لم تعد الضربات الاميركية العسكرية للعراق تحاط بالسرية. كانت كذلك، وإنما في الماضي، ثم صارت روتيناً يومياً... والذي لم يصبح روتيناً ابداً هو اختيار مدرب لمنتخب كرة القدم السعودي. انه أقرب الى سر عسكري فعلاً. ولكل شيخ طريقته. المدرب العتيد، الذي سيكون اوروبياً نسبة الى تصريحات الاتحاد السعودي لكرة القدم وليس نسبة الى سر تسرب، ستكشف هويته خلال ايام قليلة ليبدأ إعداد "الاخضر" للاستحقاقات الكثيرة المقبلة وفي مقدمها بطولة القارات الصيف المقبل في المكسيك. ولنقل أنه سيفتح صفحة جديدة يتمناها الجمهور العريض والمسؤولون مسكاً في ختام القرن العشرين. وقد قيل ان منصب مدرب منتخب انكلترا يأتي في المقام الثاني بعد منصب رئيس الوزراء، ولن نقول ان هذا هو شأن مدرب "الاخضر" حتى لا نقع في المبالغة لكننا نلفت الى ان اسمه سيصبح على كل لسان عندما تتم تسميته. ما الذي استفاده المسؤولون في الاتحاد السعودي من خبرات الماضي سواء عندما استعانوا بالمشاهير، وآخرهم البرازيلي "المقلب" كارلوس البرتو، او بأنصاف المشاهير كالهولندي ليو بينهاكر، او بالمغمورين كالبرازيليين كنديدو وزي ماريو والبرتغالي فينغادا؟ لا شك في ان الدروس كثيرة وهي اشبه بمعلقات... ولا شك ايضاً في ان درس كارلوس البرتو كان الاقسى لانه وعد بالكثير ثم قال بكل لؤم بعد الخسارة الثقيلة امام فرنسا في المونديال الفرنسي "هذه هي امكانات لاعبيكم"! اغلب الظن ان المدرب الجديد العتيد لن يكون مشهوراً ولن يكون مغموراً... يتمناه الجميع ان يكون مجتهداً، يريد ان يرفع من عطاء "الاخضر" ليرتفع معه... ومشكلة كارلوس البرتو انه كان واثقاً من عدم قدرة "الاخضر" على الارتفاع الى مستواه وهو الذي قاد البرازيل يوماً ما الى احراز كأس العالم. ليت المدرب الجديد العتيد يكون موفقاً على غرار ما كان عليه مدرب الكويت التشيكي ميلان ماتشالا... والتوفيق رفع الطرفين معاً. وعسى الا يكون المدرب الجديد العتيد مغموراً بدرجة كبيرة حتى لا يضطر الكثيرون الى الادعاء بأنه لا يضع هو بنفسه التشكيلة... الكثيرون زعموا هذا من قبل، وليس مهماً التدقيق في صحة زعمهم من عدمه. والى ان يكشف السر الجديد سيكون لكل حادث حديث. على طرفي نقيض عاشت كرة القدم الانكليزية في مدى اسبوع واحد حادثتين تذكران بالدكتور جيكل والمستر هايد. مدرب المنتخب السيء الذكر غلين هودل زاد على تعاسة المعوّقين تعاسة عندما رأى، من دون سابق انذار، انهم يدفعون ثمن خطاياهم في حياة سابقة عاشوها، وهو الذي يعتقد بالتقمص... ومدرب ارسنال الفرنسي ارسين فينغر لم يعجبه فوز فريقه على شيفيلد ونزداي في الكأس بطريقة تتنافى مع الروح الرياضية فاقترح بعد صفارة الحكم مباشرة اعادة المباراة. والحادثتان درسان. البت بالحادثتين تم بسرعة قصوى... وخير البر عاجله في مكان وزمان لا يعترفان بالبيروقراطية و"العك". وبالنتيجة، اقصي هودل ولا يزال الاتحاد الانكليزي يفتش عن مدرب بديل لمنتخبه. طرحت اسماء كثيرة آخرها الايرلندي الشمالي مارتن اونيل مدرب فريق ليستر سيتي. وربما يثبت المدرب الموقت الحالي هوارد ويلكينسون في منصبه وربما يتنازل كيفن كيغان ويوافق على تولي المهمة بعدما منح رئيس نادي فولهام المصري محمد الفايد، حيث يعمل كيغان، الضوء الاخضر لمفاوضات بين هذا الاخير وبين الاتحاد حسب ما ذكرت صحف لندن. وقد استبعد الاتحاد فكرة الاستعانة بالمدربين السابقين تيري فينابلز وبوبي روبسون، غير ان عدداً من لاعبي المنتخب كقلب الدفاع طوني ادامس يجيزون لانفسهم بأن يدلوا بدلوهم ويستغربون لماذا لا يتم اسناد المهمة الى فينابلز وان يكون زميلهم السابق ديفيد بلات ضمن الجهاز الفني؟ وبالعودة الى فينغر، فقد نوه الجميع بموقفه، وعلى رأسهم رجالات الاتحاد الانكليزي وتقرر اعادة المباراة بين ارسنال وونزادي على ملعب الاول في 23 الجاري في سابقة لم تعرفها الملاعب الانكليزية من قبل. وكم يتمنى الانكليز لو جاءهم هذا الدرس الاخلاقي من احد مواطني المملكة المتحدة وليس من عدو قديم. هدف الفوز الذي سجله الهولندي في مرمى ونزادي كان صحيحاً قانونياً... لكن كم هي كثيرة الانتصارات التي تصبح فيها الهزائم اشرف. هناك قانون، ولكن هناك تقاليد واعراف ايضاً، ومن تقاليد كرة القدم واعرافها ان تكون هناك افضلية لمعالجة المصاب لي موريس من ونزداي، فيرمي فريقه بالكرة الى الخارج وعندما يسعف المصاب او يستبدل يفترض بالفريق الآخر ارسنال ان يعيد الكرة الى الفريق الاول ونزداي ومن دون اي تدخل. وهكذا وضع بارلور ارسنال الكرة في اللعب عندما وجهها نحو زاوية الملعب بالفريق الخصم غير ان زميله النيجيري كانو هرع اليها ومررها الى اوفرمارس الذي سجل هدفاً ولاعبو ونزداي يتفرجون عليه. وأحس فينغر ان الهدف كان نوعاً من الغدر فاقترح اعادة المباراة من دون ان يعود الى مجلس إدارة النادي اللندني الكبير. ويبو ان الاخير منح فينغر "كارت بلانش" منذ زمن بعيد لانه على علم بامكاناته الفنية ولكن الاخلاقية ايضاً.