بدأت المصارف المصرية تطبيق قرارات البنك المركزي المصري الخاصة بتغطية الواردات بنسبة مئة في المئة من القيمة المطلوبة لأي عملية استيراد، باستثناء المنتجات الوسيطة والمعدات الاستثمارية، في محاولة لتنظيم علميات الاستيراد وخفض الفائض من السلع والمنتجات. ويغطي المستورد قيمة الواردات، بموجب القرارات الجديدة، بنسبة خمسة في المئة في حين تغطي المصارف النسبة الباقية. وكانت المصارف تغطي الواردات سابقاً بنسبة تراوح بين 5 و10 في المئة من قيمة الصفقة، ما تسبب في استيراد سلع تزيد على حاجات الاستهلاك في البلاد قيمتها نحو 6،3 بليون دولار وأدى الى ارتفاع الطلب على الدولار وارتفاع سعره الى 348 قرشاً، في وقت انخفضت فيه حصيلة مصر من العملات الصعبة بنحو خمسة بلايين دولار. ووصل الأمر الى أن بعض واردات السلع بلغت ما يكفي لسد حاجات الاستهلاك لمدة ثلاث سنوات. وأظهرت معلومات، حصلت عليها "الحياة" من "شركة الحديد والصلب" و"الشركة القابضة للغزل والنسيج" و"الشركة القابضة للصناعات الغذائية"، توسع المستوردين في استيراد كميات ضخمة من الحديد وصلت الى نحو ثلاثة ملايين طن قيمتها 700 مليون دولار ونحو 800 ألف طن من السكر قيمتها 250 مليون دولار وأخشاب تزيد قيمتها على 400 مليون دولار وأسمدة قيمتها نحو 20 مليون دولار، وألبسة وغزول دخل معظمها عن طريق التهريب قيمتها نحو بليون دولار، إضافة الى استيراد سيارات بنحو 800 مليون دولار عام 1998، منها سيارات قيمتها 200 مليون دولار تم تخزينها في المناطق الحرة. كما تم استيراد سلع معمرة تزيد قيمتها على 200 مليون دولار، ليصل إجمالي الواردات من السيارات والسلع المعمرة الى بليون دولار. وسبق ذلك استيراد ياميش فاكهة مجففة قيمته نحو 220 مليون دولار. وتم استيراد الكميات من دون تنسيق وأصبح بيعها وتحقيق سيولة لسداد مستحقات البنوك صعباً. ولجأ بعض المستوردين الى "حرق أسعار" هذا السلع بنسبة 30 في المئة سعياً لبيعها. وواجهت المصانع المحلية، نتيجة الزيادة في المعروض وخفض الاسعار، مشكلة بيع منتجاتها، ما زاد المخزون لدى هذه الشركات بشكل يهدد بقاء المصانع التي تزايدت خسائرها. وخسرت مصانع الحديد نحو 600 مليون جنيه 175 مليون دولار بسبب زيادة المخزون وتخفيض الطاقات. وبلغت خسائر شركات السكر 400 مليون جنيه 116 مليون دولار. وارتفعت قيمة الواردات المصرية الى 18 بليون دولار مقابل خمسة بلايين دولار قيمة الصادرات. وتصدت الحكومة لذلك بقرارات عدة في مقدمها قصر الاستيراد على دول المنشأ فقط لجميع السلع، في محاولة للحد من الواردات عبر الوسطاء والسماسرة. كما تقرر قصر استيراد السيارات على سنة الطراز فقط، اضافة الى عدم تجديد تراخيص مشاريع التخزين في المناطق التي تستورد بضائع بهدف تخزينها وتوريدها الى السوق المحلية. وتقرر التجديد فقط لمشاريع التخزين بهدف التصدير الى الخارج. وقال رئيس اتحاد الصناعات عبدالمنعم سعودي إن هذه القرارات ستحد من الواردات، مشيراً الى أنه مهما كانت قدرة أي مستورد فإنه لا يستطيع تمويل استيراد صفقة كبيرة تزيد على 10 ملايين دولار مثلاً، إضافة الى أن هذا سيخفض الطلب على الدولار، ما سيكون لمصلحة الانتاج المحلي عموماً. ويتفق في ذلك رئيس "شركة الحديد والصلب" الدكتور علي حلمي الذي يتوقع أن ينخفض مخزون مسطحات الصلب بعد ستة أشهر. وقال رئيس الحكومة كمال الجنزوري إن الإجراءات المذكورة لا تتعارض مع اتفاقية منظمة التجارة الدولية وليست تراجعاً عن اقتصادات السوق وتحرير التجارة الخارجية بقدر ما هي إجراءات منظمة للأداء الاقتصادي في البلاد.