في جلسة تشريعية هي الأولى في العقد العادي الذي افتتح أول من أمس، منذ تعطيل المجلس النيابي اللبناني لأكثر من عام، لم ترد في جدول الأعمال الذي ضم 21 مشروعاً واقتراح قانون معجلاً مكرراً، اقتراحات القوانين المتعلقة بقانون الانتخابات النيابية المتفق عليها، الأول من النائب عاصم قانصوه، والثاني من النائب أنطوان زهرا، وهو الاقتراح الثلاثي من «تيار المستقبل» و«اللقاء الديموقراطي» و«القوات اللبنانية». وتخللت الجلسة التي اكتمل نصابها القانوني تحت خانة «تشريع الضرورة»، سلسلة تحفظات عن الجدول، إذ تحفظت «القوات» على كل البنود باستثناء التي لها طابع مالي، وتحفظ «التيار الوطني الحر» عن المشاريع والاقتراحات التي لا تندرج في إطار تشريع الضرورة، ونواب «حزب الله» على البنود المالية التي «كأنها تقر تحت ضغط خارجي، كما ورد في الأسباب الموجبة» استحوذ النقاش فيها على الوقت الأكبر من الجلسة الصباحية التي دامت ثلاث ساعات ونصف الساعة. وقد وصف أحد النواب الجلسة بأنها «جلسة تحفظات». وكانت الجلسة، التي بدأت عند الساعة الحادية عشرة إلا عشر دقائق برئاسة رئيس المجلس نبيه بري وتمثلت فيها الحكومة برئيسها تمام سلام وعدد من الوزراء، افتتحت بكلام «رئاسي». وتحدث النائب جورج عدوان بالنظام، فقال: «أمس استمعنا إلى تصريح وزير المال (علي حسن خليل)، الذي أحيط بالكثير من الكلام، وهذا الكلام بالأمس لا يشبهك. علماً أنه تراجع عنه، لكن أريد أن أقول إنك، يا دولة الرئيس بري، المعروف أنك رجل الحوار والانفتاح والتهدئة، وعندما تُطرح قضايا طائفية أو مذهبية تتصدى لها، والذي نعرفه هو أنك عكس ما قيل تماما. أردت أن أحكي هذا الكلام حتى لا تبقى للأمور تفسيرات، وأنا أكيد أن ليس بالوارد والمعقول، وأتمنى أن نستمر في الجو الإيجابي في البلد». الكلام لنبيه بري آخر وردّ بري شاكراً ما قاله، وأضاف: «ربما يكون هناك واحد آخر اسمه نبيه بري قال ما كُتب، لقد تفاجأت بما قيل، وأنا أصلاً لم أتحدث بالأمس إلا خلال اجتماع هيئة مكتب المجلس، وقلت فلنأت إلى المجلس النيابي وليفز من يفز. ومن يربح أهنئه، وهذا ما صدر مني. نعم، أنا شخصياً قلت مع محبتي وتقديري للعماد عون لن أصوت له وسأكون في المعارضة . هل هذا الكلام فيه ما يتعلق بالطائفية؟ هذا الكلام لا يمت إلى الطائفية بصلة، لذلك كنت أتمنى على الزملاء والشخصيات السياسية أن يرفعوا السماعة (الهاتف) للاستفسار ويسألوا: هل صدر منكم هذا الكلام؟» (عن الثنائية السنية- المارونية)». ولفت بري إلى «أنني لو أردت التعطيل لما حضرت كل جلسات الانتخاب ولست أنا من يعطل وسنكون أول الحاضرين. لم يصدر عني أي كلام مذهبي، وقد بدأت بكتابة التهنئة للفائز من المرشحين». أما خليل، فقال: «آسف أن يُنقل كلام لم يصدر عن لساني، لا ثقافتنا ولا تربيتنا تسمحان بأن يحكى بكلام طائفي، أنا دردشت مع الصحافيين وقلت: الموقف صدر في إحدى الصحف وقلت هذا غير دقيق ولا يعكس وجهة نظر الرئيس بري أو حركتنا. توجهنا أن نصوت ضد الجنرال عون والرئيس بري سيكون أول من يهنئه ونحن نرفض الاتفاقات الثنائية، ما يبني البلد هو الاتفاقات الوطنية». بري: «أنا قلت: لست أنا رئيس المجلس إذا غبت عن الجلسة، سأكون أول الحاضرين، نحن نصوت وفق قناعاتنا، سواء نجح فلان أو فلان». وهنا قال عضو «تكتل التغيير والإصلاح» النائب إبراهيم كنعان: «هذا الموضوع لا يشبهك يا دولة الرئيس. لكن ما أريد قوله أنه وزع علينا جدول الأعمال ثم ملحق». بري: «ما حصل أن القوانين المعجلة المكررة تفرض نفسها، ولا يمكن الرئيس أو هيئة المكتب أن يوقفها، هيئة المكتب اختارت 21 قانوناً، وزعنا القوانين التي تقررها الهيئة ثم وزعنا الملحق». كنعان: «نعتبر أن في ظل الشغور الرئاسي، وبحسب المادة 75، يتحول المجلس هيئة انتخابية. هناك بنود تتصل بالمصلحة العليا وبنود أخرى تدخل في تشريع الضرورة، نحن نعرف الأخطار التي تهدد المالية والمناخات الإيجابية في مسألة الرئاسة، إننا في وضع استثنائي سنشارك ولكننا نتحفظ عن بعض الأمور». بري: «المجلس يحق له التشريع في كل الظروف، نظراً إلى الظروف إذا وجدت، حتى كل ظرف سياسي له اعتبار، ولكن في كل مرة نتحدث عن تشريع الضرورة يقال هذه ضرورية وهذه ليست ضرورية، والهيئة العامة هي التي تبتّ هذا الموضوع». كنعان: «نحن نطلب أن يسجل الأمر في المحضر». وقال النائب مروان حمادة: «أعرف موقف «التكتل» و «القوات» من قانون الانتخاب، لماذا لم نتحول فوراً الى هيئة ناخبة لأن هناك جزءاً من النواب عطل النصاب، ليس علينا أن نحمّل من أتى اليوم مسؤولية من هذا النوع، أما في ما يتعلق بقانون الانتخاب فجربنا أن نصل إلى تفاهم، هذا القانون مهم وإذا لم يكن هناك تفاهم فهل ندخل البلد في فتنة جديدة؟ والرئيس بري كان يقول مراراً إنه بمثابة قانون دستوري وتقدمنا بتوصية بألا يقر قانون الانتخاب قبل انتخاب رئيس الجمهورية، لأن له رأياً بإقراره وبرده وبمراجعة المجلس». وزاد: «وفق الجو في البلد الاتجاه نحو انتخاب رئيس. لذلك يجب ألا نخلط الأمور. ونحن نحتاج الآن إلى تشريع الضرورة». جدول الأعمال ثم بوشر بطرح المشاريع والاقتراحات المدرجة في الجدول وطرح مشروع قانون الدفاع الوطني وتعديلاته فتمنى رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة «أن نتبصر في هذا الموضوع، فكل مرة نقوم بقصص بالقانون، علينا أن نتنبه لهذا الموضوع». لكن وزير الدفاع سمير مقبل قال: «نطلب فقط المساواة مع قوى الأمن الداخلي». وصدق المشروع. وطرح مشروع قانون تعديل في قانون الإجراءات الضريبية، فصدق مع تحفظ نواب «حزب الله» بري: «لا أحد يفرض علينا شيئاً في ما يخص القوانين الآتية من الخارج». ورد النائب حسن فضل الله: «نتحفظ عن القوانين الآتية وبالأسباب الموجبة كأننا نشرع نتيجة الضغوط الخارجية». بري: تستبدل كلمة بعد الضغوط بكلمة بعد المراجعات. ثم طرح اقتراح القانون الرامي إلى تخصيص اعتمادات لتنفيذ بعض المشاريع في منطقة حوض نهر الليطاني وفي محافظتي البقاع– بعلبك والهرمل، وتحدث في الموضوع النائب عاصم عراجي، فلفت إلى أن هذا النهر بات مجروراً ومصدراً للأمراض السرطانية نتيجة النفايات الصناعية وهذه قضية وطنية تشكل قلقاً كبيراً على الناس.. وقال النائب جمال الجراح إن الموضوع يتعلق ب220 مليون متر مكعب من نهر الليطاني معالجته من النبع إلى المصب. وأخطر التلوث هو نتيجة النفايات الصناعية. وأشار بري إلى أن مكتب المجلس اعتبر أن «الموضوع ملح والليطاني يخرب لبنان، الحقيقة علينا أن نرى كيف يمكن الإسراع في التنفيذ والتمويل». وأمل الرئيس تمام سلام بأن يقر مشروعان لليطاني، ومبلغ 55 مليون دولار أساسي لإطلاق هذا العمل. ياسين جابر: «هناك قرض من البنك الدولي». بري: «لنوافق عليه مع المرسومين المتعلقين بموضوع نهر الليطاني والتنفيذ». فصدق الاقتراح. حرمان عكار وأثار النائب معين المرعبي موضوع الحرمان في عكار. وسأل: «أين المئة مليون دولار التي خصصت للمنطقة؟ لم نر شيئاً. هل نحن في عكار بحاجة إلى سرايا فقط ، نحن بحاجة إلى المياه والطرقات والكهرباء وغيرها». فوافقه بري وقال: «الحرمان المدقع يبدأ في عكار ومنطقة بعلبك الهرمل ثم ينطلق إلى بقية عكار». وزاد: «لم يأت مشروع الى المجلس إلا وأعطيناه الزخم وعند التنفيذ لا يحصل وهذا ليس عمل المجلس». سلام: أتفهم كلام النائب المرعبي. عندما تصرفنا بأول 33 مليون دولار لم يتم التنفيذ». المرعبي: لقد أقررتم 502 مليون دولار وزعتموها على كل البلد وكانت حصة عكار 7 ملايين». النائب خالد ضاهر: «الحكومة لا ترى عكار. لم نر أي مشروع. كل القضايا الملحة يتم تجاهلها من قبل الحكومة ومجلس الإنماء والإعمار». بري: «ليقدم اقتراح والمجلس كله إلى جانبكم». وطرح اقتراح القانون الرامي إلى تخفيض الغرامات على متأخرات الرسوم البلدية والميكانيك وغيرها. وطلب السنيورة الكلام في الاقتراح وقال: «علينا ألا نعطي رسالة بهذا التخفيض بأن الذي يخالف ويراكم الرسوم انه ذكي وفي كل مرة ينتظر السماح له بالتخفيض، علينا أن نعالج مشكلة موجودة، وآن أوان الالتزام بالقانون». وردّ فضل الله: «أعطونا دولة حضارية وأمنوا الحقوق للمواطنين والخدمات في شكل منتظم حتى نشجع المواطن على أن يدفع في شكل منتظم، وعلينا أن لا نحمل المواطن المسؤولية، واقترح تعديلات» . وقال حمادة: «كما قال الزميل فضل الله أعطوني دولة منتظمة وهذا التخفيض لمرة واحدة أخيرة». وطلب بري تسجيل عبارة مرة أخيرة في محضر الجلسة وطرح الاقتراح على التصويت معدلاً بإعطاء مهلة حتى آخر شباط (فبراير) 2017 فصدق. كما صدق تخفيض الغرامات على متأخرات رسوم الميكانيك. كما أقر المجلس تجريم إطلاق عيارات نارية في الهواء، بعدما أجمع عدد من النواب على أن أصحاب الضرر والمتسببين بإطلاق النار يتحملون مصاريف الإصابات. وفي اقتراح القانون الرامي إلى الإجازة للحكومة إصدار سندات خزينة بالعملات الأجنبية (3 بلايين دولار) لفت مقدم الاقتراح النائب ياسين جابر إلى أن هذه «السندات لو كانت واردة في الموازنة لما كنا اضطررنا إلى تقديمها بصفة المعجل المكرر». وأشار السنيورة، إلى أن «من الغريب أن تقر قوانين واقتراحات لا تركب على قوس قزح وبالملايين». فلفت بري إلى أن «الضرورات تبيح المحظورات». وطرح الاقتراح على التصويت فصدق. ولدى طرح القانون المعجل المكرر المتعلق بتبادل المعلومات لغايات ضريبية اقترح النائب نواف الموسوي إعادته إلى اللجان المختصة، وأبدى كنعان تحفظه. وطلب النائب أنور الخليل «التبحر في الاقتراح، لأن لا إمكان لإخفاء المعلومات وعلينا أن نقره إرادياً حتى لا نقره تحت ضغط دولي». وقال فضل الله: «مع إدراكنا أهمية هذا الأمر أقررنا السنة الماضية مجموعة من القوانين لكن مرة يأتينا قانون لتلبية بعض المتطلبات الدولية أتمنى أن لا نكون خارج إطار السقف الدستوري، وعندما يحال مثل هذا القانون إلى اللجان المختصة نناقش خلفياته وهذا القانون غيض من فيض وهناك أكثر من عشر مواد تحتاج إلى المزيد من النقاش وأتمنى دراسته بتروٍ لحفظ سيادتنا وانتظام عملنا التشريعي وأقترح إعادته إلى اللجان». وعند الوصول إلى مناقشة البنود المالية قال بري إنه «عندما عقد مؤتمر باريس أخيرا كانت هناك نية لتخفيض تصنيف لبنان ثم وبعد اعتراضات والدفاع عن لبنان من جانب الوزير الإيطالي أعطي مهلة حتى 4 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، لذلك كنت مستعجلاً الدعوة إلى عقد هذه الجلسة التشريعية قبل هذا التاريخ. أنا أقول هناك ضغط ونص. إذا لم يكن هناك شيء يلحق الضرر بلبنان لا مصلحة لنا في أن نقف ضده أما إذا لم يكن هناك ضرر فنعدل. والنتيجة مرت شهور ولم يؤخذ به». ثم شرح وزير المال وضع هذا الاقتراح وعلاقته بالضرائب ومديرية الواردات لجهة تبادل المعلومات ووفق الآليات القانونية المقررة فقال: «لنا الحق أن نطلب وقائع جيدة وليس حكماً مبرماً. الرابع من الشهر المقبل آخر مهلة. لكن إذا لم يقر سيصدر تصنيف مختلف للبنان يقال فيه إنه بلد غير متعاون». وطلب النائب غسان مخيبر «إعطاء السلطة حق إبرام الاتفاق وعدم حصره بوزير المال وطرح اقتراحات للتعديل. بري: قلت منذ البداية إننا أمام مهلة محددة ولا مانع من أن نأخذ الوقت في النقاش ونعدل بدلاً من التأجيل. ليضع وزير المال والنائبان مخيبر والموسوي الصياغة وعند السادسة يجب أن يكون أمامي. فتم وضع صيغة معدلة فصدّق. مكاري ونواب «التغيير» وقبل بدء الجلسة المسائية وفي إطار المشاورات الرئاسية التقى نائب رئيس المجلس فريد مكاري، في مكتبه في ساحة النجمة وفداً من «تكتل التغيير والإصلاح» ضم النواب إبراهيم كنعان، ناجي غاريوس، آلان عون، سيمون أبي رميا ، حكمت ديب، ووزير التربية الياس بو صعب. ولدى مغادرة الموسوي مبنى البرلمان سئل عن الانتخابات الرئاسية فأجاب: «إذا حلمنا الماي (الماء) في منامنا هذا يكون فال خير، فكيف إذا شفنا الماي قدامنا».