أنهى وزير التجارة والصناعة الاسرائيلي ناتان شارانسكي زيارة الى موسكو قال مصدر في البرلمان الروسي لپ"الحياة" انها "لم تكن عادية" وجرى خلالها البحث في مخططات "تعاون استراتيجي شامل" بين البلدين في مجالات سياسية واقتصادية وعسكرية والتصدي لما يوصف بپ"الزحف الاسلامي" في جمهوريات آسيا الوسطى. ولاحظ مراقبون ان زيارة شارانسكي، وهو منشق سوفياتي سابق يشرف حالياً على ملف العلاقات مع روسيا، تأتي في ظرف معقد بدأت خلاله موسكو تحاول استعادة نفوذها في الشرق الأوسط، وأعلنت أخيراً نيتها استئناف التعاون العسكري مع سورية. وأوفدت الى طهران نائب رئيس الوزراء ميخائيل بولفاك للبحث في التعاون الثاني. وعقد شارانسكي خلال زيارته التي لم تكن أعلنت لقاءات لا يتوفر عقدها عادة لزوار أرفع منه مستوى. اذ اجتمع الى رئيس الوزراء فيكتور تشيرنوميردين ونائبه المعين حديثاً ايفان ريبكين وبحث معه في "الارهاب الدولي" رغم ان الأخير مسؤول رسمياً عن ملف العلاقات مع أسرة الدول المستقلة. والتقى شارانسكي وزير الخارجية يفغيني بريماكوف ووزير الأمن فالنتين كوفاليوف واثنين من أبرز مساعدي الرئيس بوريس يلتسن وسكرتير مجلس الأمن القومي ونائبه وزير الدفاع. واقتصرت البلاغات الرسمية الروسية على الإشارة الى ان هدف المحادثات هو "تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية" ومناقشة التسوية في الشرق الأوسط. وأعلن الناطق الرسمي باسم الكرملين سيرغي ياسترجيمبسكي انه سلم شارانسكي معلومات لپ"تطمين" اسرائيل في شأن عدم وجود تعاون في مجال التكنولوجيات الصاروخية بين روسياوايران. وفي مؤتمر صحافي عقده في موسكو مساء الثلثاء قال الوزير الاسرائيلي ان ما سمعه "لم يلغ كلياً المخاوف"، وأضاف ان اسرائيل تدرك ان لروسيا مصالح في ايران ولكنها أي اسرائيل بدأت فعلاً "محاولات للتأثير حينما يدور الحديث عن اسلحة الدمار الشامل". وذكر ان طهران سوف تصنع عما قريب صاروخاً مداه 2500 كيلومتر. وقال انه قادر على إصابة اسرائيل "وأجزاء كبيرة من روسيا"، في تلميح الى ان البلدين يواجهان "خطراً مشتركاً". وفي هذا السياق اكد شارانسكي ان "مستقبلاً كبيراً" ينتظر التعاون العسكري بين روسيا واسرائيل، وزاد ان توحيد التكنولوجيا المتقدمة الاسرائيلية واستثمار "المصانع العاطلة" في روسيا يمكن ان يسفر عن صنع "منتوج جديد نوعياً وقادر على المنافسة" في الاسواق العالمية. ومعروف ان البلدين كانا وقعا صيف العام الماضي اتفاقاً لتصنيع طائرة للانذار المبكر واخرى لتزويد الهليكوبترات الحربية الروسية بمعدات الكترونية اسرائيلية. وأشار شارانسكي الى "تعاون استراتيجي" في مجال ايصال الغاز الروسي الى اسرائيل ودول اخرى في الشرق الأوسط. وتوقع ارتفاع التبادل التجاري بين البلدين "عشرات المرات" في حال إقرار قانون لإزالة الازدواج الضريبي وإلغاء "عوائق تشريعية". وقال لپ"الحياة" مصدر في البرلمان الروسي ان زيارة شارانسكي تهدف الى تحقيق اغراض "استراتيجية بعيدة المدى". وذكر ان الاسرائيليين وعدداً من المسؤولين الروس يرون ان هناك قواسم مشتركة تتمثل في التصدي لما يوصف بپ"الزحف الاسلامي" ومنع انتشار النفوذ الايراني في دول آسيا الوسطى الى جانب الحد من تعاظم "النزعات الاستقلالية" في الجمهوريات الاسلامية داخل روسيا الاتحادية. وأضاف المصدر ان هناك مذكرة سرية رفعت الى الرئيس بوريس يلتسن تشير الى ان التعاون مع اسرائيل يمكن ان يحقق، الى جانب هذه الاهداف، اغراضاً أقرب منها تأمين تدفق الرساميل اليهودية الى روسيا واستغلال المحور التركي - الاسرائيلي كعامل مساعد لموسكو وليس مناوئاً لها في المخططات الجيوستراتيجية في المنطقة. وذكر خبير في شؤون الشرق الأوسط ان وزارة الخارجية تعتبر حزب "اسرائيل باعاليا" الذي يضم الوافدين من الاتحاد السوفياتي السابق ويتزعمه شارانسكي "جسراً" مهماً يمكن استخدامه لتعزيز النفوذ الروسي في اسرائيل.ولكن الخبير اشار الى ان تنفيذ مخططات "التعاون الاستراتيجي" لن يكون سهلاً نظراً الى ان موسكو لن تفرط بالمواقع التي بدأت تستعيدها تدريجياً في العالم العربي، كما ان هناك مراكز ضغط قوية لن تسكت على وقف أو تقليص التعاون مع ايران.