تواصلت، في اليوم الثالث على إزالة الشريط الشائك عن محيط بلدة أرنون الجنوبية، مظاهر الفرح والتضامن مع أهاليها، وتوالت الوفود الرسمية والشعبية على زيارة البلدة، فزارها رئىس الحكومة الدكتور سليم الحص مهنئاً ومشيداً بشجاعة شبّان لبنان وإقدامهم، ومؤكداً "ان ادارات الدولة ستكون في خدمة الصمود في هذه المنطقة ولا تقشّف يُمارس تجاهها. وهذه اول زيارة يقوم بها رئىس حكومة لبناني الى بلدة على خط التماس في الجنوب. وكانت الطريق الى بلدة ارنون التي مهدتها جرافات بعد ازالة السواتر الترابية التي اقامتها القوات الاسرائيلية المحتلة، غصّت أمس بالمواطنين الوافدين من مناطق مختلفة وبالشبّان والفتية والأطفال الذين واصلوا احتفالاتهم بانتصارهم، وبلغ الحماس بإثنين منهما حد الإقتراب من موقع قوات الاحتلال الاسرائيلي في قلعة الشقيف المشرفة على البلدة لرفع العلم اللبناني فأطلقت القوة الإسرائيلية النيران باتجاههما وأصابتهما، إلا أن اصابة الطفلين محمد ناصر عليق 11 عاماً ومازن ابو زيد 14 عاماً لم ترهب الآخرين وبقيت مظاهر الفرح على حالها. وحالت الحشود دون التمكن من نقل الطفلين الجريحين، أحدهما أصيب في يده، بواسطة سيارة اسعاف او حتى سيارة مدنية نظراً لصعوبة وصولها الى المكان الذي اصيبا فيه فتم نقلهما الى مستشفى النجدة الشعبية في مدينة النبطية للمعالجة، وبدت آثار الدماء على ثيابهما. وكان الرئيس الحص زار ارنون صباحاً وتفقد الأهالي مطلعاً على حاجات البلدة. ورافقه النائبان عبداللطيف الزين ونزيه منصور ومحافظ النبطية محمود المولى وحشد من الشخصيات الرسمية والحزبية والأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء يحيى رعد والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء حسين عبدالخالق والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عبدالكريم ابراهيم. وقال الحص "ان الفرحة التي عمّت لبنان كله، تجعل هذا الأمر طبيعياً. كل الناس يزورون ارنون هذه الأيام للتهنئة في تحريرها". وأضاف "ان ما تم على أيدي شبّان لبنان الميامين فهو إنجاز عظيم تميّز بالشجاعة والإقدام والتفاني في حب الوطن. وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على ان هذا الشعب الطيب متشبث بكرامته وأرضه". وتابع "اننا نؤكد في هذه المناسبة، ونحن في أرض أرنون، أن جميع إدارات الدولة ستكون في خدمة الصمود في هذه المنطقة العزيزة علينا جميعاً. امام مشهد ارنون اقول هذه الأرض أرضنا ولن نتخلى عن شبر منها وهذا الشعب الطيب، شعبنا الصامد الأبيّ سنبقى معه في مواجهة تحديات العدوان والإحتلال". واعتبر "ان حركة المقاومة ظاهرة طبيعية لشعب حي أبيّ في الدفاع عن حقه في ارضه وفي كرامته". وأكد "ان الدولة اللبنانية تدعم المقاومة لأنها تجسّد رفض الشعب اللبناني والدولة اللبنانية للإحتلال بكل ألوانه وللإعتداءات المتكررة على ارضه وشعبه". ورداً على سؤال عن ادخال الجيش اللبناني الى أرنون، اجاب "هذا الامر يتوقف على تقدير القيادات الامنية للموقف في المنطقة". وكانت قد تراجعت امس مظاهر رفع الأعلام الحزبية المختلفة إذ أزيلت كلها عن الأمكنة التي علّقت عليها لمصلحة العلم اللبناني وحده. واعتبر رئىس المجلس السياسي ل"حزب الله" النائب محمد رعد الذي زار ارنون ايضاً، "أن زيارة الرئيس الحص، هي اول زيارة لرئىس حكومة الى المنطقة المحاذية للشريط المحتل، ان دلّت الى شيء فإنما تدل الى تماسك الموقف الرسمي المعبّر عن الإرادة الشعبية. وهذا من حسن حظ الشعب اللبناني في هذه المرحلة. والشرفاء الذين يريدون تحرير كل التراب من دون قيد او شرط". واعتبر "ان مسألة ارنون انتهت وليس امام العدو خيارات اخرى لانه يعاني مأزقاً داخلياً ويبحث عن إنجاز هنا او هناك ولا يحظى إلا بالوهم والسقوط والإنهزام". ووصف رئىس الحزب السوري القومي الإجتماعي علي قانصو ما حصل في ارنون بأنه "عرس وطني لأنه احتفال بتحرير ارض، ولأن من حررها جاء من كل لبنان في موقف وطني حقيقي". وقال عميد حزب الكتلة الوطنية ريمون اده ان "الطلاب اللبنانيين الألفين، مسيحيين ومسلمين، من مختلف الجامعات أثبتوا للعالم أنهم مثال الشجاعة والوطنية"، معتبراً "ان السلطة اللبنانية لم تجرؤ على تحرير ارنون عسكرياً ولم تجرؤ على تقديم شكوى الى مجلس الأمن". وأضاف، في بيان أمس، "ان من أقل واجبات هذه السلطة تقليد وسام الاستحقاق اللبناني لهؤلاء الطلاب الذين خاطروا بأرواحهم فحرروا ارنون بعدما اقتلعوا بأيديهم الأسلاك الحديد التي وضعها الجيش الاسرائيلي لحصار ارنون وضمّها". وتابع "غداً، سيحرر عشرات آلاف اللبنانيين واللبنانيات برفقة القوات الدولية، او من دونها، الجنوب اللبناني والبقاع الغربي من الجنود الإسرائيليين، وسيسحقون الفيتو الأميركي الدنيء الذي سمح لإسرائيل باحتلال لبنان على رغم موافقة اميركا على القرار الدولي الرقم 425 منذ عشرين عاماً". وختم "أتمنى، يوماً، أن يتظاهر الشباب الأميركيون ضد سياسة حكامهم من اجل تحرير وطن جبران خليل جبران كاتب "النبي" الذي حفظوه على مقاعد الدراسة ولا يزالون يتذكرونه بالتأكيد". واعتبر النائب عمر مسقاوي، في تصريح له، ان "ما حصل في ارنون افتتاح رؤية جديدة بقيادة الرئىس اميل لحود الذي يتمتع بروح الشباب وبروح اولئك الذين ذهبوا الى ارنون بقوة الجسم وبقوة العزم معاً". في هذا الوقت، لا تزال الورش تعمل في ارنون في مدّ شبكات المياه والكهرباء وتزفيت الطرق على وقع رشقات نارية تطلقها القوات الاسرائيلية بين الحين والآخر. وقال مدير مصلحة مياه نبع الطاسة سمير البساط "ان توجيهات الدولة وخصوصاً توجيهات الرئىس لحود بتأمين عودة الحياة الطبيعية والبنى التحتية، بدأت". متوقعاً "الانتهاء من تمديد شبكة المياه اليوم"