مراهقو اليوم هم رجال المستقبل، فهل بدأنا بالعمل الجاد لبناء هذا المستقبل الذي بات يطلّ علينا من زوايا مختلفة في وجهات النظر! في لبنان… الوضع خاص جداً وحساس جداً ودقيق للغاية… رجال المستقبل القريب هم الذين يمرّون اليوم في مرحلة المراهقة، والمراهق في لبنان بات يتأرجح ما بين الطمأنينة والقلق، ما بين السلم واللاسلم… فلو اجتزنا الحاجز الذي يفصل عالم المراهقة عن عالم الكبار ونظرنا بمنظار الاشعة… ماذا نجد؟ ماذا نقرأ في عقلية هذا المراهق؟ انه ممر طويل ينعكس بداخله ظل الحياة الخارجية التي يتداخل فيها شيء من النور وشيء من الظلام. الرؤية غير واضحة. اذا نظرنا عبر النافذة المطلّة على النور قرأنا عنواناً كبيراً يحمله كل مراهق بداخله "ثورة على الانفتاح" واذا نظرنا في البؤرة التي يطل منها الظلام قرأنا عنواناً آخر "الخوف من مجاهل المستقبل". من هنا نستطيع ان نلمس التشويش الناتج عن آراء ومبادئ متناقضة يبني عليها المراهق معتقداته. الشعور الداخلي قلق متوتر وغير مستقر. لم يعش المراهق الحرب بمعاناتها لكنه يمارس مواجهة انعكاساتها التي تظهر في العالم من حوله. هو متحرّر من ذكريات الحرب، لكنه يتعامل مع أبوين قلقين يعيشان رواسب الحرب النفسية وانعكاساتها السلبية التي تتمثل بتيارات مرضية وعصبية لا حصر لها. هو منفتح للحياة لكنه يعايش وضعاً قلقاً غير مستقر. هو مستعد تماماً لموازاة تطور العصر لكن الوضع الاقتصادي والسياسي لا يسمح بذلك. هو يسعى للوصول للاستقرار النفسي لكنه وضع السلم واللاسلم يفرض نفسه عليه بين الحين والآخر: ... هو يدخل الجامعات باندفاع ونشوة، الجامعات تفتح ابوابها لكنه يواجه مستقبلاً على وشك ان يكون مغلق الابواب… هو يريد ان يبني أسواراً عالية من الاحلام والطموحات التي لا تنتهي، لكن البلد بات اصغر بكثير من ان يسعها، او ان يستوعبها كلها. البلد توقف عن التطور لمرحلة طويلة من الزمن، واستمر المراهق بالتطور متماشياً مع تطور العصر الحالي، فبات الفراغ اقوى. فهل هناك من حلول. حلّ واحد في يد ممدودة للمساعدة، وشعار واحد يقول "ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء"، ولتكن الحياة عطاء متبادلاً "أعط قمحاً تأخذ قمحاً".