جاءت تحذيرات العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني من محاولات المس بالوحدة الوطنية، على خلفية الاعتداء الذي تعرض له اعضاء فريق الوحدات لكرة القدم والذي يتألف من اردنيين من اصول فلسطينية. كما جاءت على خلفية قيام وجهاء لعشائر شرق اردنية بزيارة رئيس الوزراء عبدالرؤوف الروابدة لتقديم الولاء له والتضامن معه إزاء قراره ابعاد قياديي "حركة المقاومة الاسلامية" حماس الى قطر الشهر الماضي. وقال الملك عبدالله اول من امس إن الوحدة الوطنية في الاردن، المتمثلة بالتلاحم بين الاردنيين من المنابت والاصول المختلفة، هي "وحدة مقدسة" وانه "لن يسمح لأي كان بان يمس هذه الوحدة". واستهدفت رسالة العاهل الاردني امام مجلسي النواب والاعيان، ازالة القلق الشعبي الذي صاحب قرار الحكومة ابعاد قياديي "حماس" بعد اعتقالهم مدة زادت عن شهرين، وللتخفيف من أثر زيارة بعض وجهاء العشائر دار رئاسة الوزراء، والاعتداء على فريق الوحدات والذي قام به عشرات من مشجعي فريق الفيصلي الذي ينتمي اعضاؤه الى اصول شرق اردنية. واثار الحدثان جملة مخاوف لدى الاردنيين من اصل فلسطيني بأن الاردن قد يلجأ الى ابعاد مواطنيه من اصول فلسطينية في حال معارضتهم الحكومة، خصوصا ان قادة "حماس" المبعدين هم من حملة الجنسية الاردنية، علما ان القانون يمنع الحكومة من ابعاد مواطنين اردنيين. كما تسبب استقبال رئيس الوزراء لوجهاء عشائر اشادوا بقرار ابعاد قادة "حماس"، في خلق اجواء من الاستقطاب بين المواطنين، تلتها حادثة الاعتداء على لاعبي الوحدات فيما كانوا في حافلة تقلهم الى عمان بعد مباراة مع الفيصلي. ووجه اعضاء مجلس النواب انتقادات شديدة لرئيس الحكومة لقراره ابعاد قادة "حماس" من دون احالتهم على المحاكمة لإثبات تورطهم او براءتهم من اتهامات بخرقهم القوانين الاردنية. كما وجهوا له هجوما بسبب استقباله وفود العشائر التي قدمت له الولاء في سابقة اثارت استهجانا واستياء كبيرين، إذ انه من المعروف في الاردن ان الولاء يقدم حصرا للوطن والملك وليس لغيرهما. وفي خضم الضغوط المتفاقمة على حكومة الروابدة، اضطر الملك عبدالله الى التدخل لتبديد تكهنات بقرب استقالة الحكومة تحت ثقل الازمات المتفاقمة، والتي زادت من حدتها ازمة "شحنة القمح الاميركي" بين الحكومة من جهة، والنواب والصحافة من جهة اخرى. ففيما اصرت الحكومة على صلاحية الشحنة للاستهلاك البشري، شكك النواب وصحافيون ومؤسسات استهلاكية في صلاحيتها بعدما تبين انها تحتوي على الفئران وملوثات الاخرى. ويرى مراقبون ان تدخل الملك للدفاع عن الحكومة للمرة الثانية في غضون اسبوع، يشير الى عمق الازمة التي تواجهها ومدى الاستياء العام من ادائها وتزايد المطالبات برحيلها في الصحافة والاوساط النيابية المستقلة والمعارضة. وكان العاهل الاردني جدد ثقته بالحكومة قبل اقل من اسبوع بعد تكهنات واسعة النطاق بقرب استقالتها. وترى مراجع سياسية ان الحكومة الحالية ستستمر الى موعد اقصاه اوائل آذار مارس المقبل بعد ان تفرغ من مناقشة الموازنة العامة للدولة واقرارها وبعد نهاية الدورة البرلمانية الحالية.