يتوافد الزوار الخليجيون بكثرة إلى الكويت للاستفادة من الحسومات التي يتيحها مهرجان "هلا فبراير" الذي بدأ في الثالث من الشهر الجاري ويستمر حتى الرابع والعشرين منه. وقال موظف جمارك كويتي في المطار مبتسماً: "في الأحوال العادية نستقبل قرابة خمسة آلاف مسافر يومياً. العدد الآن يراوح بين عشرة آلاف وعشرين ألفاً. إنه أمر مدهش". وفاجأ نجاح المهرجان المنظمين الذين كانوا يضعون أيديهم على قلوبهم خوفاً من الفشل بعدما اعترضت الحدث ظروف داخلية اقليمية كادت تؤدي مراراً إلى تأجيله أو إلغائه نهائياً. ويثير "هلا فبراير" جدالاً ساخناً لا تغيب خلفيته السياسية عن الأذهان في وقت لا يستخدم معارضو المهرجان أي مبررات اقتصادية حقيقية تربط رفضهم بحجج وبراهين علمية تفند ادعاءات المنظمين بأن المهرجان سيؤدي إلى تنشيط دورة الاقتصاد. ويعتبر الحدث بمثابة انتصار لفكرة يدافع عنها المنظمون الذين يقولون إن "هلا فبراير" أثبت قدرة الكويت على تنظيم أمورها بعيداً عن التطورات الاقليمية التي يعيشها جارها العراقي في الشمال والذي أسفر غزوه قبل تسع سنوات عن انتهاء دولة الرفاه وبدء مرحلة التقشف التي تجعل من الحديث عن تعميق الاصلاح الاقتصادي أمراً مفروغاً منه ومادة للجدل الحاد بين المعارضة والحكومة. ومن غير السهل اعطاء أي معلومات نهائية عن مدى نجاح المهرجان الذي عمل منظموه في ظروف صعبة جعلتهم يقلصون حجم الفاعليات التي يضمها وعددها، ويدبرون أمورهم "في شهر واحد" على حد قول أحد العاملين في اللجنة المنظمة للمهرجان الذي اعتبر ما تحقق بأنه "انجاز قياسي". ويستفيد الكويتيون مثل غيرهم من أبناء الجاليات المقيمة والأعداد الكبيرة من الزوار الخليجيين، من الحسومات التي يقدمها 13 مجمعاً تجارياً بينها سوق الذهب المركزية، وألف محل وشركة. ويجعل هذا التباين في تركيبة المتسوقين صعباً على المتتبعين تقدير حجم الفائدة الاقتصادية المحلية التي سيؤمنها المهرجان في بلد يشتهر ابناؤه بالعيش فوق مستوى دخلهم واعتمادهم الكبير على ترتيبات الاقتراض وليس الادخار الفردي لتمويل مشترياتهم. وقدمت "الخطوط الكويتية"، وهي أحد المنظمين الحكوميين الثلاثة للمهرجان، حسومات تفوق 50 في المئة على رحلاتها من 32 بلداً إلى الكويت لتسهيل قدوم السياح الأجانب. وعرضت الفنادق الكويتية للزوار المستفيدين من التذاكر المخفضة حسومات مماثلة لتسهيل نزول وإقامة الزوار العرب والأجانب. ويفسر هذا الأمر إلى حد كبير الازدحام الذي تشهده فنادق الكويت التي أعدت برامج خاصة لنزلائها. وازدحمت بعض المناطق في الكويت، ومنها منطقة السالمية، إلى حد يتعذر معه تنقل السيارات في شوارعها مساء. وازدحمت المجمعات التجارية التي ينتمي إليها أغلب المحلات المشاركة في المهرجان، بالزبائن الذين يرغبون في الاستفادة من الجوائز الممنوحة ومن الحسومات التي تراوح بين 25 و70 في المئة، في وقت قال الباعة إن مبيعاتهم زادت بمقدار الضعفين. ولم تلعب أي جهة رقابية دوراً في الاشراف على جدية تطبيق الحسومات، إلا أن الزبائن يقدرون متوسط الحسم المقدم لها فعلاً بنحو 30 في المئة على الأقل. وحرص المنظمون على اعلان اهتمامهم بتثبيت فكرة المهرجان وعلى الإشارة إلى أن نجاحه الحقيقي، كحدث اجتماعي وثقافي وليس فقط تسويقياً، لا يكمن في زيادة حجم المبيعات، بل في اسباغ طابع عائلي وترفيهي محافظ على مشروع سيسهم في تغيير صورة الكويت، وتأكيد خروجها من آلام الحرب والأزمات الاقتصادية التي عرفتها. إلا أن النواب الإسلاميين في مجلس الأمة البرلمان لا يزالون مصرين على استجواب وزير الإعلام يوسف السميط حول اقامة "هلا فبراير" وهم يرصدون أنشطة المهرجان لتدوين "المخالفات" التي يتضمنها وبينها "استقدام نساء مشبوهات" وذلك في إشارة إلى المطربات والمغنيات. ومن المنتظر أن ينظم النائب مفرج نهار ندوة اليوم، يشارك فيها النائبان حالد العدوة وفهد الخنة، تندد بالمهرجان.