أكد زعماء ألبان كوسوفو استعدادهم لتوقيع اتفاق التسوية السلمية لمشكلة الاقليم غداً الاثنين في باريس، بينما تضاءلت الآمال بإقدام الوفد الصربي على خطوة مماثلة بسبب معارضته اشراف قوات عسكرية أجنبية على تنفيذ الاتفاق، وتعقد مجموعة الاتصال الدولية اليوم الأحد اجتماعاً في باريس لتقويم الوضع عشية استئناف المفاوضات. في غضون ذلك، استمر تدفق قوات دول حلف شمال الأطلسي على الأراضي المقدونية من دون الافصاح عن الهدف من هذا الحشد الكبير من الجنود والأسلحة الثقيلة الذي يفوق متطلبات قوة التدخل السريع لحماية المراقبين في كوسوفو. ومن جهة أخرى، وقع أمس السبت انفجاران شديدان في مدينة بودوييفو شمال شرقي الاقليم، وأبلغ المركز الاعلامي لألبان كوسوفو "الحياة" أن احدهما حدث قرب البريد المركزي والآخر في السوق الشعبية، وأسفرا عن إصابة 20 شخصاً بين قتيل وجريح من سكان المدينة الألبان، كما وقع انفجار ثالث في مدينة ميتروفيتسا شمال غربي الاقليم أدى إلى إصابة 40 شخصاً. وتقصف القوات الصربية منذ شهر بودوييفو وضواحيها باعتبارها من معاقل جيش تحرير كوسوفو. وتواصلت الاشتباكات بين القوات الصربية والمقاتلين الألبان في قرى عدة في بلدية فوتشيترن شمال غربي بريشيتينا، واستمر القصف المدفعي على عشرات القرى في المناطق القريبة من الحدود مع ألبانياومقدونيا، وأفاد مسؤولو منظمات الاغاثة الدولية في كوسوفو "ان أكثر من عشرين ألف الباني نزحوا عن ديارهم خلال الأيام الستة الأخيرة"، بينما ذكرت القوات الصربية أنها "احبطت تسللاً ارهابياً كبيراً من ألبانيا إلى الاقليم". إلى ذلك، نقلت وسائل الاعلام في سكوبيا عن منظمات الاغاثة المقدونية ان "ما لا يقل عن 13 ألف نازح ألباني عبروا الحدود من كوسوفو إلى مقدونيا خلال الأيام الأخيرة". وأبلغ شاهد "الحياة" أمس السبت أنه رأى على الطريق الرئيسي الجنوبي في صربيا الممتد من بلغراد إلى بريشتينا ارتال الدبابات والمدرعات والأسلحة المغلفة بالأقمشة وعربات نقل الجنود "وبسبب عددها الكبير عرقلت حركة السير". من ناحية أخرى، أبلغ الزعيم المعتدل إبراهيم روغوفا "الحياة"، وهو يستعد مع الوفد الألباني للمغادرة إلى باريس، ان "جميع فئات الوفد الألباني مستعدة لتوقيع الاتفاق المقترح لتسوية مشكلة كوسوفو والاعلان عن تعاوننا لإنهاء الأوضاع المأسوية في الاقليم وان نتطلع إلى مستقبل جديد من دون أي مماطلة أو عراقيل". وأوضح ان المناقشات التي أجرتها الفئات السياسية والعسكرية مع المواطنين الألبان "أكدت ان 90 في المئة منهم يدعمون هذا الاتفاق، على رغم الهجمات الصربية العنيفة التي توخت أحداث ردة فعل سلبية من سكان الاقليم". وأفاد مصدر قيادي في جيش التحرير "الحياة" في مكالمة هاتفية من كوسوفو ان قيادة الجيش خلال اجتماعها أول من أمس الجمعة في منطقة درينيتسا وسط الاقليم "خولت رئيس وفد الجيش إلى المفاوضات في فرنسا هاشم تاتشي التوقيع على كل الوثائق الخاصة بخطة السلام الدولية في كوسوفو". ووصف موقف جيش التحرير من اتفاق السلام بأنه "تاريخي وذو أهمية لمستقبل كوسوفو، وعلى الأرجح أن توقيع الوفد الألباني سيتم الاثنين، فور استئناف المفاوضات، ويغادر باريس بعد ذلك مباشرة، إذ يعود قسم من أعضاء الوفد إلى كوسوفو فيما يقوم آخرون بجولات في اميركا ودول أوروبية". وأفاد عضو الوفد الألباني فيتون سوروي "الحياة" ان الوفد "سيوقع الاتفاق". وأضاف سوروي الذي يرأس تحرير صحيفة "كوخاديتورا" الألبانية الصادرة في بريشتينا "ان جميع فئات الوفد الألباني مقتنعة بأن عدم التوقيع سيؤدي إلى فقدان فرصة تاريخية لحل مشكلة كوسوفو بمساعدة القوى الكبرى". وأشار إلى أن خسارة هذه الفرصة معناها "بقاء الألبان تحت رحمة جزار البلقان الرئيس سلوبودان ميلوشيفيتش الذي لا يرحم". وعلى صعيد آخر، أكد بيان اذاعة تلفزيون بلغراد أمس ان الوفد الصربي "لن يوقع أي اتفاق ينص على نشر قوات أجنبية في أي جزء من الأراضي اليوغوسلافية". وأشار البيان إلى أن ما تقبله بلغراد هو "تمركز مراقبين أوروبيين غير مسلحين في الاقليم بإعداد كبيرة وصلاحيات واسعة للاشراف على التقيد بتنفيذ أي اتفاق للسلام". وإلى ذلك، أبلغ مصدر كبير في الحزب الراديكالي الصربي الذي يشارك في حكومة بلغراد "الحياة" أنه "حصل على تأكيدات من الوفد الصربي إلى باريس بأنه لن يوقع أي اتفاق عسكري وأن قبوله يقتصر على الوثائق السياسية التي تمنح الاقليم حكماً ذاتياً ضمن الأراضي الصربية واليوغوسلافية". وأضاف مسؤول الحزب الراديكالي الصربي "ان الحزب سينسحب من الحكومة إذا خالف الوفد الصربي ما وعد به". ومن ناحية أخرى، تواصل تدفق قوات حلف شمال الأطلسي إلى مقدونيا بالجنود والمعدات الثقيلة. وتشير المعلومات المتوافرة في سكوبيا إلى ان عدد هذه القوات تجاوز عشرة آلاف جندي حتى أمس السبت. والمعلوم انه كان تقرر قبل ثلاثة أشهر ان يكون عدد الجنود الاطلسيين في قوة التدخل السريع لحماية المراقبين الدوليين في كوسوفو لن يتجاوز الألفي عسكري.