قرر القاضي الفرنسي المكلف ملفات مكافحة الإرهاب جان لوي بروغيير أمس التحقيق في تهمة "التواطؤ للقتل عمداً" ضد الزعيم الليبي العقيد معمّر القذافي، في قضية تفجير طائرة "يوتا" الفرنسية فوق صحراء النيجر في 19 أيلول سبتمبر 1989. ويُعتقد ان القرار سيشكّل إحراجاً للسلطات الفرنسية الحريصة على تحسين العلاقات مع طرابلس. ويأتي هذاالتطوّر بعدما رفضت محكمة باريس في آب اغسطس الماضي التحقيق في هذه الشكوى التي قدّمتها منظمة "اس. او. اس. اتنتا" التي تمثل ضحايا الحوادث الارهابية وتترأسها فرانسواز رودتسكي. وكانت المحكمة بررت رفض الطلب بأن القذافي يتمتع بحصانة من المحاكمة تعطى تقليدياً لرؤساء الدول. غير ان القاضي بروغيير اعتبر ان القانون الفرنسي لا يمنح مثل هذه الحصانة. وأفادت وكالة "رويترز" ان بروغيير كتب في قراره: "لا توجد أي مادة في قانون العقوبات او الاتفاقات الدولية او المعاهدات التي صدقت عليها فرنسا تعرض الحصانة لرؤساء الدول". وكانت السلطات السياسية والقضائية في فرنسا قالت ان ملف حادث التفجير الذي أودى بحياة 170 شخصاً هم ركاب الطائرة وطاقمها، قد أغلق بعد المحاكمة الغيابية التي شهدتها باريس، في آذار مارس الماضي، للمتهمين، وهم احمد الأزرق ومصباح عرباس وعبدالله السنوسي صهر الزعيم الليبي وعبدالسلام حمودة وابراهيم نائلي وعبدالسلام شيباني. وأصدرت المحكمة في حينه أحكاماً بالسجن المؤبّد على هؤلاء يقول الإدعاء انهم عملاء ليبيون، وأقرّت تعويضات مالية لضحايا التفجير قيمتها 210 ملايين فرنك فرنسي 33 مليون دولار. ودفعت ليبيا هذه التعويضات. وأتاحت المحاكمة الغيابية التي تبعها، في نيسان ابريل الماضي، تسليم المتهمين بتفجير طائرة "بانام" الاميركية الى فوق بلدة لوكربي عام 1988 الى القضاء الاسكتلندي في هولندا، وتعليق العقوبات الدولية التي فرضت على ليبيا نتيجة الحادثتين. ووصفت رودتسكي في تصريح الى "الحياة" أمس قرار بروغيير بأنه "إنتصار كبير للعدالة على مصالح الدولة". وأضافت ان الزعيم الليبي اعتبر ان في إمكانه "شراء عدم تنفيذ العقوبات الصادرة بحق عملائه بالمال" وأن السلطات الفرنسية التي فاوضت من جهتها على التعويضات "لم تتفهّم حاجة ذوي الضحايا الى العدالة". وأضافت انه منذ ادانة المتهمين الليبيين "طالبنا السلطات الفرنسية بالتدخّل رسميا لكي تنفذ العقوبات الصادرة بحق الليبيين الستّة سواء في ليبيا أو في بلد آخر، على غرار ما حصل عليه الاميركيون في اطار حادثة تفجير طائرة "بانام". لكن طلبنا هذا لم يلق آذانا صاغية". وتابعت: "نتمنى الآن ان يتحمّل القذافي مسؤولياته اذا أظهر التحقيق انه مسؤول عما حصل" وأن فرنسا "دولة حق، والقانون فوق كل شيء وعلى العدالة ان تأخذ مجراها، لأن هذا هو اسلوبنا في مكافحة الارهاب والحؤول دون تكرار مثل هذه الحوادث".