تنتهي في باريس اليوم الأربعاء محاكمة ستة ليبيين، غيابياً، متهمين بالتورط في تفجير طائرة "يوتا" الفرنسية في 1989 في النيجر. ويتوقع ان تصدر المحكمة الجنائية الخاصة التي تتولى القضية ، قرارات تحدّد المسؤولين عن التفجير وتعلن أسماء المذنبين وتقرّ تعويضات مادية لذوي الضحايا. ويتبع هذه القرارات اجراءات تتخذها السلطات الفرنسية بحيث يُعمم مضمون الحكم على المستوى العالمي، ويتم إصدار مذكرات اعتقال دولية من تدينهم المحكمة. ومعروف أن الليبيين الستة الذين يحاكمون غيابياً هم عبدالله السنوسي الذي كان يتولى منصب الرجل الثاني في الاستخبارات الليبية والذي تربطه قرابة بالزعيم الليبي العقيد معمّر القذافي، ومصباح عرباس وأحمد الأزرق وعبدالسلام حمودة وابراهيم نائلي وعبدالسلام شيباني . وتتوقّع السلطات الفرنسية من السلطات الليبية أن تتحمّل "مسؤولياتها كاملة" عمّا ستسفر عنه المحاكمة خصوصا وأن القذافي كان تعهّد بذلك في رسالة وجهها الى نظيره الفرنسي جاك شيراك. وكانت المحكمة واصلت جلساتها أمس وسط أجواء طغى عليها التأثّر الشديد نتيجة المرافعة المطوّلة التي قام بها المحامي فرانسيس سبينر الذي يمثل 77 من ضحايا الطائرة البالغ عددهم 170 شخصاً. إذ قال ان مدبّري عملية التفجير اعتبروا أنهم بعملهم هذا يضربون مصالح فرنسا ويؤثرون فيها"، لكن ما حصل في الواقع جريمة بحق الانسانية. لأن ركاب الطائرة ليسوا سوى رجال ونساء وأطفال عاديين لا يطمحون سوى للعيش والعطاء والمساعدة". وعرض حالات كل من موكليه القتلى فردا فردا، فذكر على سبيل المثال ميشال كلاين الكاتب المسرحي الذي كان توجه الى برازافيل لزيارة احد اصدقائه من الكتّاب الكونغوليين، وستيفان كيغل المهندس الذي كان "يحلم بتحويل صحراء افريقيا الى حقل أخضر"، ومارغريت جوسكوس المدرّسة الاميركية وجيرار برازاك الذي كان في العشرين من العمر وتوجّه الى الكونغو لشراء قطعة أرض واستغلالها مع اثنين من اصدقائه. وقال ان هؤلاء وغيرهم من ركّاب الطائرة خصوصاً الأطفال منهم، هم من استهدفهم "نظام القذافي وعمل على قتلهم، مفجّرا الطائرة التي كانوا على متنها ومفجّرا في آن معا أسرهم". وفيما أجهش العديد من ذوي الضحايا الموجودين داخل قاعة المحكمة بالبكاء، تابع سبينر قائلاً "أنه من المؤسف رؤية قفص الإتهام فارغاً والقتلة احراراً في بلادهم". وأضاف "أن هذا الوضع ليس سوى وضع موقت لأنه بعد يوم غد الاربعاء وبعد الحكم الذي سيصدر عن المحكمة سيزول زمن الشكّ، لأن المحكمة الجنائية ستحدّد باسم الشعب الفرنسي أسماء القتلة". وتابع أن مطالب موكليه من ذوي الضحايا "قليلة" وتقتصر على معرفة الحقيقة في مواجهة الارهاب، وتطبيق العدالة لكي لا يكون تفجير طائرة "يوتا" حادثاً عابراً في العلاقات بين الدول وإنما يبقى ماثلا في أذهان الجميع". ودعا سبينر السلطات الفرنسية الى تحمّل مسؤوليتها بعد صدور القرارات القضائية "لأن الجريمة لا يمكن ان تبقى بلا عقاب"، مؤكدا أن المتهمين الستّة "هم القتلة" الذي قضوا على 170 شخصا وحوّلوا حياة 170 أسرة تثق بالعدالة، الى جحيم".