قال التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 1998 ان الميزان التجاري الكلي للدول العربية تحسن تحسنا نسبياً عام 1996 انعكس في انخفاض العجز الى نحو 344 مليون دولار من ثلاثة بلايين دولار في عام 1995. واشار التقرير الى ان العديد من الدول العربية استمر خلال عام 1997 في بذل الجهود لتقليل القيود على الصرف والعمل على تحقيق وتثبيت قابلية العملات الوطنية للتحويل لاغراض المعاملات التجارية. وارتفع صافي التدفقات الاستثمارية طويلة الاجل الى دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا خلال عام 1997 ليبلغ نحو 17.5 بليون دولار، أي نحو ضعفي ما كان عليه في العام السابق. وواصلت الدول العربية المانحة للعون خلال عام 1997 تقديم المساعدات الانمائية بشروط ميسرة، اضافة الى المساعدات المالية والعينية التي تقدمها كمنح غير مستردة . وبلغ اجمالي العون المقدم نحو 1.134 بليون دولار قدمت السعودية الجزء الاكبر منه بنسبة 60.9 في المئة. واشار التقرير الى ان نسبة الدول العربية المصادقة على اتفاقية التبادل التجاري بين الدول العربية بلغ بنهاية عام 1997 18 دولة. وفي ما يأتي ملخص لتطور الاقتصادات العربية: موازين المدفوعات والدين العام الخارجي ونظم الصرف في مجال موازين المدفوعات انعكس التحسن الذي حققته الدول العربية في قطاع التجارة الخارجية خلال عام 1996 على وضع موازينها التجارية اذ سجلت اعلى مستوى للفائض في ذلك الميزان منذ عام 1991 بسبب النمو الملحوظ الذي شهدته الصادرات بمعدل فاق الارتفاع الحاصل في الواردات. ويعزى الارتفاع في الصادرات خلال عام 1996 الى الارتفاع في الاسعار العالمية للنفط خلال العام المذكور، كما يمكن ان يعزى في جانب منه الى النتائج الايجابية المتحققة من سياسات الاصلاح الاقتصادي التي انتهجتها هذه الدول. وأدت التطورات الايجابية التي شهدتها الموازين التجارية لمجموع الدول العربية خلال عام 1996، وتقلص العجز في بند صافي التحويلات، الى حدوث تحسن كبير في وضع الحساب الجاري المجموع للدول العربية للعام المذكور بحيث تحول من وضع العجز الذي كان عليه لفترة طويلة الى فائض ملموس يقدر بنحو 8.7 بليون دولار. ووفقاً للتطورات في حساب رأس المال وبند صافي السهو والخطأ فقط اظهر الميزان الكلي للدول العربية لعام 1996 تحسناً نسبياً انعكس في الانخفاض الكبير في مستوى العجز فيه، اذ انخفض العجز خلال ذلك العام الى نحو 377 مليون دولار مقابل نحو ثلاثة بلايين دولار في عام 1995. اما بالنسبة لعام 1997، فتشير البيانات الاولية المتاحة الى استمرار الفائض الجاري المجمع للدول العربية وذلك على رغم توقع انخفاض مستواه عما عليه في العام السابق. وتجدر الاشارة في هذا الصدد الى ان نسبة هذا العجز الى اجمالي الناتج المحلي سجلت انخفاضاً مستمراً خلال الاعوام الاخيرة قبل ان يتحول وضع الميزان الى فائض في العامين 1996 او 1997، وهو ما يعكس في جزء منه نجاح جهود التصحيح الاقتصادي التي تطبقها الدول العربية وصولاً الى التوازن الداخلي والخارجي في اقتصاداتها. وواصلت الاحتياطات الرسمية الخارجية ارتفاعها المستمر منذ بداية التسعينات لتبلغ نحو 65.7 بليون دولار في نهاية عام 1996 ولترتفع الى 74.0 بليون دولار في نهاية عام 1997، اي بمعدل زيادة قدرها 12.6 في المئة، ويلاحظ ان نسبة تغطية الاحتياطات الرسمية الخارجية لقيمة واردات الدول العربية ككل ارتفعت من 5.8 شهر في عام 1996 الى 6.1 شهر في عام 1997. وبالنسبة للمديونية الخارجية، فقد سجل وضع المديونية الخارجية لمجموع الدول العربية المقترضة تحسناً نسبياً خلال عام 1996 بالمقارنة مع العام السابق وذلك من حيث القيمة الاجمالية وكنسبة لاجمالي الناتج المحلي، فقد انخفض اجمالي الدين القائم بالنسبة للدول العربية المقترضة من 158.5 بليون دولار في عام 1995 الى 156.9 بليون دولار في عام 1996 وانخفضت نسبته الى اجمالي الناتج المحلي من نحو 74.4 في المئة الى 66.8 في المئة عام 1996. كما سجلت خدمة الدين العام الخارجي للدول المقترضة الى اجمالي الصادرات من السلع والخدمات انخفاضاً بنحو نقطتين مئويتين عن مستواها في العام السابق لتبلغ 17.6 في المئة، ويتوقع ان يستمر هذا الاتجاه بفضل السياسات التي انتهجتها الدول العربية في هذا المجال والرامية الى ضبط عملية الاستدانة من الخارج، والاعتماد بدرجة اكبر على التدفقات الاجنبية التي لا تضيف الى المديونية الخارجية. وفي مجال نظم الصرف، استمر العديد من الدول العربية خلال عام 1997 في الجهود المبذولة لتقليل القيود على الصرف والعمل على تحقيق وتثبيت قابلية العملات الوطنية للتحويل لاغراض المعاملات الجارية، وتحرير حركة رأس المال، وذلك في اطار سياسات التصحيح الاقتصادي والاصلاح الهيكلي الرامية الى ازالة التشوهات ورفع كفاءة الاقتصاد ككل، وتحسين مناخ الاستثمار لجذب التدفقات من الاستثمار الاجنبي، وضمت قائمة الدول التي اتخذت اجراءات جديدة لتحرير المدفوعات كل من الاردن وتونس والمغرب. التدفقات الاستثمارية الى الدول العربية ارتفع صافي التدفقات طويلة الاجل الى دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا خلال عام 1997 ليبلغ 17.5 بليون دولار، اي اكثر من ضعفي ما كان عليه في العام السابق. ونتج عن ذلك ارتفاع مماثل في نصيب هذه المجموعة من مجمل صافي هذه التدفقات الى الدول النامية في ذلك العام ولعل ما يميز عام 1997 عن الأعوام السابقة هو الارتفاع الكبير في صافي التدفقات الخاصة الى دول هذه المجموعة والتي تشمل التدفقات من الدين الخاص في صورة قروض مصرفية واصدار سندات وكذلك التدفقات من الاستثمارات المباشرة واستثمارات الحافظة. فقد بلغت هذه التدفقات 14 بليون دولار خلال عام 1997، اي سبعة امثال ما كانت عليه في السابق. ويعود ذلك الى النتائج الايجابية للجهود التي بذلتها هذه الدول بهذا الشأن والتي انعكست بصورة خاصة في تحسن جدارتها الائتمانية وبالتالي تعزيز قدرتها على الوصول الى الأسواق المالية العالمية، وتحسين مناخها الاستثماري وقدرتها على جذب الاستثمارات الاجنبية المباشرة واستثمارات الحافظة. وبذلت الدول العربية جهوداً كبيرة خلال الاعوام السابقة لخلق البيئة الاقتصادية المستقرة من خلال السياسات الاقتصادية التي انتهجتها وخاصة في المجالين المالي والنقدي. كما عمدت هذه الدول الى اقرار قوانين جديدة وتعديل التشريعات السائدة من اجل تهيئة البيئة التشريعية والقانونية والادارية المشجعة للاستثمار. وبالاضافة الى ذلك، ساهمت الجهود المبذولة لتطوير اسواق الأوراق المالية والاجهزة المصرفية في تعزيز دور هذه الآليات والقنوات في جذب التدفقات الاستثمارية الخاصة الى الدول العربية. وتجدر الاشارة الى ان صافي التدفقات من الدين الخاص الى دول المجموعة بلغ خلال عام 1997 حوالى 10 بلايين دولار استفاد من معظمه الجزائر ومصر ولبنان في صورة قروض مصرفية واصدارات للسندات بلغت قيمتها 7.5 بليون دولار. كما بلغ صافي التدفقات من الدين الخاص الى دول المجموعة بلغ خلال عام 1997 حوالى 10 بلايين دولار استفاد من معظمه الجزائر ومصر ولبنان في صورة قروض مصرفية وإصدارات للسندات بلغت قيمتها نحو 7.5 بليون دولار. كما بلغ صافي التدفقات من الاستثمارات المباشرة خلال العام نفسه نحو 2.6 بليون دولار كان نصيب مصر ولبنان والمغرب وتونس منها قرابة بليوني دولار. وأخيراً، بلغت التدفقات من استثمارات الحافظة قرابة 1.6 بليون دولار كانت مصر والبحرين اهم المستفيدين منها. وعلى رغم هذه التطورات، فان نصيب دول المجموعة من صافي التدفقات طويلة الاجل الى الدول النامية هو الأقل بين المجاميع الاقليمية الاخرى، اذ بلغ 2.6 في المئة فقط خلال عام 1997. كما ان نصيب دول هذه المجموعة من صافي التدفقات الخاصة خلال عام 1996 كان هو الأقل ايضاً وذلك بنسبة 0.8 في المئة، وارتفع بعض الشيء خلال عام 1997 ليبلغ 5.5 في المئة، الا انه لا يزال متدنياً بالمقارنة مع دول مجموعة اميركا اللاتينية 36.9 في المئة ودول مجموعة شرق آسيا 34.8 في المئة. ويرجع ذلك الى وجود عدد من العوائق تجعل من دول هذه المجنوعة، وبصورة متفاوتة، اقل قدرة على اجتذاب هذه التدفقات، منها النقص في كفاءة الاجراءات الادارية المصاحبة للنشاط الاستثماري، ووجود قيود امام تملك القطاع الخاص ومشاركته في انشطة بعض القطاعات، بالاضافة الى عدم كفاية آليات التسوية وفض المنازعات. كذلك، فان من هذه المعوقات عدم كفاية البنى التحتية والنقص في العمالة الفنية اللازمة لبعض الانشطة الاستثمارية في بعض هذه الدول. وبالاضافة الى ذلك فان بعض الدول العربية لا تزال تفرض قيوداً على تحويل وانتقال رؤوس الأموال وأسعار الصرف. وأخيراً فإن من المعوقات ايضاً النقص في الشفافية المرتبطة بالاحكام والقوانين والاجراءات في العديد من هذه الدول. ولا شك ان تذليل هذه المعوقات من شأنه ان يساهم في زيادة التدفقات الاستثمارية الى الدول العربية ويزيد من نصيبها من مجمل هذه التدفقات الى الدول النامية. الا ان التجارب اظهرت ان لهذه التدفقات منافع مصاحبة لها كما ان لها آثاراً سلبية. ومن المنافع المصاحبة لها تخفيف القيد الخارجي الذي يحد في الكثير من الحالات من قدرة الاقتصاد على النمو، وتخفيض معدلات الفائدة المحلية، ورفع معدلات الاستثمار وتوجيهه نحو المشاريع الاكثر انتاجية بالاضافة الى تعزيز كفاءة القطاع المالي والمصرفي وتعميق ورفع القدرة التنافسية للاقتصاد لما تنطوي عليه هذه التدفقات من خبرات وتقنيات جديدة. ومن جانب آخر، فان الآثار السلبية المحتملة لهذه التدفقات تشمل تعريض الاقتصاد المتلقي لها الى مصادر جديدة من الصدمات على صعيد الاقتصاد الدولي وتوسيع آثار الصدمات المحلية، وارتفاع العجز في الحساب الجاري، وارتفاع معدلات التضخم، وتضخيم آثار التقلبات في الاسواق المالية العالمية على الاسواق المحلية، وزيادة تقلبات اسعار الاسهم المحلية بالاضافة الى ما قد ينتج من آثار من جراء التحول السريع والكبير في اتجاه هذه التدفقات نتيجة التحول في النظرة الدولية لجدارة ائتمان الاقتصاد المعني. ولذلك، فانه ومن اجل تعظيم الاستفادة من المنافع المصاحبة لهذه التدفقات، والتقليل من الآثار السلبية المحتملة لها، اظهرت التجارب اهمية تحقيق وضع مالي حكومي قوي قابل للاستمرار، وإزالة التشوهات الكبيرة في الأسعار المحلية، وتأمين سلامة النظام المصرفي في اطار فعال للرقابة المصرفية، وإرساء مقومات بنية سليمة لتعامل اسواق الاوراق المالية والاشراف عليها. ومن جانب آخر، وفيما يتعلق بالتدفقات الاستثمارية بين الدول العربية، تشير البيانات الى ان الاستثمارات التي تم التصديق عليها حققت قفزة كبيرة في الحجم خلال الفترة منذ عام 1995 بالمقارنة مع الاعوام السابقة. فبعد ان كانت تتراوح ما بين 364 و922 مليون دولار، ارتفعت هذه الاستثمارات خلال الاعوام الثلاثة منذ عام 1995 فأصبحت تتراوح ما بين بليون ونصف وبليوني دولار. ولقد استفاد من معظم هذه الاستثمارات لبنان وسورية والأردن ومصر والسودان. ومع ذلك تبقى هذه الاستثمارات متدنية بالمقارنة مع احجام الاستثمارات المماثلة في الاقاليم الدولية الاخرى، ويتعين على الدول العربية العمل على تذليل المعوقات التي تحول دون انسياب الاستثمارات فيما بينها ونموها الى المستوى المنشود. ولقد كان هذا الامر موضوع جهد عربي كبير تمخض عنه انشاء المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وإقرار الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية التي اكدت على مبدأ حرية وتسهيل انتقال هذه الاموال بين الدول العربية وعلى مبدأ المواطنة الاقتصادية للاستثمارات العربية وضرورة منحها مزايا تفضيلية. ولعل من اهم التطورات في هذا الشأن تنامي عدد اتفاقيات الادراج المشترك واتفقايات التعاون بين اسواق الأوراق المالية في الدول العربية والذي ادى الى خلق وسيلة عملية لتسهيل انتقال رؤوس الأموال بين الدول العربية يمكن لها اذا تم تعزيزها ان تلعب دوراً كبيراً في زيادة الاستثمارات العربية البينية. العون الانمائي العربي يتميز العون الانمائي العربي، الثنائي ومتعدد الاطراف، بشروطه الميسرة سواء من حيث انخفاض اسعار الفائدة وطول فترات السماح والسداد وارتفاع عنصر المنحة في عملياته، او لكونه عوناً غير مشروط، الامر الذي يتيح للجهة المستفيدة امكانية ادارة واستغلال تلك الموارد بكلفة اقل وبمرونة اكبر تتفق وخطط التنمية وسياسات الاصلاح الاقتصادي التي تتبعها. وواصلت الدول العربية المانحة للعون تقديم المساعدات الانمائية بشروط ميسرة، اضافة إلى المساعدات المالية والعينية التي تقدمها كمنح غير مستردة. وبلغ اجمالي العون الانمائي العربي في عام 1996 نحو 134،1 بليون دولار. وقدمت السعودية منه 9،60 في المئة والكويت 3،36 في المئة والامارات 7،2 في المئة، وبذلك تكون الدول العربية المانحة قدمت خلال الفترة 1970-1996 حوالى 3،103 بليون دولار، قدمت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية منه 6،96 بليون دولار، وقدمت الباقي بقية الدول العربية المانحة. ويمثل هذا العون أحد أهم أشكال التعاون بين الدول العربية وبينها وبين الدول النامية الشقيقة والصديقة من جهة أخرى. وبمعيار نسبة المساعدات الانمائية إلى اجمالي الناتج المحلي، قدمت الكويت والسعودية والإمارات في عام 1996 ما نسبته 2،1 و5،0 و1،0 في المئة على التوالي، وبمتوسط قدره 5،0 في المئة، وهو ما يفوق بدرجة ملحوظة نسبة المساعدات المقدمة من دول لجنة مساعدات التنمية داك الى اجمالي انتاجها القومي، وتمر المساعدات العربية الانمائية عبر قنوات متعددة أهمها المساعدات الثنائية وصناديق التمويل الانمائي الوطنية ومساهمات الدول العربية في المؤسسات الاقليمية والدولية العاملة في حقل التنمية. وشكلت المساعدات الثنائية القسم الأكبر من تدفقات العون الانمائي العربي، إذ بلغت نسبتها حوالى 88 في المئة خلال الفترة 1984-1994 من اجمالي تدفقات العون الانمائي العربي، بينما بلغت نسبة مساهمات المؤسسات الوطنية والمتعددة الأطراف بحوالى 12 في المئة من اجمالي هذه التدفقات. وتساهم مجموعة صناديق مؤسسات التنمية العربية الوطنية والاقليمية في تمويل مشاريع التنمية، وبلغ المجموع التراكمي لالتزامات العمليات التمويلية لهذه المؤسسات بنهاية عام 1997 حوالى 3،47 بليون دولار، بلغ نصيب الدول العربية منها حوالى 7،61 في المئة، والدول الافريقية حوالى 1،15 في المئة والدول الآسيوية نحو 2،21 في المئة، ودول أميركا اللاتينية وبعض الدول الأخرى نحو اثنين في المئة. أما بالنسبة للتوزيع القطاعي لهذه العمليات فقد حازت قطاعات البنى الأساسية وتشمل الطاقة والنقل والاتصالات والمياه على أكثر من نصف قيمة هذه العمليات، واقتسم قطاعا الزراعة والصناعة حوالى الثلث من مجمل قيمة هذه العمليات.