توالت خطوات اشاعة أجواء "النيات الحسنة"، كما يصفها المراقبون، في لبنان امس، في ظلّ مناخ استئناف مفاوضات السلام. فسلّمت اسرائيل ظهراً، جثتي مقاومين لبنانيين تابعين ل"حزب الله"، بعد خطوتي الهدنة التي أتاحت سحب جثث خمسة مقاومين الاسبوع الماضي، والافراج فجر أول من امس عن خمسة أسرى ينتمون الى الحزب، بوساطة ألمانية. وبمبادرة من الصليب الأحمر الدولي، تسلّم "حزب الله" جثتي المقاومين الشيخ موسى محمود أحمد قاروط من بلدة ميس الجبل مواليد 1973 وحسن علي سلامة من قعقعية الجسر مواليد 1976 اللذين سقطا في التاسع من كانون الاول ديسمبر الماضي في مواجهات مع قوات الاحتلال الاسرائىلي في منطقة رب الثلاثين داخل الشريط الحدودي المحتل. وأعلنت اللجنة الدولية للصليب الاحمر في بيان وزّعته امس ان السلطات الاسرائىلية سلّمت جثتي المقاومين في المطلّة الى ممثلي اللجنة فنقلوهما الى لبنان لاعادتهما الى عائلتيهما. ونقلت الجثتان بعد ذلك عبر معبر كفرتبنيت الى النادي الحسيني في مدينة النبطية وكان في استقبالهما رئيس بعثة الصليب الاحمر الدولي في لبنان هنري فورنييه ومسؤول منطقة الجنوب في "حزب الله" الشيخ نبيل قاووق. وكان الصليب الاحمر الدولي الذي يقوم بدور الوسيط المحايد بطلب من كل الاطراف المعنيين وعائلات المتوفين، سحب الاسبوع الماضي خمس جثث لمقاومين قضوا ايضاً في مواجهات مع الاسرائىليين. الى ذلك، قال مصدر في "حزب الله" ان الوساطة الألمانية التي قام بها وزير الدولة للشؤون الأمنية برند شميدت باور عام 1996 "لم تتوقف لتعثر الحصول على معلومات تتعلق بمصير الطيار الاسرائىلي رون أراد المفقود في لبنان فحسب، بل ايضاً بسبب الحملة الألمانية الرسمية والاعلامية التي استهدفت مرشد الثورة الاسلامية في ايران السيد علي خامنئي قبل مدة". وأكد المصدر ل"الحياة" ان طهران ودمشق "كانتا في صورة المبادرة الألمانية لتحريك ملف الاسرى والمفقودين اللبنانيين في مقابل معرفة مصير أراد، وتسلّم رفات الجنود الاسرائىليين الذين قتلوا في لبنان اثناء الاجتياح في حزيران يونيو 1982. وأوضح ان الحكومة اللبنانية حينذاك لم تكن بعيدة من اللقاءات التي عقدها شميدت باور اثناء زيارته لبيروت عام 96". ولم يستبعد المصدر التأييد الاميركي للوساطة الألمانية حين بدأت قبل سنوات "اذ من دون واشنطن لا يمكن الوزير الألماني التحرّك في كل الاتجاهات". واعتبر ان احياء بون وساطة كانت بدأت بها، "جاء بعد توصل الحكومة الألمانية مع طهران الى تفاهم على بعض النقاط العالقة وبعد تلقيها ضوءاً أخضر من اسرائيل". ولفت الى ان تحرّك بون هذه المرة مع الحكومة اللبنانية وقيادة "حزب الله" يأتي في هذا السياق، فاقنعت تل أبيب باطلاق خمسة أسرى لتأكيد استعدادها لتزخيم وساطتها، ولاحياء اتصالاتها مع قيادة الحزب لطي صفحة الخلاف المترتب على الهجوم الألماني على السيد خامنئي. وأكد "ان فريقاً ألمانياً حضر الى بيروت، وعرض على الحكومة اللبنانية والحزب رغبته في استئناف الوساطة حاملاً عرضاً اسرائىلياً باطلاق الاسرى الخمسة على أمل ان يُسهم الجانب اللبناني في الكشف عن مصير أراد". وأوضح المصدر "ان الحزب شجّع بون على التحرّك الذي بدأ قبل استئناف مفاوضات السلام، وانه أحيط علماً من خلال مسؤولين أمنيين لبنانيين ووزارة الخارجية بأسماء الاسرى الذين سيفرج عنهم، قبل 24 ساعة من إتمام العملية، نافياً حصول تغيير فيها. واعتبر ان الافراج عن مرافقي الشيخ عبدالكريم عبيد رسالة اسرائىلية". ونفى ان يكون وراء تحرّك بون "أي صفقة بل هي تلقت وعداً من قيادة الحزب بالحصول على معلومات عن أراد، لان الحزب يريد اقفال ملف الاسرى اللبنانيين". وكرّر المصدر نفي التوصل الى اتفاق لوقف عمليات المقاومة. وقال ان "تصدينا للاحتلال مستمر وان تخفيف العمليات يعود الى ان المقاومين يتوغّلون في عمق الشريط المحتل بحثاً عن جنود الاحتلال ويلمسون عن كثب ان معظمهم انكفأوا بناء على تعليمات قيادتهم وبات حضورهم رمزياً". وعن احتمال الانسحاب الاسرائىلي في شباط فبراير أو نيسان ابريل المقبلين، قال المصدر "ان تل أبيب حددت موعد الانسحاب في تموز يوليو حداً أقصى، والحديث عن تقريب الموعد، قد يهدف الى تحضير المتعاملين معها نفسياً بفعل البلبلة الناجمة عن غموض مصيرهم". على الصعيد الميداني في الجنوب، أغارت طائرات حربية اسرائىلية، الثالثة الا خمس دقائق بعد ظهر امس، على منطقة عين السماحية قرب زوطر الشرقية في النبطية في القطاع الاوسط ملقية عدداً من الصواريخ. وترافقت الغارة مع قصف مدفعي اسرائىلي على محيط المنطقة ومرتفعات اقليم التفاح. وأعلنت "حركة أمل" ان مجموعات منها نفّذت خمس هجمات امس على مواقع الاسرائىليين و"جيش لبنان الجنوبي" داخل المنطقة المحتلة. من جهة ثانية، فرّ مرشد حسان ضاهر احد مسؤولي الاستخبارات في صفوف "الجنوبي"، وسلّم نفسه الى أحد مواقع الجيش اللبناني في البقاع الغربي. واعتقلت قوات الاحتلال، على الأثر، ابنه فادي مع شخصين هما خالد حمودي وعرفات صعب، والثلاثة يخدمون في "الجنوبي"، متهمة اياهم بمساعدة ضاهر على الفرار. وأعلنت لجنة المتابعة لدعم قضية المعتقلين اللبنانيين في السجون الاسرائىلية انها تلقت ثلاثة آلاف بطاقة معايدة من أكثر من مئة مدرسة ومقاطعة كندية موجهة الى الأسيرة الصحافية كوزيت الياس ابراهيم، اضافة الى مئات البطاقات من فروع منظمة العفو الدولية في العالم لمناسبة الافراج عن الطفل المحرر علي توبة.