كان عمري ست سنوات وكنت أفكّ رموز العناوين الحمراء ل"المغربي الصغير": هتلر يرفض تسليم ميداليته الى الرياضي الأسود جيس اوينز، موسوليني يجتاح اثيوبيا. في سن التاسعة، رأيت في أيلول سبتمبر 1939 رماة مغربيين يبحرون في مرفأ الدار البيضاء من أجل الحرب العالمية الثانية. في سن الخامسة عشر، كنت أنظر الى الفرنسيين والفرنسيات - وحدهم - يرقصون للحرية، تماماً قبل أن تتوجّه دباباتهم الى سطيف لسحق الجزائريين الذين كانوا ساعدوا كثيراً في تحرير فرنسا. وأصبح عمري عشرين عاماً. "لن أترك أحدا يقول بأنه أجمل عمر في الحياة"، كتب بول نيزان. أما أنا، فبالعكس، كنت أرى المنورات تنفتح: فلسطين، الهند الصينية، افريقيا، كوبا. كنّا سنصبح طليقين، متساوين، وسعداء. سوف أدخل في سنتي السبعين. وأتطّلع من المنورات ذاتها: مجازر في الجزائر، في افغانستان، في الكونغو. حروب في البوسنة، في كوسوفو، في الشيشان، في فلسطين، في العراق. قبائل افريقيا تتذابح. 95 في المئة من مرضى الايدز موجود هناك، وكل الأبحاث الطبية بعيدة عن هناك. ولكن، كل شيء على ما يرام. تشي غيفارا ولومومبا لا يزالان متوفيّين. محمود طه، صبحي صالح، حسين مروة، فرج فوده، طاهر جعيط، يوسف سبتي وعلّولة أيضاً. المالية العالمية، مبيعات الأسلحة وتجارة المخدرات غير المشروعة في أحسن حال، وكذلك الديكتاتورية. الألفية القادمة ستخترع الحداثة؟ ولكن، منذ 600 ألف عام، الإنسان موجود ولا يزال يتقاتل مع الإنسان الآخر! إذن، افتحوا منورات أخرى، يا أولاد. جمّعوا كل قواكم نحو الأبدّي من أجل خلق عزيمة المتعبين في العيش. هل ستعرفون بعد ذلك أن تكسروا لنا قدر التاريخ. هل سنصبح في آخر الأمر وفي يوم من الأيام شيئاً غير حيواني ينتظر التبدّل الخلاّق لجنس جديد؟ ترجمة: ر. ز.