وجه وزير دفاع دولة الامارات ولي عهد دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نداء للالتزام بالحد الأدنى من الثوابت العربية في ما يتعلق بالمفاوضات العربية - الاسرائيلية، فيما دعا الاسرائيليين الى التضحية بالأفكار التي يحملونها بهدف ايجاد سلام عادل وشامل في المنطقة. وقال: "انه لا بد ان يكون هناك حد أدنى لتحقيق السلام مع اسرائيل.. والحد الأدنى ان لا نضيع القدس". وتساءل: "كيف يمكن للأمتين العربية والاسلامية الاحتفال بالاسراء والمعراج والقدس محتلة"، مضيفاً: "اتمنى على الفلسطينيين ان يكون لهم حد أدنى وان لا يغفلوا عن القدس الشريف لأنها لا تخصهم وحدهم فهي تخص ملايين العرب والمسلمين في العالم". وأضاف في مؤتمر صحافي شامل الليلة قبل الماضية حضره عدد من قيادات العمل الاعلامي العربي، على هامش افتتاح نادي دبي للصحافة: "حتى نتفق ويعم السلام في المنطقة يجب على الجميع ان يدفع الثمن، ان تكون هناك تضحيات من جميع الاطراف، ولكن لا بد لنا من المطالبة بالحد الأدنى حتى نتمكن من العيش بسلام مع اسرائيل ويكون هناك حوار صادق ليسود الأمن العالم كله". واعتبر وزير دفاع دولة الامارات ان العرب قادرين على منافسة الاسرائيليين اقتصادياً بقوة بعد احلال السلام. وقال: "ليس لدي أدنى شك في قدرتنا على مواجهتهم اقتصادياً وتجارياً.. ففي الدول العربية عقول ناضجة لديها امكانات كبيرة ونجحت على اكثر من صعيد… ولا خوف من سيطرة اسرائيل على الاقتصادات العربية بعد احلال السلام..". ونفى ولي عهد دبي رداً على سؤال حول وجود اختلاف في موقفي ابو ظبي ودبي بشأن قضية احتلال ايران لجزر الامارات الثلاث، وقال: "لا توجد سياستين في دولة الامارات هناك سياسة واحدة يرسيها رئيس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وكلمته تعبر عن سياستنا… الشيخ زايد قال ايران دولة جارة ومسلمة وندعوها ان تتفاوض بشأن الجزر، واذا لم نتوصل الى أي حل فأن ترفع الأمر الى التحكيم الدولي". وأضاف قائلاً: "الشيخ زايد يحرص دائماً على مناشدة الايرانيين لحل المشكلة سلمياً، ولم نقل يوماً اننا نريد مشاكل مع ايران.. هذه هي سياستنا كما اعلنها مراراً رئيس الدولة، حيث اكد ان مشكلتنا مع الجارة المسلمة ايران يمكن ان نتوصل الى حل بشأنها بالمفاوضات المباشرة سلمياً، وان لم نتمكن من ذلك نلجأ الى المحاكم، واظن ان ايران لجأت الى المحاكم الدولية في السابق عندما جمدت الولاياتالمتحدة أموالها، ونأمل ان نتوصل الى حل مع ايران في القريب". ورأى ولي عهد دبي ان دول الخليج لم تكن مسؤولة عن تكديس السلاح في الخليج. وقال: "ليس ذنبنا وجود السلاح الاجنبي في الخليج، فالتواجد العسكري الاجنبي بدأ منذ حرب الناقلات في حرب الخليج الاولى، وزادت وتيرة التواجد في حرب الخليج الثانية، هذه ليست ارادتنا ولم نكن مسؤولين عنها ولكن فرضت علينا، ان حماية الخليج من مهام اهله ولكن الظروف تكون صعبة في بعض الاحيان". وحول طلب اليمن الانضمام الى مجموعة دول مجلس التعاون الخليجي، قال: "ان المناقشة حول الموضوع لم تتضح بعد، لكن بنظرة اشمل اعتبر اننا كلنا عرب ولا بد ان نذوب خلافاتنا وان نضع حداً سريعاً لها، واذا تأخرنا عن ذلك فان قطار التقدم في العالم سيفوتنا"، مضيفاً: "اننا نريد وحدة ابعد وأشمل تدخلنا في التجارة والمعلومات وتجعلنا نواكب التطورات العالمية المتسارعة في جميع المجالات، وتجعلنا قادرين على حماية انفسنا في مواجهة المتغيرات الاقليمية والدولية السياسية والاقتصادية والمعلوماتية والاجتماعية". وأكد الشيخ محمد آل مكتوم ان العلاقات الخليجية جيدة وتتطور بشكل تدريجي على مختلف الأصعدة، نافياً وجود خلافات عميقة بشأن الحدود مشيراً الى انه يجري ترسيمها ضمن جداول زمنية محددة، وهي لا تشكل عائقاً امام تطور علاقاتها لأننا اخوة نسير في طريق واحد وقادتنا قادرون على تحقيق المصلحة المشتركة والمصير الواحد. وفي دولة الامارات لا يوجد خلاف حدود بين اماراتها لأنها بلد واحد ورئيسها واحد، اما بالنسبة للحدود الاماراتية - العمانية فجار العمل على اعادة تخطيط حدود بعض المناطق، وهناك لجنة تعمل بشكل جيد، وكذلك الامر بالنسبة للحدود مع السعودية. أما بالنسبة للسوق الخليجية المشتركة فقال انها ستتحقق، ونحن نريد في هذا الاطار سوقاً عربية لمواجهة التحديات الجديدة في العالم التي ستبرز مع تطبيق اتفاقات منظمة التجارة العالمية بعد سنوات حيث سيكون هناك "عالم بلا حدود". و نفى ولي عهد دبي ان تكون دبي ودولة الامارات بشكل عام تعيق التوصل الى تعرفة جمركية خليجية موحدة. وقال: "الامارات مع اخوانها تضحي معهم كل في بلده ولا اعتقد ان اخواننا في الخليج يريدون لنا ان نتضرر من تطبيق اي اتفاق خليجي اقتصادي مقترح… ان اسواق الامارات مفتوحة للمنتجات الخليجية المدعومة وتباع تلك المنتجات كأنها وطنية على رغم انها تنافس بقوة منتجاتنا الوطنية غير المدعومة، وقررنا ان نواصل فتح تلك الأسواق لأخواننا لأن الامارات بلدهم ايضا، وهنا اقول ان التعرفة الجمركية ليست العائد الوحيد فهنالك العديد من العوائد التي نأمل بحلها في المستقبل". وحول الديموقراطية في الامارات قال: "نحن نعتبر ان دولتنا هي اهل الديموقراطية، فالمواطن يستطيع ان يرى رئيس الدولة، كما يستطيع المواطن ان يتكلم في كل ما يريده في حدود الا يجرح شخصاً آخر، والحرية لدينا تسير بشكل طبيعي وتدريجي". وأضاف في هذا الصدد: "انظروا ماذا فعلت الحرية والديموقراطية في روسيا، كانت سريعة ومغلوطة وألحقت بالدولة العظمى كوارث ودماراً، فيما الديموقراطية المتدرجة والمدروسة والمسؤولة التي سارت عليها الصين جعلتها تحقق أعلى معدلات النمو الاقتصادي في العالم… اما نحن في الامارات فأرى اننا نسير على طريق الديموقراطية في حدود ان لا يضر مواطن بغيره ويعيش آمناً بحياة كريمة ويقول رأيه باستمرار". واعتبر ان "الديموقراطية هي مضمون وليس بالشكل". وحول قضية اتهام قائد شرطة دبي الموساد بالعمل على زعزعة اقتصاد الامارات وبعض دول الخليج، قال: "ان قائد شرطة لا يتكلم من فراغ.. ولدينا أدلة على تورط اسرائيل في تزوير عملة بحرينية، و تلك الأدلة لا تطرح في مؤتمرات صحافية، لكنني اريد التأكيد ان جميع الدول العربية والخليجية مستهدفة من قبل اسرائيل فالأخيرة يهمها مصلحتها فحسب". وحض ولي عهد دبي الدول العربية على التكامل في ما بينها، وعلى تسريع التعاون بين الحكومات ورجال الاعمال. وقال: "اننا نعيش في عصر المعلومات والتكنولوجيا، وعلى العرب استغلال ما تتيحه المعلومات لتطوير اقتصاداتها، والامارات مستعدة لأي تعاون يصب في مصلحة الجميع"، مشيراً الى وجود مجالات واسعة للتعاون التكنولوجي بين مدينة دبي للانترنت التي تأسست حديثاً وبين صناعة البرمجيات العربية في مصر والأردن وسورية. ووجه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نداء الى الخبراء والمستثمرين العرب للعودة الى الوطن العربي الذي باتت دول عديدة فيه توفر مزايا استثمارية واسعة وقوانين مرنة وعوائد مجزية. وقال: "يجود آلاف العرب الخبراء في البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات يمكنهم الآن العودة الى الوطن، فمدينة دبي للانترنت وهي اول منطقة للتجارة الالكترونية الحرة في العالم يمكنها ان تكون مكاناً جيداً لهم لتطوير اعمالهم وسد احتياجات المنطقة في المعلومات والبرمجيات والتكنولوجيا". ولفت الى ان قوانين الامارات تتيح مجالات واسعة للعرب والأجانب للاستثمار فيها بما فيها سوق الاسهم المحلية التي تسمح للأجانب بالاستثمار فيها بنسبة تصل الى 49 في المئة، اما تحديد النسبة بشكل اكثر فيعود الى قوانين الشركة نفسها فبعض الشركات يحصر اسهمه في مواطني الامارات، وبعضها الآخر يمنحهم نسبة محددة، والبعض الآخر يصل الى الحد الاقصى وهو 49 في المئة. واعتبر ولي عهد دبي ان التخصيص في الامارة قادم، وعندما يحين الوقت ستعمل حكومة الامارة على تخصيص بعض مؤسساتها، لافتاً الى ان مفهوم دبي للتخصيص ينطلق من انه لا يمكن طرح اسهم شركة حكومية على القطاع الخاص اذا كانت تلك الشركة لا تحقق فوائد مجزية، وذلك خلافاً لمفهوم التخصيص في الدول العربية والذي تركز في المرحلة السابقة على التخلص من الشركات الحكومية الخاسرة عن طريق بيعها للقطاع الخاص، مؤكداً في هذا الصدد ان معظم مؤسسات دبي الحكومية تحقق أرباحاً، وهي تعمل على اسس تجارية بحتة، ضارباً مثلاً بذلك طيران الامارات الحكومية التي تدار منذ تأسيسها على اسس تجارية.