تسود موجة عنف صربية شرسة ضد السكان الألبان في اقليم كوسوفو وصفها المراقبون في منطقة البلقان بأنها "لم يسبق لها مثيل في الصراع الصربي - الألباني". وبدأت ذروة هذه الموجة يوم الجمعة الماضي ووصلت بريشتينا بعد يوم وتنفذها وحدات خاصة من قوات الجيش والأمن والشرطة الصربية اضافة الى عناصر الميليشيات. وتم حتى أمس دهم آلاف المنازل وقتل سكانها وخطفهم وارغامهم على النزوح ومن ثم جرى نهبها واحراق قسم كبير منها. وقدرت مصادر البانية تحدثت الى "الحياة" في منطقة الحدود المقدونية مع كوسوفو عدد الذين قتلوا خلال الحملة بحوالى ألف شخص. وتردد بين الألبان الذين وصلوا الى مقدونيا ان الزعيم المعتدل ابراهيم روغوفا "هو من بين الذين خطفوا ولا يعرف الى أي مكان تم نقله". وذكرت مصادر البانية ان غالبية الزعماء الالبان اختفوا عن الأنظار. وأكدت ذلك ل "الحياة" زوجة زعيم الباني عبر مكالمة هاتفية قالت فيها انه "غادر منزله منذ يومين الى احدى القرى التي لا يزال جيش تحرير كوسوف يسيطر عليها". وبسبب هذا العنف، أفاد وزير الاعلام الالباني في تصريح نقلته اذاعة تيرانا أمس ان "حوالي خمسين ألف نازح الباني من كوسوفو اما عبروا الى البانيا أو هم في طريقهم اليها". وشاهدت "الحياة" امس في المنطقة المقدونية القريبة من الحدود مع كوسوفو احدى مظاهر الارهاب الصربي اذ كان أكثر من ألف الباني من النساء والأطفال والمسنين يفترشون الأرض وهم في حالة بائسة. ومن خلال المنظار تمت مشاهدة طوابير النازحين في منطقة كوسوفو الحدودية وهم يقطعون الجبال والوديان باتجاه الحدود. وأفاد مسؤول في منظمة الهلال الخيرية التابعة لرئاسة مسلمي مقدونيا انه "سجل حتى الآن 15 ألف نازح". وأضاف ان من المؤكد "وجود عدد مماثل عند هيئة الصليب الأحمر المقدونية ومنظمة شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة". وأوضح مسؤول منظمة الهلال الذي كان يتحدث الى "الحياة" ان هذا السيل الانساني "جرف كل التوقعات وجعل ما نقدمه نحن والمنظمات الأخرى من مواد اغاثة ومساعدات متنوعة في أدنى الحدود التي يمكن أن يستفيدوا منها". ووصفت سامية وهي ربة بيت من بريشتينا انها "لا تعرف ماذا حل بالكثيرين من أفراد عائلتها وأقاربها فكل مجموعة هامت على وجهها حيث وجدت منفذاً للفرار". وقالت وهي تعبر عن الشعور العام الذي ساد الالبان "اننا أخذنا نترحم على الأيام التي سبقت ضربات حلف شمال الأطلسي". وأضافت "اذا لم يُصفّ الحلف أمور اقليم كوسوفو سريعاً فإنه بعد سبعة أيام يكون أكثر من نصف الالبان غادروا ديارهم في الاقليم". وناشد القيادي في جيش تحرير كوسوفو هاشم تاتشي الالبان "عدم مغادرة الاقليم ومواجهة الصرب". ونقلت عنه اذاعة تيرانا ان "فرار الالبان يعني انهم يوفرون المجال للصرب لتطهير الاقليم عرقياً حسبما يناسبهم". ويذكر ان تاتشي كان رأس الوفد الالباني الى مفاوضات رامبوييه وأنه توجه من باريس الى تيرانا بعدما توفرت معلومات عن ان السلطات الصربية قررت اعتقاله اذا عاد الى كوسوفو عن طريق مطار بريشتينا. وأكدت مصادر النازحين ان المقاتلين الالبان تركوا غالبية مواقعهم المكشوفة وانتقلوا الى أماكن أفضل للمقاومة في الجبال. وذكرت انباء وردت من ايطاليا أمس ان مجموعات من البان كوسوفو النازحين تمكنوا من الوصول الى الشواطئ الايطالية الجنوبية بعدما استقلوا زوارق صغيرة عبروا فيها البحر الادرياتيكي من البانيا. واعلنت منظمات اغاثة ايطالية انها وفرت حاجاتهم الوقتية ريثما تبت المؤسسات المختصة بطلبات اللجوء السياسي التي قدموها. وقدرت مصادر الاغاثة الدولية ان أكثر من 100 ألف الباني من كوسوفو وصلوا الى دول اوروبية غربية خلال العام الماضي 1998 وطلبوا اللجوء السياسي لينضموا الى نحو 400 ألف الباني آخر كانوا غادروا كوسوفو منذ عام 1990 وهو ما أدى الى تراجع ملحوظ في الغالبية السكانية الالبانية في الاقليم بحيث لم تعد تزيد عن 75 في المئة.