طعنت النيابة العامة في باريس أمس في قرار القاضي جان لوي بروغيير قبول التحقيق في مزاعم بتورط الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي في قضية الاعتداء على طائرة "يوتا" فوق صحراء النيجر سنة 1989. وصدر الطعن في وقت رفضت الاوساط الرسمية الفرنسية التعليق على قرار بروغيير. وأجمعت هذه الأوساط على القول بأن قرار بروغيير شأن قضائي لا يمكن التدخّل فيه أو التعليق عليه "في ظل الاستقلال التام الذي يتمتع به القضاء في فرنسا". وكانت السلطات الفرنسية اعتبرت ان ملّف حادث تفجير "يوتا" الذي أودى بحياة 170 شخصاً، أغلق نهائياً إثر المحاكمة الغيابية التي شهدتها باريس في آذار مارس الماضي وانتهت بإصدار أحكام بالسجن المؤبّد على ستة ليبيين الستة دينوا بالتورط في التفجير. وأمرت المحكمة بتعويضات قيمتها 210 ملايين فرنك فرنسي نحو 33 مليون دولار لذوي الضحايا. وكان بروغيير نفسه تولّى على مدى السنوات التي فصلت بين الحادثة والمحاكمة، التحقيقات المتعلّقة بحادث التفجير. وزار، في هذا الإطار، ليبيا، وعبّر عن ارتياحه لتعاون سلطاتها معه. وتخلّل وقائع المحاكمة إشارات عدّة الى ان الليبيين الستّة عملاء في جهاز الأمن الليبي، والى أن تفجير الطائرة يندرج في "صلب السلوك الارهابي" للنظام الليبي. لكن المحاكمة لم تتطرق الى أي دور او مسؤولية مباشرة للقذافي. وجاء قرار بروغيير التحقيق في مسؤولية القذافي عن الحادثة، نتيجة شكوى رفعتها في حزيران يونيو الماضي منظمة "اس. او. اس. اتنتا" التي تمثّل ضحايا الحوادث الارهابية. لكن محكمة باريس رفضت الشكوى في آب اغسطس الماضي. وقرّرت محكمة باريس أمس إحالة قرار بروغيير على غرفة الاتهام التابعة لها، بهدف استئنافه. وبرّرت المحكمة خطوتها هذه بالقول ان القانون العرفي الدولي يؤكد حصانة أي رئيس دولة، باعتباره امتدادا لسيادة دولته، إلا في حال ارتكابه جرائم في حق الانسانية. وذكرت ان هذه القضية سبق ان اخضعت لاستقصاءات قضائية مطولة وكان يمكن لممثلي حق الادعاء العام، أي لذوي الضحايا ومنظمة "اس. او. اس. اتنتا"، ان يقدّموا خلالها شكوى ضد القذافي شخصياً "لكنهم لم يفعلوا". وكان القاضي بروغيير أشار في قراره الى "انه ليس هناك اي بند في قانون الاجراءات الجنائية او قانون العقوبات او المعاهدات التي وقعتها فرنسا ينص على حصانة يتمتع بها رؤساء الدول في ممارسة مهماتهم تحميهم من الملاحقات الجنائية التي يمكن ان توجه اليهم".