اللاعب الهداف في كرة القدم عملة نادرة، ولذا يصل ثمنه في دنيا الاحتراف الى ملايين الدولارات... فمن منا سمع مثلاً عن نادٍ يرغب في دفع 56 مليون دولار لقاء انتقال مدافع او حارس للمرمى الى صفوفه كما فعل لاتسيو الايطالي أخيراً عندما عرض هذا المبلغ على ليفربول الانكليزي لضم لاعبه الشاب مايكل أوين؟ والهداف في عرف المستديرة الصغيرة هو ذلك اللاعب الذي يمتلك ميزة "اللمسة الأخيرة"، وهي موهبة يصبح صاحبها وعن طريقها قادراً على تغيير مجرى المباريات ونتائجها... فكم من فريق حقق التعادل او انتزع الفوز في الثواني الاخيرة بفضل مهارة هدافه في هز الشباك في اقل من لمح البصر؟ لكن مع التطور الهائل في تقنيات اللعبة وميلها الى الطرق الدفاعية صار التهديف عن طريق الكرات الثابتة فناً ممتعاً من فنون اللعبة ومن اهم عناصر حصد النتائج الايجابية، وتخصص عدد كبير من اللاعبين في أداء هذه المهمة وبرز منهم في الآونة الاخيرة البرازيلي روبرتو كارلوس مدافع ريال مدريد الاسباني الذي لا يختلف اثنان على انه نال جل شهرته العالمية من خلال هدفه "اللولبي" الشهير الذي سجله لمنتخب بلاده في مرمى فرنسا خلال الدورة الودية الدولية التي سبقت انطلاق مونديال 98 بعام واحد. ومن البارزين ايضاً الانكليزي الدولي ديفيد بيكهام لاعب وسط مانشستر يونايتد، والايطالي روبرتو باجيو لاعب وسط انترميلان، والفرنسي زين الدين زيدان ايضاً لاعب وسط يوفنتوس الايطالي، واليوغوسلافي سينيسا ميهايلوفيتش قلب دفاع لاتسيو الايطالي. والأخير هو الأبرع في الوقت الحالي وربما يكون الوحيد الذي سجل 3 أهداف من 3 ركلات حرة في مباراة واحدة... وحدث ذلك تحديداً في كانون الأول ديسمبر الماضي خلال لقاء فريقه مع سامبدوريا الذي انتهى لمصلحة لاتسيو 5 - 2 ضمن الدوري الايطالي. البعبع وصار مجرد احتساب اي ركلة حرة مباشرة للاتسيو بالقرب من منطقة جزاء خصومه يثير الرعب في نفوسهم ويشكل خطراً حقيقياً على مرماهم، لأن "البعبع" ميهايلوفيتش يكون جاهزاً دائماً لتسديدها. ولأن الله منحه قدرة الركل بقوة "رفسة" بغل، حرص اللاعب اليوغوسلافي على صقل هذه الموهبة واتقان الركلات المباشرة اكثر فأكثر ولذا فهو يتدرب عليها يومياً بمفرده عقب كل مران لفريقه. وهو يقوم بتسديد الكرة اكثر من 150 مرة ومن مسافات مختلفة في المران الواحد، وعادة ما يبدأ من عند حدود منطقة الجزاء ثم يتراجع خطوات عدة ويسدد... وهكذا الى أن يقوم بركل الكرة من عند حدود منطقة الجزاء الأخرى أي لمسافة تصل الى نحو 80 متراً... واللافت انها تسكن الشباك احياناً. وبفضل تسديداته الصاروخية اختير ميهايلوفيتش افضل لاعب يوغسلافي للعام الحالي، وجاء ذلك بعد تألقه مع منتخب بلاده وقيادته الى نهائيات كأس الأمم الأوروبية المقررة العام المقبل في بلجيكا وهولندا معاً فضلاً عن تألقه مع لاتسيو محلياً واروبياً. والهدف الذي احرزه مع فريقه في مرمى اودينيزي في تشرين الأول اكتوبر الماضي هو ال21 من الركلات الثابتة خلال 7 مواسم قضاها مع فرق روما وسامبدوريا ولاتسيو في الدوري الايطالي. الكرة الذهبية ورغم ان الأسماء المرشحة لنيل الكرة الذهبية الأوروبية كثيرة وفي مقدمها بيكهام والبرازيلي ريفالدو والأوكراني شفتشنكو، الا ان ميهايلوفيتش يبقى مرشحاً قوياً للحصول على هذه الجائزة الثمينة التي تمنح لأفضل لاعب في أوروبا... وربما لا يقلل من اسهمه سوى انه يوغوسلافي. ولد ميهايلوفيتش في مدينة فوكوفار من أب صربي هو بوغدان وام كرواتية هي فيكتوريا... وعانت مدينته من ويلات الحرب البوسنية الأخيرة: "عندما عدت اخيراً الى مدينتي كانت اشبه بالمدينة اليابانية هيروشيما بعد اسقاط القنبلة النووية عليها خلال الحرب العالمية الثانية، دمرت كل المنازل والمدارس وخلافه. توقفت بسيارتي امام مدرستي وتذكرت كيف كنت ألعب الكرة مع زملائي في بداية مسيرتي في ساحتها الكبيرة". وهو اعلن خلال الصيف الماضي انه لن يشارك مع لاتسيو اذا لم يوقف حلف الاطلسي هجماته الجوية على بلاده، لكنه عاد في قراره بعد تدخل ادارة النادي وتهديدها بإيقافه. أمم أوروبا قبل انطلاق التصفيات أكد ميهايلوفيتش مراراً وتكراراً ان بلاده لن تتأهل الى نهائيات كأس الأمم الأوروبية بسبب الاحداث العسكرية التي حرمت منتخبها من التجمع والتدريب بشكل يتناسب مع اهمية الحدث: "لم نتمكن من التدريب سوياً كثيراً فضلاً عن الصورة المتواضعة التي ظهرنا عليها في مونديال 98، ما جعلني اعتقد ان منتخبنا غير قادر على التأهل، لكن بعد ان خضنا أولى مبارياتنا استعدت الثقة كاملة وتأكدت اننا سنلعب دوراً مهماً في النهائيات". أمنيات وأمنيات ميهايلوفيتش كثيرة لكن ابرزها يصب في خانة خدمة بلاده: "اتمنى طبعاً الفوز بلقب افضل لاعب في أوروبا وان اساهم مع لاتسيو في المنافسة على لقبي الدوري المحلي ودوري أبطال أوروبا، لكن المهم هو ان نقدم عروضاً مقنعة في كأس الأمم الأوروبية... وأن أُمنح جوازاً ديبلوماسياً وان أعين سفيراً في احدى منظمات الاغاثة العالمية حتى اساهم في تخفيف المعاناة التي يعيشها ابناء شعبي". تاريخ وأرقام ولد ميهايلوفيتش في 20 شباط فبراير 1969 في فوكوفار. قبل لاتسيو لعب لأندية فويفودينا، والنجم الأحمر في يوغسلافيا، وروما وسامبدوريا في ايطاليا. لعب أول مباراة دولية له في أيار مايو 1991 ضد جزر الفارو، واحرز 5 أهداف دولية. فاز ببطولة يوغوسلافيا مع فويفودينا عام 1989، ومع النجم الأحمر عامي 91 و1992. حصل على كأس ابطال اوروبا مع النجم الأحمر عام 91 وعلى كأس الكؤوس الأوروبية وكأس السوبر الأوروبية مع لاتسيو عام 1999.