توجه الفنلنديون الى صناديق الاقتراع امس الاحد للأدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية التي تشهد تنافساً حامياً بين ثلاثة احزاب رئيسية تكاد تتساوى في الشعبية. ويتنافس 1994 مرشحاً يمثلون بغالبيتهم 18 حزباً من مختلف الاتجاهات الفكرية، على 200 مقعد في البرلمان. وتشكل الانتخابات تحدياً مهماً للحزب الديموقراطي الاشتراكي بزعامة رئيس الوزراء بافو ليبونين الذي يقود حكومة وفاق وطني تضم إلى جانب حزبه، خمسة أحزاب من اليسار واليمين. وتطلق الصحافة على الحكومة لقب "حكومة قوس القزح". وخلال السنوات الاربع الماضية لم تواجه الحكومة صعوبات كبيرة في تنفيذ برامجها السياسية والاقتصادية، متمتعة بدعم الأحزاب المؤتلفة فيها، ما جعل المعارضة البرلمانية التي يتقدمها حزب الوسط تبدو عاجزة أمامها. واستطاعت الحكومة أن تحقق تقدماً في نمو الاقتصاد الفنلندي وزيادة صادرات البلاد وخفض التضخم والبطالة. وعلى صعيد السياسية الخارجية، دخلت فنلندا وحدة النقد الأوروبي مطلع هذا العام بتصويت كل الأحزاب المؤتلفة في الحكومة، بما في ذلك حزبي اليسار والخضر اللذين عارضا الامر في البداية. وحسمت علاقة فنلندا بحلف شمال الاطلسي بأن اتفقت غالبية الأحزاب على عدم وجود ضرورة لذلك وإن كانت أحزاب اليمين تدعو إلى ترك الباب مفتوحاً امام هذا الانضمام مستقبلا. وبدا من الاستطلاعات التي اجريت عشية الانتخابات ان التنافس الشديد محصور بين الديموقراطي الاشتراكي وحزب الوسط حزب للمزارعين بشكل أساسي بقيادة ايسكو أهو وحزب الائتلاف الوطني محافظ بقيادة ساولي نيتستو. ويبدو ان الديموقراطي الاشتراكي لن يتمكن من تحقيق تقدم كبير على الحزبين المنافسين له وإذا حصل هذا التقدم فسيكون بفارق ضئيل، الأمر الذي دفع الحزب إلى خوض الانتخابات في لائحة مشتركة مع حزب اتحاد اليسار. وتبدو فرصة حزب الوسط في هذه الانتخابات أفضل لتحقيق هذا التقدم، بينما يعتقد بعض المراقبين انه إذا شهدت صناديق الاقتراع اقبالاً جيداً فإن حزب المحافظين هو الذي سيحقق التقدم الذي يضمن له تشكيل الحكومة. لكن التقارير الاولية التي وردت من المراكز الاقتراعية لم تتحدث عن مثل هذا الاقبال. وفي حال تقدم أي من الحزبين المنافسين للديموقراطي الاشتراكي فيتوقع أن يشكلا حكومة مشتركة، يدعوان للانضمام اليها، بعض الأحزاب الصغيرة المعتدلة لضمان غالبية برلمانية مناسبة، ما يجعل الحكومة المقبلة تكون بألوان الوسط واليمين! وتتولى فنلندا رئاسة الاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من هذا العام خلفا لالمانيا. وكونها الآن عضواً في الترويكا الأوروبية فإن الأحزاب الفنلندية الأساسية تطمح لأن تلعب بلادها دوراً أكبر في السياسة الأوروبية، خصوصاً في إطار العلاقة بين روسيا وأوروبا والنزاعات الاقليمية في مناطق مختلفة من العالم. وفيما تعيش فنلندا أجواء الانتخابات البرلمانية التي تجري مرة كل أربع سنوات بدا أن الناخبين من اصول اجنبية دخلوا اللعبة ولم تعد شؤونهم حكراً على أحزاب اليسار فقط، بل انتبهت اليهم غالبية الأحزاب. فالاحصاءات تشير إلى وجود 85 الف اجنبي، لاجئين ومهاجرين، من مختلف أنحاء العالم. وللمرة الأولى في تاريخ فنلندا، ظهرت وجوه عدة من أصول أجنبية على لوائح المرشحين، خصوصاً من أحزاب اليسار. وبينهم بضعة أسماء عربية لكن فرصهم في الفوز تبدو ضعيفة . والمفارقة ان بعض المرشحين الملونين، أو "الأجانب"، جاؤوا على لوائح أحزاب يمينية، تشترك في بعض المناطق بلوائح مع أحزاب صغيرة معادية لوجود الأجانب في فنلندا.