يصل وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين الأحد المقبل الى لبنان، المحطة الاولى في جولته الثانية الى الشرق الاوسط منذ توليه منصبه في حزيران يونيو الماضي اثر تغيير الحكومة الفرنسية وتسلّم ليونيل جوسبان الاشتراكي رئاستها. ويبدأ فيدرين محادثاته بلقاء مع نظيره اللبناني فارس بويز هو الأول بينهما وتتبعه مأدبة عشاء يقيمها بويز على شرفه في بيروت. ويلتقي فيدرين في اليوم التالي الاثنين كلاً من رئيس الحكومة رفيق الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري ويختتم محادثاته بلقاء مع رئيس الجمهورية الياس الهراوي في قصر بعبدا. ثم يعقد مؤتمراً صحافياً قبل مغادرته بيروت، حيث بدأ نشاطه صباح الاثنين بتدشين المقر الجديد للقنصلية الفرنسية. وينتقل فيدرين الى عمان حيث يلتقي رئيس الحكومة عبدالسلام المجالي ووزير الخارجية فايز الطراونة ثم يلبي دعوة العاهل الأردني الى افطار تليه محادثات يعقدها مع الملك بحضور ولي العهد الأردني الأمير حسن. وينتقل فيدرين مساء الاثنين الى دمشق حيث يلتقي نظيره السوري فاروق الشرع ويمضي ليلة في دمشق يتبعها صباح الثلثاء لقاءات سياسية مع الرئيس حافظ الأسد ونائبه عبدالحليم خدام. وتعلّق الأوساط الفرنسية اهمية كبرى على هذه الزيارة كونها تؤكد عزم الحكومة الاشتراكية الفرنسية على المضي في السياسة التي انتهجها الرئيس الديغولي جاك شيراك منذ توليه للرئاسة وتقضي بتكريس وجود فرنسا وأوروبا في المنطقة ولعب دور فاعل في مسيرة السلام، خصوصاً على المسارين اللبناني - الاسرائيلي والسوري - الاسرائيلي. ورغم ان اسلوب الوزير الفرنسي مختلف كلياً عن أسلوب الرئيس الديغولي اذ انه يشكك في جدوى الاعلان عن مبادرات او تحركات في الظروف الحالية الناتجة عن سياسة رئيس الحكومة الاسرائيلي بنيامين نتانياهو. فالوزير فيدرين يولي اهمية كبرى للمحادثات التي سيجريها في المنطقة مع مسؤولين يعرفهم وسبق ان التقاهم في ظروف مختلفة. فكان فيدرين زار دمشق في سنة 1989 والتقى الرئيس الأسد في اطار مهمة اوكلها اليه الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران تتعلق بالرهائن في لبنان. كما انه سبق والتقى الرئيسين اللبنانيين الياس الهراوي ورفيق الحريري. فالهراوي زار فرنسا عندما كان ميتران رئيساً وسبق لفيدرين ان التقى الحريري خلال زيارته الرسمية الاخيرة الى فرنسا لتهنئة ليونيل جوسبان برئاسة الحكومة. ومن شأن زيارة فيدرين الى الدول الثلاث ان تطمئن هذه الدول الى انه يولي المنطقة اهتماماً كبيراً رغم ان الانطباع السائد لدى الاوساط المسؤولة في هذه الدول يشكك بذلك. ويرغب فيدرين من جولته الاستماع الى وجهات نظر محاوريه في المنطقة ودرس كيفية التحرك لدفع عملية السلام، خصوصاً على المسارين السوري - الاسرائيلي واللبناني - الاسرائيلي. وأبدت فرنسامرات عدة حرصها على لعب دور من ضمنه الترتيبات الامنية بعد تحقيق السلام. والملاحظ ان فيدرين ينتقل من بيروت الى عمان ويزور بعدها دمشق، متعمداً الفصل بين زيارته الى كل من لبنان وسورية في مؤشر رمزي الى تعلق فرنسا باستقلال لبنان. وقال الناطق المساعد لوزارة الخارجية الفرنسية ايف دوتريو ل "الحياة" ان المسؤولين اللبنانيين مدركون لرغبة الفريق الحكومي الجديد ورئيس الجمهورية الفرنسيين، في المضي بالمساعدة في اعادة البناء الاقتصادي والسياسي للبنان. وذكر ان في الدول الثلاث التي سيزورها فيدرين، قلقاً مشتركاً، تنضم اليه فرنسا، بشأن الوضع الذي وصلت اليه مسيرة السلام، اذ ان ما حصل اخيراً في اسرائيل لا يدعو الى الاعتقاد بامكانية تحسن الأوضاع، مشيراً في هذا الاطار الى استقالة وزير الخارجية الاسرائيلي ديفيد ليفي، والى عدم التجاوب مع الجهود الملحوظة التي تبذلها الادارة الاميركية لتحريك الوضع.