أعلنت المملكة العربية السعودية سحبها القائم بالأعمال السعودي في أفغانستان "فوراً"، وطلبت من القائم بالأعمال الأفغاني في المملكة مغادرة البلاد. وقال بيان "مقتضب" للديوان الملكي السعودي، صدر في وقت متأخر مساء الثلثاء أنه "بناء على مقتضيات المصلحة فقد أُبلغت وزارة الخارجية بسحب القائم بالأعمال السعودي في أفغانستان فوراً ويطلب من القائم بالأعمال الأفغاني في الرياض بمغادرة المملكة". ولم يبين البيان سبباً محدداً للقرار، لكنه اكتفى بأن ذلك "بناء على ما تقتضيه المصلحة". وبدا القرار السعودي بتجميد العلاقات مع حكومة طالبان "مفاجئاً" للأوساط الديبلوماسية، إذ أن السعودية كانت اعترفت بطالبان في ايار مايو 1997، قبل أن يمر عام على سيطرة حركة "طالبان" على العاصمة الأفغانية كابول، في خطوة اعتبرتها مصادر ديبلوماسية في حينه "محاولة لمساعدة الجانب الأقوى في صراع الفرقاء الأفغان، تمهيداً لإيقاف حرب طاحنة استمرت على الأرض الأفغانية أكثر من 20 عاماً". ولم تحصل طالبان على اعتراف اكثر من ثلاث دول بشرعيتها هي إضافة إلى السعودية، باكستان والإمارات العربية المتحدة. ويظهر من صياغة بيان الديوان الملكي أن القرار اتخذ على أعلى المستويات في السعودية. وقال مصدر مطلع لپ"الحياة" أن القرار "اتخذ بعد دراسة متأنية في أروقة الحكومة السعودية، خدمة لمصالح المملكة"، لكنه لم يعط مزيداً من التفاصيل. وعلى الصعيد الدولي، لقي قرار الحكومة السعودية ترحيباً في الأوساط الإيرانية. ووصف السفير الإيراني في الرياض محمد رضا نوري القرار السعودي بأنه "قرار حكيم وشجاع، وعادل"، واعتبره "نتيجة للتعاون السعودي - الإيراني في كل المجالات". وقال نوري الموجود في طهران في مكالمة هاتفية اجرتها معه "الحياة"، أن "ردود الفعل ظاهرة للعيان في إيران، والأثر الإيجابي كبير إن على الصعيد الرسمي والديبلوماسي أو الشعبي". وقال عبدالعظيم رضانيا السكرتير الأول في السفارة الإيرانية في الرياض لپ"الحياة": "نحن نعلم أن الحكومة السعودية لا تقر تصرفات طالبان في أفغانستان". ومن جهة اخرى، عزت مصادر ديبلوماسية في الرياض قرار الحكومة السعودية "احتجاجاً على إيواء طالبان لأسامة بن لادن وبعض أنصاره ممن ساهموا بشكل أو بآخر في تفجير الخبر، إضافة إلى أن السعودية طلبت غير مرة من طالبان تسليم هؤلاء لكن الحركة رفضت". وكان بن لادن أعلن الشهر الماضي أنه دعم تفجير الخبر. لكن مصادر أخرى قالت ل "الحياة" أن القرار السعودي جاء لأسباب عدة أبرزها أن طالبان لم تتعامل بشكل مقبول مع المساعي الحثيثة التي بذلتها الديبلوماسية السعودية للتوسط في الأزمة بين ايرانوأفغانستان. وقال السفير الإيراني في الرياض ل "الحياة" ان "السعودية لديها اقتناع بأن حكومة طالبان ليست مؤهلة لإدارة الحكم في أفغانستان". وشدد على أن "إيران والمملكة فتحتا آفاقاً جديدة للتعاون المشترك بين البلدين، ووصلتا إلى مرحلة متميزة ومتقدمة ولن تسمحا لأي مجموعة أيا كانت أن تؤثر في هذه العلاقة المتينة والمهمة بين البلدين". وأشاد بجهود الأمير عبدالله "في بذل مساع جبارة للتوسط بين ايرانوافغانستان". ويمارس القائم بالاعمال السعودي لدى افغانستان السيد محمد العمري أعماله من العاصمة الباكستانية إسلام آباد. وقالت مصادر مطلعة لپ"الحياة" أن العمري سيعود الى الرياض اليوم الخميس أو غداً. اما القائم بالاعمال الأفغاني في الرياض مولوي شهاب الدين فيمثل حركة طالبان في الرياض منذ ستة أشهر. وبعد الاعتراف السعودي بپ"طالبان" تسلمت الحركة مقر السفارة الأفغانية في السعودية الذي كان يستخدمه ممثلو حكومة الرئيس الأفغاني المخلوع برهان الدين رباني. وقال شهاب الدين في تصريح الى "الحياة" منتصف ليل الثلثاء أنه لم يتبلغ قرار الحكومة السعودية بشكل رسمي وانما وصله عن طريق الاعلام. وعن الأسباب قال: "لا اعرف اسباباً محددة لكن ربما كان لإيواء الحكومة الإسلامية طالبان أسامة بن لادن دور في ذلك". واكد أن حكومته "تمنع ابن لادن من القيام بأي نشاط يستهدف أي دولة وخصوصاً السعودية، كما أنه ممنوع من الإدلاء بالتصريحات لوسائل الإعلام". وزاد: "لا يمكن أن ننسى الدور الكبير الذي قامت به السعودية لتأييد الجهاد الأفغاني ضد الغزو الروسي في جميع مراحله"