قرر رئيس المجلس الدستوري الفرنسي وزير الخارجية السابق رولان دوما، أمس، التخلي "موقتاً" عن منصبه الذي يعد ثالث أرفع منصب في فرنسا، ما يوحي بأن الاعترافات المفصلة التي أدلت بها إلى القضاء عشيقته السابقة كريستيان دوفييه - جونكور، في شأن دوره في ما يسمى فضيحة "الف - طومسون" أنهت مقاومته التي أبداها على مدى الأشهر الماضية. وقال دوما 76 عاماً في بيان صدر عنه، إنه قرر "التخلي موقتاً عن رئاسة المجلس الدستوري" على أن "يعود إليه بعد انتهاء الاجراءات القضائية" التي تستهدفه. وكان القضاء الفرنسي وجه إلى دوما في نيسان ابريل 1998 تهمة "التواطؤ في سوء استخدام أموال عامة" في إطار قضية الرشاوى التي دفعتها شركة "الف اكيتان" النفطية الفرنسية لتسهيل توقيع شركة "طومسون" الفرنسية على عقد لبيع فرقاطات عسكرية إلى تايوان. وورد اسم دوما في إطار هذه القضية، نتيجة علاقته بدوفييه - جونكور التي كانت مسؤولة عن العلاقات العامة لدى شركة "الف" وأبلغت القضاء الفرنسي بأنه طلب منها استغلال نفوذها لدى دوما لحمله على تغيير موقفه السلبي من صفقة الفرقاطات، لقاء عمولة قدرها 45 مليون فرنك فرنسي. لكن دوفييه - جونكور التي أحست بالإهانة بعد دخولها السجن ستة أشهر وبعد تخلي دوما عنها، أرادت تصفية حسابها معه، فأصدرت الخريف الماضي كتاباً يحمل عنواناً في غاية الاستفزاز "عاهرة الجمهورية"، تناولت فيه بالتفصيل علاقتها العاطفية معه، وكشفت في الوقت ذاته عن استخدامها بطاقة اعتماد شركة "الف" لشراء حذاء لدوما بقيمة 11 ألف فرنك فرنسي. وتحوّل هذا الحذاء الباهظ الثمن إلى موضوع سخرية في مختلف الأوساط الاعلامية والسياسية على حد سواء، ولكن دوما قرر الصمود، ومرة أخرى لم ير في ذلك أي مساس بالمنصب الذي يشغله. وفي غضون ذلك، وعلى رغم اعلان القاضيتين إيفا جولي ولورانس فيشنيفسكي عن انتهاء التحقيق المتعلق بقضية "الف - طومسون" قررت دوفييه - جونكور استئناف هجومها على دوما، فتوجهت تلقائياً إلى القاضيتين في 3 آذار مارس الجاري لتكشف لهما عن هدية، هي كناية عن تماثيل اثرية قيمتها 300 ألف فرنك فرنسي، قدمتها إلى دوما وسددت ثمنها من أموال "الف". فتجاهل دوما ما سمعه، إلى أن عادت دوفييه - جونكور لتكشف عن كامل أوراقها، بابلاغها القضاء في 17 آذار الجاري، أن الشقة التي اشترتها بحوالى 17 مليون فرنك فرنسي ودفعت أيضاً ثمنها شركة "الف" هي في الواقع ملك له، ولم يعد أمام دوما سوى التنحي "موقتاً" عن منصبه.