لاغوس - أ ب - يشبه المنظر أي حملة انتخابية في نظام ديموقراطي. إذ يحتشد أنصار مختلف المرشحين بالآلاف في مهرجانات صاخبة في كل أنحاء البلاد، إلى جانب ملايين الصور لهؤلاء. لكن هذا المشهد يخفي حقائق أخرى، إذ يقول بعض المراقبين إن الخيار الحقيقي لتولي الرئاسة في نيجيريا تقرر منذ فترة طويلة من قبل حكام البلاد العسكريين الحاليين. ومع أن المتشائمين يرون أن الاسلوب القمعي للنظام الديكتاتوري في نيجيريا أصبح أقل قسرية، يتساءل بعنف النيجيريين عن مدى الديموقراطية في نتائج الانتخابات. ويلمح هؤلاء إلى أن المؤسسة العسكرية تدعم ترشيح الجنرال المتقاعد أوليسيغون أوباسانجو، فيما تفتقد الانتخابات برامج مهمة في ظل شراء الأصوات، خصوصاً في الأحياء الفقيرة، حيث بلغ سفر الصوت الواحد ما يعادل دولاراً وعشرة سنتات. وعليه، يرى الذين ينادون بالانتقال من الحكم العسكري إلى آخر مدني، ان ما يتهدد نجاح هذه العملية هو نفوذ الجنرالات. ويعتبرون ان هؤلاء اختاروا اوباسانجو لاعطاء نيجيريا "مسحة من الديموقراطية" عبر ازاحة الديكتاتورية الحالية مع الإبقاء على سلطتهم ومصالحهم الاقتصادية الكبيرة. ويقول مودي سيبيكين، وهو أحد السياسيين المناهضين للحكم العسكري، إنه "يجب ألا ينخدع أحد، ان العسكر يحركون العملية الانتخابية من وراء الكواليس". وفي كل الأحوال، يبدو اوباسانجو المرشح المثالي للجنرالات. إذ في بلد يعتمد في ولاءاته السياسية على الاصول العرقية والدينية والجغرافية، يعتبر اوباسانجو المسيحي من جنوب البلاد، مقبولاً من جنرالات الشمال المسلمين وهم حكام نيجيريا الفعليون. وحتى الحزب الديموقراطي الشعبي الذي يدعم اوباسانجو في الانتخابات، لا ينفي نفوذ العسكر. ويعترف أبو بكر دان موسى، وهو مسؤول حزبي في الشمال، بأن "الجنرالات يحتاجون إلى شخص يثقون به في السلطة واختاروا اوباسانجو". إلا أن منافس اوباسانجو الرئيسي، اولو فالاي، يرى أن علاقات الأول مع العسكر ستجعله دائماً تحت سيطرتهم. ويرفض اوباسانجو هذه المقولة بشدة، مشيراً إلى أنه "لم يعد عسكرياً منذ عام 1979". ومع ذلك يأتي الدعم الرئيسي لحملة اوباسانجو من أحد أكثر الناس ثراء في البلاد، وهو الحاكم السابق الجنرال إبراهيم بابانغيدا المتهم بإشاعة الفساد الذي أصبح مستشرياً وأتى بنتائج كارثية على الاقتصاد والبنية التحتية للبلاد. وتشهد نيجيريا الغنية بالنفط تراجعاً في الخدمات الرئيسية من هاتف وكهرباء وماء، في أجزاء كبيرة من البلاد. ولكن لا ينفي ذلك تحسن المناخ السياسي منذ وفاة الحاكم السابق الجنرال ساني اباشا في حزيران يونيو الماضي. ولم يعد جهاز الاستخبارات يرهب الناس كما في الماضي، فأصبحوا أكثر حرية في التعبير عن آرائهم. وعلى رغم كل شيء، يرى كثيرون ان "الانتخابات هي بداية الطريق نحو الديموقراطية، وان التغيير لن يحصل بين ليلة وضحاها".