بدا أمس ان العلاقات الجزائرية - الفرنسية تتجه الى مزيد من التحسن. إذ ما كاد الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة يُعبّر عن رغبته في مباشرة تعاون عسكري بين البلدين كخطوة أولى نحو ترقية العلاقات، حتى رد الرئيس الفرنسي جاك شيراك ببرقية للرئيس الجزائري أعرب فيها عن أمله في ان "نواصل العمل معا بروح التفتح والثقة السائدة اليوم". وقال شيراك، في برقيته أمس، "ان فرنسا لا يسعها الا ان تدين بدون تحفظ الأعمال الإرهابية التي تؤلم الجزائر". وتابع: "إنني لا اجهل العراقيل التي تواجهها السياسة التى قررتموها في ما يخص تطبيق قانون الوئام المدني". وسجّل طموح الشعب الجزائري إلى "السلم والامن"، مبدياً أمله في ان "نواصل العمل معاً بروح التفتح والثقة السائدة اليوم" خصوصاً في ما يتعلق ب"الملفات المهمة في علاقتنا الثنائية، وكذلك كل القضايا ذات الاهتمام المشترك". ووصف الرئيس الفرنسي زيارة كريستيان بونسلي، رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي للجزائر، ب"الزيارة المهمة". وسجل إرتياحه لكون "محادثاته مع السلطات الجزائرية العليا تشكّل فرصة لمواصلة التشاور بين بلدينا وهو ما قمنا به منذ انتخابكم لرئاسة الجمهورية" في نيسان ابريل الماضي. وجاءت برقية الرئيس الفرنسي بعد ساعات فقط من تشديد الرئيس بوتفليقة على أهمية رفع الجمود عن العلاقات بين البلدين. واعتبر في حوار مع القناة الفرنسية الأولى، بث مساء الإثنين، أن فرنسا تخلّت عن الجزائر وقت الحاجة، مستشهداً بالتعاون العسكري المنعدم بين البلدين على رغم قرب المسافة بينهما وكونهما ينتميان الى منطقة "يُعد أمنها مشتركاً". وبعدما أشار الى التجارب النووية والكيماوية التي قامت بها فرنسا في صحراء الجزائر مطلع الستينات، خلص إلى أن التعاون العسكري مع فرنسا ينبغي أن يحصل قريباً. وذكّر بأن الجزائر "واجهت الإرهاب" بمعدات إقتنتها من دول أخرى بعدما رفضت فرنسا، مطلع التسعينات، تقديم "يد العون". وهذه المرة الأولى التي يشير فيها بوتفليقة إلى نيته في معالجة ملف التعاون العسكري بين البلدين. وكانت للجزائر علاقات عسكرية مع الإتحاد السوفياتي في السبعينات، ثم مع أميركا وكندا في التسعينات، قبل أن تفتح باب التعاون، سنة 1998، مع جنوب إفريقيا ضمن سياسة إنفتاح المؤسسة العسكرية الجزائرية على دول العالم. ويبدو أن المحادثات "الودية" التي أجرها بوتفليقة مع الرجل الثاني في هرم الحكم الفرنسي، رئيس مجلس الشيوخ، حققت الغرض منها. إذ تم تأكيد ان الرئيس شيراك سيزور الجزائر مطلع السنة 2000. وتم الإتفاق على بدء تحديد الجوانب البروتوكولية المتعلقة بالزيارة مباشرة بعد شهر رمضان. وكان المسؤول الفرنسي أكد الإثنين أن الجزائروفرنسا "بلدان مستقلان يحترمان بعضهما بعضاً ولهما دور في حوض البحر المتوسط". وأضاف في تصريح عقب لقائه مع بوتفليقة أن "تعزيز التعاون في المتوسط لا يمكن أن يتم الا في السلم". وعبر عن أمنيته بأن "تسترجع الجزائر، هذا البلد الذي نتمسك به لمختلف الأسباب، هدوءاً يسمح ببعث التنمية الصناعية".