موسكو تغدو محجاً للساسة الإسرائيليين. فإثر وصول وزير الخارجية ارييل شارون وصل إلى العاصمة الروسية وزير التجارة والصناعة ناتان شارانسكي، ويتوقع أن تستضيف موسكو قريباً أحد قادة حزب العمل، الأرجح يوسي بيلين، ولا يستبعد حتى ايهود باراك. ومن المؤكد أن "الوسط" لن يغفل بدوره أهمية البعد "الروسي" في الانتخابات المقبلة. ففي إسرائيل زهاء مليون مهاجر من الاتحاد السوفياتي السابق يشكلون ثقلاً مهماً في التوازنات السياسية واللعبة الاشتراعية. والمعروف أن يهود روسيا لعبوا الدور الأبرز في إقامة البنيان الاشتراكي، لكنهم تنكروا له وهربوا منه وساهموا في هدمه وأصبحوا من ألد أعدائه. ولذا فإن غالبية المهاجرين انحازت إلى المعسكر اليميني نكاية بحزب العمل الذي يعد من أقطاب الاشتراكية الدولية. واعتمد شارانسكي عند انشاء حزب "إسرائيل باعاليا" هيكلية تنظيمية نسخت الكثير من عناصر التجربة السوفياتية، إلا أنه بشر بأفكار مغايرة تماماً للعقيدة الاشتراكية وأقام ايديولوجيته على العداء السافر للعرب، مستثمراً حقد المهاجرين على كل ما يمت بصلة إلى الماضي السوفياتي، بما في ذلك التعامل الموضوعي مع العرب. إلا أن شارانسكي استقطب شرائح واسعة من الوافدين بإغداقه الوعود في شأن توفير فرص العمل لهم وفق كفاءاتهم وغالبيتهم من حملة الشهادات الجامعية والعليا، وتحقيق المساواة بينهم وبين اليهود الاشكنازي الذين يهيمنون على مواقع السلطة والقرار والمال. واخفاق "إسرائيل باعاليا" في بلوغ هذه الأهداف قد يسحب البساط من تحت أقدام اليمين ويدفع عدداً من المتذمرين إلى الارتماء في أحضان "الوسط" أو حتى الانتقال إلى مواقع حزب العمل. ولذا، فإن زوار موسكو يحاولون استثمار الأدوات الإعلامية الروسية كعامل في الصراع الانتخابي. فثمة أربع قنوات تلفزيونية روسية تبث على مدى 24 ساعة تقريباً وتستقبل في إسرائيل، وهي جميعاً تحت سيطرة جهات يهودية أو موالية لليهود. وحسبنا الإشارة إلى ان القناة الأولى يتحكم بها البليونير بوريس بيريزوفسكي وقناة "ان. تي. في" يملكها رئيس المؤتمر القومي اليهودي فلاديمير غوسينسكي. وكسب هذا "الفضاء" الإعلامي غدا مهمة أساسية للساسة الإسرائيليين، خصوصاً أن الكثيرين من المهاجرين يؤثرون الاستماع إلى برامج باللغة الروسية التي يتقنونها ولا يميلون كثيراً إلى العبرية. وإلى ذلك، فإن الموقف الرسمي لموسكو يمكن ان يكون له بعض التأثير في الانتخابات. ومعروف ان الديبلوماسية الروسية كانت راهنت على أن نتانياهو يمكن ان يعطي الكرملين "هامشاً" أوسع من حزب العمل الذي كان هناك ود منقطع بينه وبين موسكو. إلا أن آمال صنّاع السياسة في روسيا خابت وهم يغامرون بإضاعة الخيط والعصفور بمواصلة الرهان على الليكود، ولذا فالأرجح ان تسعى موسكو إلى اتباع نهج متوازن وتؤثر التريث قبل "الادلاء بصوتها" عشية الانتخابات. ولكن المؤكد ان روسيا وجاليتها اليهودية المتنفذة ستغدو واحداً من "ملاعب" الانتخابات الإسرائيلية