي تعديل على موقف بلغراد، ليس هناك مجال بالنسبة لفرنسا لأي تلميح إلى وقف الضربات. تدخل بري؟ واستبعد المصدر امكان مشاركة فرنسا بأي عمليات عسكرية على الأرض، مشيراً إلى أن رئيس الحكومة الفرنسية ليونيل جوسبان كان عبر عن رفض فرنسا هذا الأمر في تصريح أدلى به أول من أمس. وخفف من شأن مأسوية الأحداث التي تقع على الأرض في كوسوفو. وقال إن هناك حركة نزوح كثيفة ولكن ليس هناك "حمامات دم". وبخلاف الموقف الرسمي الفرنسي، رأى القائد العام السابق لقوة حفظ السلام الدولية في البوسنة الجنرال فيليب موربيون في حديث إلى صحيفة "لوبا رنيريان" ان "الحرب لا يمكن ان تقتصر على الضربات الجوية"، وان "التدخل على الأرض سيؤدي إلى استنفار الصرب في العالم أجمع". لكنه أشار إلى أنه "لا يرى كيف يمكن تجنب عملية نشر القوات في كوسوفو". علماً بأن القول "بإمكان خوض حرب بدون خسائر بشرية هو من قبيل الوهم". وأضاف ان النظرية الأميركية التي تستند إلى معادلة "صفر قتلى" غير قابلة للتطبيق. وتساءل: "ما هؤلاء الجنود المستعدون للقتل وغير المستعدين للموت؟". ووصف ما يجري في كوسوفو حالياً بأنه "مماثل لما حصل سابقاً في البوسنة، وهو سياسة الأرض المحروقة التي تقضي بطرد السكان بواسطة الذعر والنهب والحرائق". وتابع موريبون أنه "لا يمكن للحرب أياً كانت ان تكون نظيفة، فهناك دائماً مساوئ تنجم عنها. لكن هذه المساوئ ستكون أقل إذا تحقق هدف الأطلسي الذي يقضي بإزالة الممارسات التي عرفناها قبل مئتي عام عن المسرح الأوروبي".