بغداد، واشنطن، نيويورك، موسكو - رويترز، أ ف ب - يستأنف مجلس الأمن اجتماعاته غداً للبحث في مشروع قرار بشأن العراق بعدما مدد مساء الجمعة لمدة اسبوع برنامج "النفط للغذاء" في عملية تصويت ابرزت الانقسام العميق في صفوفه بشأن العراق. وطلبت روسيا من سفيرها لدى الاممالمتحدة العودة الى نيويورك للاجتماع مع مسؤولين اميركيين على امل الاتفاق على شروط في مشروع القرار البريطاني الذي يدرسه مجلس الامن الا انها رفضت الافصاح عن موقفها بهذا الشأن قبل التصويت على مشروع القرار. وجددت بغداد رفضها تمديد برنامج "النفط للغذاء" اسبوعاً، واتهمت فرنسا بالمشاركة في "عدوان جديد على العراق". وكان جيمس روبن الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية أعلن أول من امس ان وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف تحدث الى وزيرة الخارجية الاميركية مادلين اولبرايت في وقت سابق بشأن آخر التطورات، وتوقع ان "يتسارع ايقاع هذه المشاورات هذا الاسبوع" ونفى ان تكون الولاياتالمتحدة حددت الموعد الذي ترغب بتقديم القرار فيه الى مجلس الامن للتصويت عليه، وان كان بعض الديبلوماسيين يتوقعون ان يتم ذلك خلال الاسبوع الحالي. غير ان مسؤولاً اميركياً طلب عدم نشر اسمه ذكر بعد محادثات اولبرايت مع ايفانوف ان الروس ما زالوا لا يكشفون ان كانوا سيؤيدون القرار الشامل أم لا، وقال: "ما زالت لدينا مشاكل حقيقية مع الروس". وذكر ديبلوماسي روسي ان بلاده "لا تنوي الكشف عن موقفها مسبقًا"، مشيراً إلى ان روسيا "ستعبر عن موقفها عند التصويت". من جهة اخرى، قال نائب رئيس الوزراء العراقي طارق عزيز في مقابلة مع صحيفة "الاتحاد" الاماراتية "ننتظر من روسيا قراراً بابلاغ الأعضاء الآخرين في مجلس الامن بأنها لن تسمح بمرور مشروع القرار البريطاني". وكان وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف أعلن الاربعاء الماضي بعد لقائه عزيز ان "تعليق العقوبات يشكل خطوة انتقالية يجب ان يتبعها الغاء كامل للعقوبات". وينص مشروع القرار البريطاني الذي تدعمه الولاياتالمتحدة على تعليق العقوبات المفروضة على العراق بعد ان تتأكد الاممالمتحدة من "تعاون" هذا البلد ومن تحقيق "تقدم" نحو انهاء نزع سلاحه. وتطالب بغداد برفع العقوبات المفروضة عليها من دون شروط. وأفاد ديبلوماسيون ان تمديد برنامج "النفط للغذاء" لمدة اسبوع يهدف الى "الضغط" على المجلس للتوصل الى اتفاق الاسبوع المقبل بشأن تعليق العقوبات المفروضة على العراق بشروط. وأقرت 11 دولة من اصل 15 في مجلس الامن القرار 1280 الذي اقترحته الولاياتالمتحدة، لكن روسياوالصين وماليزيا امتنعت عن التصويت في حين رفضت فرنسا المشاركة في التصويت تعبيرا عن استيائها. وأشار ديبلوماسيون الى ان قرار فرنسا عدم المشاركة اجراء نادر جدا. اذ سبق لها ان لجأت الى اجراء مماثل مرتين في السابق، كان آخرهما في 1975. ونص القرار على تمديد برنامج "النفط للغذاء" الذي تنتهي مدته مساء أمس "حتى 11 كانون الاول ديسمبر" االجاري بدلاً من ستة اشهر. وقال مساعد المندوب الاميركي بيتر بورليه ان القرار "يضمن استمرار المساعدة الانسانية الاساسية في وقت يستعد فيه مجلس الامن لاعتماد قرار شامل بشأن العراق الاسبوع المقبل". لكن سفير فرنسا لدى الامم التحدة الان ديجاميه اعتبر امام اعضاء المجلس انه مع "مهلة الاسبوع يستحيل على العراق تقنيا بيع نفطه"، وأكد ان "عملية التصويت لها غرض آخر هو ممارسة ضغوط على اعضاء مجلس الامن في ما يتعلق بقرار آخر". وأضاف: "لذا، وفي هذا الاطار، لا يسعنا الا اتخاذ موقف عقلاني واحد هو عدم المشاركة في عملية التصويت". ودان المندوب الصيني كين هواسون أيضاً التصويت معتبراً انه "يؤدي الى ضغوط على الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس حتى تنجز خلال الاسبوع مشاوراتها بشأن قرار شامل". واعتبر سفير العراق لدى الاممالمتحدة سعيد حسن "انه يوم تعيس في تاريخ الاممالمتحدة لان الولاياتالمتحدة فرضت مرة اخرى ارادتها الشريرة على اعضاء المجلس". وجدد ناطق في وزارة الخارجية العراقية رفض بلاده قرار مجلس الأمن، وقال: "يبدو ان الولاياتالمتحدة وبريطانيا تريدان ممارسة المزيد من الضغط بتسليط سيف الوقت اضافة الى غيره من العناصر على بقية الاعضاء الدائمين في مسعى لجرهم الى تمرير المشروع البريطاني". ووصف التمديد بأنه "غير عملي" لأن العراق لا يمكنه ببساطة ابرام صفقات نفط في اسبوع واحد. وفي القاهرة، ذكر وزير النفط العراقي عامر محمد رشيد أمس ان "التمديد لمدة اسبوع واحد لا معنى له". وقال: "العراق كان دوماً عامل استقرار في سوق النفط"، ووصف قرار مجلس الأمن بأنه "ابتزاز سياسي ومهزلة وغير عملي". وعلق العراق صادراته النفطية في 23 تشرين الثاني نوفمبر احتجاجاً على قيام مجلس الأمن مرة اولى بتمديد البرنامج لمدة اسبوعين. وأكد الخميس انه سيواصل عدم تصدير النفط. ولا يخفي الديبلوماسيون الاميركيون والبريطانيون انهم يريدون فرض مهلة تنتهي الاسبوع المقبل لانهاء المفاوضات المتواصلة منذ اسابيع بين الدول الخمس الدائمة العضوية الصينوالولاياتالمتحدةوفرنسا وبريطانيا وروسيا. ويحاول هؤلاء وضع قرار يسمح بعودة خبراء نزع الاسلحة المكلفين مراقبة الترسانة العراقية الى العراق في مقابل تعليق الحظر التجاري المفروض على بغداد منذ تسع سنوات. وتوقفت المشاورات هذا الاسبوع بانتظار قرار روسيا التي زارها نائب رئيس الوزراء العراقي. ويفترض ان تعاود الاسبوع المقبل لدى عودة السفير الروسي الى الاممالمتحدة سيرغي لافروف من موسكو. الى ذلك، اتهمت صحيفة "الجمهورية" العراقية الرسمية فرنسا أمس بالمشاركة في "عدوان جديد مبيت على العراق"، معتبرة انها انضمت الى صفوف البريطانيين والاميركيين في مجلس الامن. واضافت ان فرنسا "لها ضلع في مشروع القرار البريطاني الجديد".