نقل الرئيس الروسي بوريس يلتسن امس السبت الى المستشفى بعد ان اكتشف الاطباء انه لم يشف من آثار النزف في قرحة المعدة التي يعاني منها. وكان الكرملين اعلن الخميس ان يلتسن "تعافى تماماً" من المرض الذي أرغمه على ملازمة المستشفى دور النقاهة بضعة أسابيع. يذكر ان يلتسن اصرّ على المشاركة في جنازة العاهل الأردني الراحل الملك حسين على رغم ان الاطباء حذروه من مضاعفات التنقل بالطائرة. وبدا يلتسن في عمان متعباً واضطر الى اختزال برنامج الزيارة. وتزامن مرض يلتسن الحالي مع موعد اجازة رئيس الوزراء يفغيني بريماكوف الذي اتصل به هاتفياً وسأله اذا كان ينبغي ان يلازم العاصمة. وذكر المكتب الصحافي للكرملين ان يلتسن "امر بان ينال بريماكوف قسطه من الراحة". هل تبقى حكومة يفغيني بريماكوف أم ترحل؟ هذا السؤال طغى على أروقة السياسة الروسية بعدما أعلن الرئيس بوريس يلتسن ان الحكومة ستواصل عملها حتى انتخاب رئيس جديد. إلا أن سياسيين كثيرين اعتبروا كلام يلتسن "تمهيداً" لزعزعة واقع بريماكوف الذي تتعاظم شعبيته ونفوذه. وكان بريماكوف غادر في صورة مفاجئة اجتماع مجلس الوزراء أول من أمس بعدما استدعي إلى الكرملين. ورفض الادلاء بأي تصريح بعد لقائه الرئيس. غير أن يلتسن صرح بأنه مصمم على مواصلة مهامه حتى العام ألفين، وأن بريماكوف الذي قال إنه "قبل بصعوبة" رئاسة الحكومة، سيستمر في عمله إلى حين انتخاب رئيس جديد للدولة. وكان بريماكوف أشار إلى أنه "سئم الافتراءات" التي تنشر في الصحف عن نيته الوثوب إلى كرسي الكرملين. وأعلن عن اجازة لبريماكوف بدأت أمس السبت وتستمر عشرة أيام. وأصدر المكتب الاعلامي للحكومة بياناً خاصاً قال فيه إن الاجازة كانت مقررة سلفاً و"لا صلة لها اطلاقاً" باجتماع الكرملين. إلا أن المحللين أشاروا إلى "تعاظم استياء يلتسن من نفوذ رئيس الحكومة" الذي بلغت شعبيته 65 في المئة، في مقابل ثلاثة في المئة فقط لرئيس الدولة الذي أصبح "صاحب الرقم القياسي" في ردود الفعل السلبية على نشاطه. وأظهر آخر استطلاع للرأي ان 89 في المئة من المواطنين اعتبروا عمل يلتسن "سلبياً". واعتبر رئيس جمهورية انغوشيتيا رسلان أوشيف ان اعلان يلتسن "تمسكه" ببريماكوف "يثير الارتياب". وذكر ان رئيس الدولة كان أصدر تصريحات مماثلة قبل فترة قصيرة من إقالة رئيسي الحكومة السابقين: فيكتور تشيرنوميردين وسيرغي كيريينكو. وشدد على أن مصير الحكومة في الدول الديموقراطية يقرره البرلمان وليس "قوى من وراء الكواليس". ولكن غالبية المحللين أجمعت على أن الحكومات السابقة كانت تستمد قوتها من رئيس الدولة فقط، في حين أن بريماكوف يستند إلى دعم البرلمان والنخب الاقليمية والشارع. وربما أصبح يلتسن في حاجة إلى دعمه وليس العكس. وأشار رئيس مجلس السياسة الدفاعية والخارجية سيرغي كاراغانوف إلى أنه "ينتحر سياسياً، إذا أقدم فعلاً على إقالة الحكومة، إذ سيفقد الشرعية السياسية التي توفرها له الحكومة". ومن المؤكد ان اقصاء بريماكوف سيكون قنبلة تهز الوضع السياسي والاقتصادي في روسيا، إلا أن خصوم رئيس الحكومة وفي مقدمهم البليونير بوريس بيريزوفسكي يواصلون حملتهم الضارية ضده، مستثمرين علاقاتهم مع عدد من أفراد عائلة الرئيس، خصوصاً ابنته الصغرى تاتيانا.