قال زعيم حركة "طالبان" ملا محمد عمر ان اسامة بن لادن غادر قندهار قبل ايام الى وجهة لا يعرفها و"نظن أنه اختفى في مكان ربما داخل الأراضي الأفغانية". ونفى في حديث الى "الحياة" أمس، الأنباء عن "خلافات" بينه وبين ابن لادن واعتبرها "محض اوهام" شأنها شأن "الاقاويل" عن خلافات في قيادة الحركة، التي وصفها بانها "افتراءات". واستغرب ربط الغرب بين الاعتراف بحكومة حركته ووجود ابن لادن على اراضيها، علماً ان الأخير كان في مناطق افغانية غير تابعة ل "طالبان" و"لم نسمع ان أياً من الدول ناصبت الحكومة السابقة العداء بسببه". واعترف بتلقي رسالة من الادارة الاميركية اخيرا، لم يفصح عن مضمونها لكنه قال: "لم ترهبنا صواريخهم أول مرة، كما لن ترهبنا إن سقطت على أفغانستان مرة ثانية". وتعليقاً على الاجتماع المقبل للدول المجاورة لأفغانستان بحضور اميركا وروسيا والذي تسعى الاممالمتحدة الى عقده لايجاد حل للقضية الافغانية، قال: "من حق أفغانستان أن يكون لها الكلمة الأولى والأخيرة في شؤونها الداخلية ومن المستغرب أن تبحث الدول الأخرى في الشأن الداخلي الأفغاني من دون حضور الممثل الحقيقي للشعب الأفغاني ممثلاً في حكومتنا الإسلامية". ورداً على سؤال حول العلاقات مع ايران، تمنى محمد عمر وجود "علاقات اخوة وحسن جوار مع الدول الإسلامية قائمة على التفاهم والاحترام وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة". واكد ان لا علاقة تنظيمية ل "طالبان" بالحركات الاسلامية في الدول المجاورة. وفي ما يأتي نص الحديث: ما هي صحة الأنباء عن مغادرة أسامة بن لادن وغيره من العرب الأراضي الأفغانية؟ - أسامة بن لادن ضيف الإمارة الإسلامية والشعب في أفغانستان. وهو أخ مجاهد. وغادر مكان اقامته في قندهار قبل أيام من دون أن يبلغنا عن الوجهة التي يريدها. وانقطع الاتصال معه. ونظن أنه اختفى في مكان ربما داخل الأراضي الأفغانية. لكن حتى الآن لا علم لنا بمكان وجوده وهل غادر أفغانستان وإلى أي جهة يمكن أن يذهب. لكن هل حدث أي خلاف بينكم وبين أسامة بن لادن قبل اذاعة الأخبار عن مغادرته الأراضي الأفغانية. وما هو حجم الخلاف وهل تمت تسويته؟ - هذه محض أوهام يثيرها من لا يريدون علاقة اخوة بيننا وبين الاخ أسامة وغيره. وقد بثوا كثيراً من الاشاعات حول خلاقات في صفوف قيادة طالبان وان هناك تيارات متصارعة داخلها. لكن من وجهة نظرنا لا تعدو مثل هذه الأقاويل، افتراءات علينا لخدمة أعداء الإمارة الإسلامية وأعداء الإسلام. إذا غادر أسامة بن لادن الأراضي الأفغانية فهل تتوقعون ردود فعل ايجابية من قبل حكومات غربية وعربية تجاه طالبان. وهل تتوقعون أن تعترف هذه الحكومات بالإمارة الإسلامية في أفغانستان؟ - من الغريب العجيب، طريقة تعامل المجتمع الدولي معنا. فهم اعترفوا بحكومات في أفغانستان لم يرض عنها الشعب الأفغاني مطلقاً مثل حكومة نجيب. واعترفوا بحكومة برهان الدين رباني على رغم أنها غير موجودة على الأرض الأفغانية. وكانوا يقولون حينما كان رباني في السلطة إنهم يعترفون به لأنه يسيطر على العاصمة كابول، رغم أنه كان لا يستطيع المحافظة على الأمن والاستقرار داخل العاصمة. أما نحن، وبعد أن مكننا الله من السيطرة على تسعين في المئة من الأراضي الأفغانية بما في ذلك العاصمة كابول وعم فيها الاستقرار، فإن الأممالمتحدة والدول الأعضاء فيها لا يزالون يرفضون الاعتراف بنا كحكومة شرعية في أفغانستان. إننا نرى أنه يجب ألا يكون هناك ربط بين قضية وجود أسامة بن لادن والاعتراف بنا. لأن أسامة كان موجوداً في أفغانستان وفي مناطق غير تابعة لنا وعلى علاقة مع الحكومة السابقة ولم نسمع من أي من الدول أنها سحبت اعترافها أو ناصبت الحكومة السابقة العداء بسببه. حكومتنا تملك كل مقومات الاعتراف الدولي بها، لكنها عوملت بشكل قاس من المجتمع الدولي. وإذا كان ثمن الاعتراف بنا هو الحياد عن مبادئنا الإسلامية، فنحن لا نريد مثل هذا الاعتراف. سنطبق الشريعة الإسلامية في افغانستان وعلى العالم أن يحترم هذا وألا تتدخل الدول لمنعنا من تطبيق الشريعة تحت أي ذريعة كانت. الرسالة التي بعثت بها الإدارة الأميركية لقيادة "الإماراة الإسلامية" طالبان في أفغانستان، قيل إنها كانت تحتوي على تهديد بقصف جديد على أفغانستان، ما مدى صحة هذا االنبأ وهل تتوقعون قصفاً أميركياً على أفغانستان حتى الآن؟ وفي حال حدوث أي قصف جديد، فما هو ردكم عليه؟ - نعم وصلتنا رسالة من الإدارة الأميركية قبل أيام حين التقى الشيخ عبدالجليل نائب وزير الخارجية الأفغاني في حكومة الحركة مع مسؤولين أميركيين في إسلام اباد. لكن محتويات هذه الرسالة لم يتم الافصاح عنها. وبالنسبة الى ما يقال عن امكان لجوء الولاياتالمتحدة الى قصف أفغانستان بالصواريخ أو الطائرات مجدداً، فهذا قرار أميركي يجب أن تسألوا عنه الإدارة الأميركية. نحن لم ترهبنا صواريخهم أول مرة، كما لن ترهبنا إن سقطت على أفغانستان مرة ثانية. شعبنا المجاهد قاوم الغزو الروسي لأفغانستان وسيقاوم أي قوة تحاول الاعتداء عليه، ولم يكن هناك مبرر للقصف الأميركي على أفغانستان سابقاً وليس هناك أي مبرر للقصف الجديد الذي تتحدثون عن امكان وقوعه. وبالنسبة الينا، نحن نتخذ كل ما بوسعنا من اجراءات لحماية شعبنا وأرضنا. هناك أنباء تتحدث عن محاولات للتفاهم مع المعارضة الأفغانية، خصوصاً البروفيسور برهان الدين رباني وان اجتماعاً سيعقد بين ممثلي "الإمارة الإسلامية" ورباني في إسلام أباد أو المملكة العربية السعودية قريباً. ما هي صحة هذه الأنباء وهل تغير موقفكم السابق في التعامل مع المعارضة بعدما كنتم ذكرتم أنه لا حل إلا بالجهاد في أفغانستان والقتال ضد المعارضة حتى إنهاء الفتنة والفساد؟ - موقفنا لم يتغير من المعارضة والمخالفين لنا. نحن كنا ولا زلنا ندعو لحل سلمي للمشكلة الأفغانية. لكن مثل هذا الحل يجب أن يكون نابعاً من الإسلام وتعاليمه. المخالفون لنا لا يوجد أي اتصال لنا معهم ولم يحدث أي تفاهم معهم ولا علم لنا بأي محادثات أو مبادرة جديدة، أو وساطات تقوم بها بعض الدول والجهات الدولية. لكن من وجهة نظرنا فإن أي حل يعتمد على مدى جدية المخالفين وصدقهم في قبول أي حل للمسألة الأفغانية. كيف تقيمون العلاقة حالياً مع إيران بعد اجراء مستشاركم الشيخ وكيل أحمد أخيراً محادثات مع الجانب الإيراني في الإمارات العربية المتحدة. وهل هناك امكانية لإنهاء الخلافات مع إيران؟ - نحن قمنا بخطوات كثيرة من أجل تحسين العلاقات مع إيران. أولاً لم نبادرهم العداء مطلقاً وإنما الجانب الإيراني هو الذي اختار موقفاً مناوئاً لنا ومن دون مبرر، منذ نشوء حركة طالبان. وخلال الفترة الأخيرة لم نكتف فقط بالافراج عن كل الأسرى الإيرانيين لدينا وإنما قمنا أيضاً بإعادة كل الشاحنات الإيرانية التي كانت تحمل أسلحة وذخيرة للمخالفين في مناطق أفغانستان. كنا نتوقع من الجانب الآخر خطوات مماثلة، لكن هذا لم يحدث بعد. عقدت جولة من المحادثات بين الإمارة الإسلامية والحكومة الإيرانية في دبي وكانت نتائجها مثمرة وبناءة للطرفين وهي تمثل بداية انفراج في العلاقات بين الدولتين الجارتين. ونتمنى وجود علاقات اخوة وحسن جوار مع الدول الإسلامية قائمة على التفاهم والاحترام وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة. الاجتماع المقبل لدول الجوار الأفغاني وأميركا وروسيا في أوزبكستان، هل دعيت اليه حكومة الإمارة الإسلامية في أفغانستان وهل ستحضره؟ وما هو موقفكم لو دعيتم انتم والمعارضة الأفغانية لحضور الاجتماع؟ - من حق أفغانستان أن يكون لها الكلمة الأولى والأخيرة في شؤونها الداخلية ومن المستغرب أن تبحث الدول الأخرى في الشأن الداخلي الأفغاني من دون حضور الممثل الحقيقي للشعب الأفغاني ممثلاً في حكومتنا الإسلامية. لقد وعد مبعوث الأممالمتحدةلأفغانستان الأخضر الإبراهيمي خلال لقائنا معه في تشرين الأول اكتوبر الماضي في قندهار، أن يعمل على دعوة حكومتنا للمشاركة في الاجتماعات المقبلة للدول ذات العلاقة بالصراع في أفغانستان. ونحن ما زلنا في انتظار أن تفي الأممالمتحدة بوعدها. وإذا تمت دعوتنا كحكومة رسمية في أفغانستان ، سنشارك في هذه اللقاءات. ويجب أن نوضح هنا ان المخاوف التي كانت تبديها بعض الدول على مشاركة طالبان أو من سيطرتنا على المناطق المحاذية لحدودها، لا مبرر لها. وخير شاهد على حسن نوايانا تجاه الدول المجاورة لأفغانستان، حدودنا مع إيران وتركمانستان. فإيران على رغم وقوفها مع المعارضة الأفغانية ودعمها لها بالسلاح والمال، لم نسمح باستخدام أراضينا ضدها على رغم أنها استخدمت اراضيها ضدنا ولإيواء المعارضين لنا الذين تسببوا في قتل الشعب الأفغاني واستمرار معاناته. الشيخ محمد رباني رئيس المجلس الانتقالي في كابول تغيب لفترة طويلة عن عمله وقيل إنه مرض. كما قيل إنه على خلاف معكم، هل لكم أن توضحوا ملابسات هذه النقطة وهل ما زال ملاّ محمد رباني رئيساً للمجلس الانتقالي للإماراة الإسلامية في أفغانستان؟ - الملاّ محمد رباني، حفظه الله، من خيرة اخواننا. وهو ممن كان له قدم سبق في الجهاد وإنشاء حركتنا. وكان ولا يزال رئيساً للمجلس الانتقالي الحاكم في كابول. لكنه وبسبب اصابته بالمرض، تغيب عن عمله وسافر للعلاج في الخارج وعاد قبل فترة. لكنه يقضي الآن فترة نقاهة. والحديث عن خلافات في قيادة طالبان استناداً إلى تغيب الأخ محمد رباني عن عمله بسبب المرض، لا أساس له من الصحة وهو محاولة لتفريق الكلمة وبث الخلاف. ونحن نقول إن جهات لا تريد الخير لنا ولأفغانستان والمسلمين بالعموم، هي التي تقف خلف مثل هذه الاشاعات الكاذبة المضللة. حدثت في باكستان بعض النشاطات لجماعات مشابهة لطالبان. وهناك أقوال ان طالبان تدعم هذه الحركات كما حدث في هنكو وتيرا وملاكاند، فهل هناك علاقة للإماراة الإسلامية بهذه الحركات؟ - نحن نعتبر هذه الحركات شأناً داخلياً باكستانياً ولا علاقة لنا بها من قريب أو بعيد. الشعب الباكستاني شعب مسلم وقدم لشعبنا الكثير منذ بدء المحنة التي تعاني منها أفغانستان. وليس من العدل أو رد الجميل أن نتدخل في شؤونه الداخلية. وإذا كانت هناك حركات تطالب بنفس ما نقوم به في أفغانستان، فهذا قطعاً لا يعني اننا نقف وراءها. والذين يرمون مثل هذا الكلام يبدو أنهم منزعجون من علاقات الاخوة وحسن الجوار التي تربطنا بالشعب الباكستاني ويريدون دق اسفين بيننا، وهذا لن يفلح بإذن الله.